أصبحت أفريقيا اليوم مسرحاً لمنافسة عالمية شديدة، حيث تتنافس القوى العظمى لكسب الأرض. وفي حين نجحت الصين في ترسيخ وجودها في القارة، فإن الهند، العملاق الناشئ في آسيا، لم تتخلف عن الركب. تمثل الجولة الأخيرة التي قام بها الرئيس الهندي دروبادي مورمو في أفريقيا مرحلة جديدة في طموحات نيودلهي في سعيها إلى موازنة نفوذ بكين المتزايد. وتطرح هذه الديناميكية سؤالاً بالغ الأهمية: ماذا تريد الهند حقاً في أفريقيا، وكيف تضع نفسها في العلاقة مع جارتها الصينية؟
جولة استراتيجية: الجزائر، موريتانيا، ملاوي
جولة دروبادي مورمو التي بدأت بالجزائر قبل أن تمر بموريتانيا ومالاوي، لم تكن نتيجة الصدفة. وتتمتع كل من هذه البلدان بموارد طبيعية حيوية بالنسبة للهند: النحاس، أو الفوسفات، بل وحتى الليثيوم، الذي يشكل ضرورة أساسية للتكنولوجيات الجديدة. وتتولى موريتانيا، برئاسة محمد ولد الشيخ الغزواني، الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، وهو عامل رئيسي للنفوذ الدبلوماسي الهندي.
فالاقتصاد الهندي مزدهر، واحتياجاته من المواد الخام هائلة. وتمثل الجزائر باحتياطياتها من الغاز والنفط، ومالاوي “قلب أفريقيا الدافئ” الغنية بالموارد، شركاء استراتيجيين لنيودلهي. كما تعمل هذه العلاقات على تعزيز مكانة الهند في القطاعات الرئيسية مثل الدفاع والسكك الحديدية والتكنولوجيا. ومن ثم فإن هذا الهجوم الدبلوماسي يهدف إلى تنويع إمدادات الهند وتقليل اعتمادها على الصين.
وإذا كانت الصين قادرة على ترسيخ وجودها في أفريقيا، وخاصة من خلال استثمارات كبيرة في البنية التحتية، فإن الهند تقدم نهجا مختلفا. بفضل ماضيها كدولة "عدم الانحياز" وعضوا في مجموعة البريكس، تضع الهند نفسها كشريك طبيعي للعديد من الدول الأفريقية التي تسعى إلى تحرير نفسها من النفوذ الغربي وإعادة تحديد علاقاتها الدولية. ومن ثم فإن نيودلهي تقدم بدائل في عدة مجالات: الاقتصاد والثقافة والتعليم والتكنولوجيا والصحة، مما يعزز مكانتها على الساحة الأفريقية.
المنافسة مع الصين: قضية عالمية
ولا يزال ظل الصين يخيم على المبادرات الهندية. وبينما تستثمر بكين بكثافة في البنية التحتية الإفريقية، تسعى الهند للاستفادة من نقاط قوتها لتأكيد نفسها. ولا يقتصر هذا الصراع على النفوذ على أفريقيا، بل إنه جزء من تنافس عالمي أوسع بين العملاقين الآسيويين. بالنسبة لإفريقيا، يمكن أن تصبح هذه المنافسة فرصة، تسمح لدول القارة بالاستفادة من العروض المتنوعة التي تقدمها القوى المختلفة.
https://www.afrik.com/l-inde-face-a-la-chine-une-nouvelle-course-pour-l-...