المغرب نموذج للاستقرار والنمو في منطقته

 

في تحليل متعمق لصالح خدمات الاستخبارات الجيوسياسية (GIS)، تتناول خبيرة الشؤون الإفريقية تيريزا نوغيرا ​​بينتو الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي شهدتها العقدين الماضيين والتي سمحت للمغرب بتعزيز استقراره وتأكيد مكانته كقوة متوسطة. وتحت قيادة الملك محمد السادس، استجابت المملكة للتحديات الإقليمية والدولية من خلال تطوير نموذج فريد للحوكمة في المنطقة. ومع ذلك، وعلى الرغم من التقدم الملحوظ، فإن نقاط الضعف الداخلية والتهديدات الإقليمية لا تزال قائمة.

على مدى العقدين الماضيين، أحرز المغرب تقدما كبيرا نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي، وذلك بفضل سلسلة من الإصلاحات الاستراتيجية التي تم تنفيذها تحت قيادة الملك محمد السادس. وفي مواجهة التحديات التي فرضتها حركات الربيع العربي الاحتجاجية، استجاب المغرب بإصلاحات مؤسسية واقتصادية عززت السلام الاجتماعي وعززت جاذبيته الدولية.

حوكمة فريدة من نوعها

لعب نظام الحكم المغربي، الذي يتميز بالملكية الراسخة والسلطة الملكية القوية، دورا مركزيا في إدارة الأزمات، خاصة خلال احتجاجات عام 2011، حسبما تؤكد تيريزا نوغيرا ​​بينتو. وعلى عكس الدول الأخرى في المنطقة، تمكن المغرب من تجنب العنف واسع النطاق، واختار إدخال إصلاحات سياسية بدلاً من قمع الاحتجاجات. وفي وقت مبكر من مارس/آذار 2011، أعلن الملك محمد السادس عن تغييرات مهمة، مثل المراجعة الدستورية التي عززت دور البرلمان وقدمت ضمانات لصالح حرية التعبير وحقوق المرأة.

وقد سمح هذا النهج التدريجي والمنسق للإصلاحات للمغرب بإرساء استقرار سياسي دائم، حتى لو ظلت التحديات قائمة. وهكذا تجنبت المملكة الاضطرابات السياسية التي شهدتها تونس ومصر وليبيا، والتي اتسمت تحولاتها في مرحلة ما بعد الربيع العربي باضطرابات طويلة الأمد.

النمو والتنوع الاقتصادي

وقد صاحب النمو الاقتصادي في المغرب سياسات صناعية طموحة، مثل خطة التسريع الصناعي (2014-2020)، التي عززت القطاعات الرئيسية مثل السيارات والطيران. وقد عززت هذه المبادرات القدرة التنافسية للبلاد في السوق العالمية وجذبت الاستثمار الأجنبي المباشر، وخاصة من أوروبا ودول الخليج.

وفي الوقت نفسه، قام المغرب بتنويع شراكاته الاقتصادية، متوجهًا نحو أفريقيا جنوب الصحراء، خاصة منذ عودته إلى الاتحاد الأفريقي في عام 2017. وقد ساهمت عملية إعادة الإدماج هذه في تطوير مشاريع البنية التحتية، فضلا عن الاستثمارات في قطاعي الطاقة والموارد الطبيعية. في عدة دول أفريقية.

تحديات الإصلاحات الاجتماعية والهيكلية

وعلى الرغم من هذه النجاحات، لا يزال المغرب يواجه تحديات اقتصادية كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بالنمو الشامل والبطالة بين الشباب، والتي تصل إلى ما يقرب من 23٪. ويهدف نموذج التنمية الجديد الذي تم إطلاقه في عام 2021 إلى الاستجابة لهذه التحديات الهيكلية. ويقدم حلولاً هادفة لتحسين القدرة التنافسية الاقتصادية وإصلاح النظام القضائي وتحقيق اللامركزية في الحكم. ويشكل الإلغاء التدريجي للدعم، وخاصة الدعم على منتجات الطاقة، خطوة أساسية في إعادة توجيه الموارد العامة نحو القطاعات الاستراتيجية.

الاستقرار الإقليمي وتحديات المستقبل

ولا يزال المغرب يواجه، بحسب الخبير في الشؤون الإفريقية، تهديدات داخلية وخارجية، مثل ضغط الهجرة. كما أن المخاطر المناخية، مثل الجفاف المتكرر، تضعف الزراعة، وهي قطاع حيوي للاقتصاد الوطني. ومع ذلك، فإن المملكة في وضع جيد لمواصلة مسار النمو. ومن شأن التنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم سنة 2030، وتنفيذ الاستراتيجية الرقمية 2030 والاستثمارات في التكنولوجيات الناشئة، أن يساعد في الحفاظ على زخم الإصلاحات وتعزيز مكانة المغرب كقوة متوسطة.

نموذج يصعب تكراره

على الرغم من أن الإصلاحات المغربية تقدم مثالا على الاستقرار والتحول في منطقة المغرب العربي، إلا أنه من الصعب تطبيقها على المنطقة، وفقا لتيريزا نوغيرا ​​بينتو. إن الجمع بين القيادة القوية والنظام الملكي المستقر يسمح للمغرب بالتعامل بمهارة مع الاضطرابات الجيوسياسية. ويقول الخبير إن بلدان المغرب العربي الأخرى، التي تواجه تحولات سياسية غير مؤكدة وتحديات اقتصادية هيكلية، تكافح من أجل إعادة إنتاج هذا النموذج.

ترجمة موقع الفكر 

اصل الخبر 

https://fr.hespress.com/384911-le-maroc-un-modele-unique-de-stabilite-et...