!!
الأسرة نواة المجتمع المعنية بصناعة كل أفراده، أي صناعة الشعب الذي هو أهم ركن من أركان الدولة، والذي من دونه لا دولة ولا سلطة ولا تنمية، ما يتطلب من الدولة الالتزام بواجبها الدستوري في حماية الأسرة من الانهيار، يقول الدستور (الدولة والمجتمع يحميان الأسرة).
فهل الدولة تقوم بواجبها في هذا الاتجاه، والتي ترى وتسمع بالانتشار الوبائي لظاهرة الطلاق من جهة، وترى أيضا وتسمع بتصدير عشرات الآلاف من الآباء الموريتانيين إلى أمريكا من جهة أخرى !!
الأسرة تتم بعقد زواج بين رجل وامرأة يرفع علاقتهما من عالم العواطف إلى عالم الحقوق، ناقلا العواطف المذكورة من مخبئها في النفوس إلى عالم الواقع، ما يجعل من العقد سالف الذكر مصدرا لحقوق تحكمها الشرائع والأخلاق والقوانين، لا مجرد عواطف نفسية متقلبة وغير ثابتة.
تطور العواطف إلى حقوق لا يمنع هو الآخر وجود زواج لم يمر بمرحلة العواطف ولم يخضع لقاعدة التطور تلك، مبني فقط على احترام الحقوق وصامد في وجه المؤثرات النفسية والخارجية، أي لا يتأثر بالتقلبات التي قد يتأثر بها الزواج المبني على العواطف وحدها دون احترام للحقوق، والذي لا ينتظر استمراره طويلا.
من هنا تكون محاولة أحد الزوجين العودة القهقرا نحو مرحلة العواطف السابقة على مرحلة الحقوق غير مفيدة لاستقرار العلاقة الزوجية، سواء كانت العلاقة مرت بمرحلة العواطف أم لم تمر بها.
إذن متى تمت العلاقة الزوجية فإنها تصبح محكومة بنظم الحقوق لا بنظم العواطف.
والحقوق تحكمها قواعد ثابتة لا تستجيب لتقلبات العواطف التي لا تستعاد بعد هروبها، وأشد استحالة من ذلك تصنع عواطف لم تخلق ولم تكن أصلا.
ومن هنا فإن أسباب الطلاق باتت تخضع في مجتنعنا لجوانب نفسية باطنية مرضية تطارد المشاعر الهاربة والوساوس تقليدا لما قد يشاهده البعض أو يسمعه في أفلام ومسلسلات أو قصص أو حكايات لا تحكمها الشريعة الإسلامية.
وفي هذا الاطار ننبه إلى ضرورة إقلاع الزوجات عن بعض ماتتيحه لهن ثقافتنا المحلية ك(الغيرة) بهدف تحقيق كسب مادي، والتي تتحول أحيانا إلى مهنة تؤمن لصاحبتها مصاريف غير مبرمجة أصلا، مايضع الزوج في ورطة حين تعود به إلى المرحلة العاطفية المشكوك في وجودها أصلا، ومايصاحب ذلك من مخاطر !!
وإذا عدنا إلى مابدأنا به أول مرة من كون الأسرة نواة للشعب، جاز لنا أن نتساءل :
هل تستطيع الدولة الاستقامة بركنين من أركانها فقط هما الأرض والسلطة متجاهلة للشعب ومتطلباته، أم لا بد لها من شعب ؟
أعتقد أن الشعب(المجتمع) هو أهم أركان الدولة، والأسرة هي نواته، وتلك الأسرة لا وجود لها من دون وجود آباء.
فلماذا تتغافل الدولة عن تلك الظروف الطاردة للآباء ؟
من هنا يكون على الدولة وقف تفاقم تلك الظروف، وأيضا عليها وقف هجرة الآباء وتصديرهم إلى الخارج، وعليها كذلك خلق فرص تؤمن للشباب عيشا كريما داخل الوطن يغنيهم عن الهجرة إلى بلاد لا ترحب بهم ولا تحترمهم وتوظفهم توظيفا غير مناسب.
والسلام عليكم رحمة الله.
المحامي