قال مركز “سترافور” الأمريكي للدراسات الأمنية والاستخباراتية (الذي يوصف بالمقرب من المخابرات الأمريكية) في تحليل له إن التوترات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب بشأن منطقة الصحراء الغربية تهدد بتصاعد الأعمال العدائية بين الجانبين على المستويين العسكري والاقتصادي.
ويؤكد التحليل أن الخصومة بين الجزائر والمغرب تعتبر من أكبر الخصومات في شمال أفريقيا لدرجة غلق الحدود البرية بين الجانبين بسبب نزاعهما المستمر منذ عقود حول الصحراء الغربية. وتسيطر السلطات المغربية على حوالي أربعة أخماس البلاد، أما البقية فتسيطر عليها جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، والتي أعلنت “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وتطالب بحق تقرير المصير على كامل الصحراء الغربية.
واعتبر أن حقوق الأمازيغ في منطقة القبائل الجبلية بالجزائر ستظل قضية خلافية في شمال أفريقيا، حيث تقوم كل من الرباط والجزائر في بعض الأحيان بقمع الأمازيغ بدعوى الاستقرار الإقليمي الشامل.
وأشار إلى أن المغرب أصبح أكثر استعدادا لاختبار حدود الجزائر، مع تزايد الاعتراف الدولي بمطالب المغرب المتعلقة بالصحراء الغربية.
وبحسب التحليل تشير التصريحات الاستفزازية لـ”هلال” إلى أن الشغف يدفع المغرب إلى اختبار الخطوط الحمراء للجزائر بشأن قضية الصحراء الغربية على أمل أن يقبل بقية العالم سيادته الفعلية على الأراضي الغنية بالموارد.
وعلى مدى الأعوام الـ 20 الماضية، انتقل رجال الأعمال والمواطنون المغاربة إلى الصحراء الغربية، ما ساعد بشكل غير مباشر في دعم مطالب الرباط بالسيادة على المنطقة. وفي الأعوام الأخيرة، تم أيضا افتتاح أكثر من 12 قنصلية أجنبية ومبنى دبلوماسيا في المناطق التي يسيطر عليها المغرب من الإقليم، ما يشير إلى قبول عالمي واسع لمطالب الرباط أيضا.
ومنذ أن أدلى “هلال” بتصريحه المثير للجدل، دأبت وسائل الإعلام الرسمية المغربية والجزائرية على مهاجمة بعضها البعض ما يهدد بزيادة العداء بين المواطنين المغاربة والجزائريين.
وعلى سبيل المثال، زعمت وسائل الإعلام المغربية في 20 يوليو/تموز أن الجزائر كانت شريكا ضعيفا في التعاون ضد الإرهاب العابر للحدود في منطقة الساحل الأفريقي وجنوب الصحراء، ما أدى إلى رد فوري في الصحافة الجزائرية.
ويشير تحليل “سترافور” من جهة أخرى إلى أن تداعيات قضية برامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”، والكشف الأخير عن تقارير تفيد بأن المخابرات المغربية كانت تتجسس بالبرنامج الإسرائيلي على 6 آلاف رقم هاتف جزائري، في مقدمها لمسؤولين سياسيين وعسكريين كبار، أثارت ضجة إعلامية أيضا يمكن أن تزيد من حدة التوترات السياسية الثنائية بين الجزائر والرباط.
وبحسب التحليل ما يزال خطر نشوب صراع عسكري كبير بين الجزائر والمغرب منخفضا، بالنظر إلى التكلفة الاقتصادية والبشرية الكبيرة التي لا تستطيع أي من الحكومتين تحملها في أعقاب جائحة “كوفيد-19”. لكن التوترات الدبلوماسية المتزايدة تزيد من خطر اندلاع موجات صغيرة من العنف الحدودي في المناطق المتنازع عليها في الصحراء الغربية.
كما أشارت الرباط مؤخرا إلى أنها قد لا تجدد عقد خط الأنابيب الذي يحكم تدفق الغاز الجزائري إلى أوروبا عبر المغرب والذي ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ونظرا لاعتماده على الغاز الجزائري، من غير المرجح أن يترك المغرب العقد ينتهي لكن التهديد يعكس رغبة الرباط في استخدام تكتيكات الإكراه الاقتصادي ليس فقط ضد الجزائر ولكن ضد الدول الأوروبية التي تعتمد أيضا على خط الأنابيب من أجل التدفق المستمر للغاز الطبيعي.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن مسلحو البوليساريو أنهم لن يلتزموا بعد الآن باتفاق وقف إطلاق النار مع المغرب الذي أيدته الأمم المتحدة عام 1991، مشيرين إلى الإحباط من عدم إحراز تقدم في استفتاء استقلال الصحراء الغربية الذي وعدت به الأمم المتحدة منذ عقود.
ومنذ ذلك الحين حدثت عدة اشتباكات محدودة على طول الحدود مع الأراضي التي يطالب بها المغرب، ويزيد الاستعداد المعلن لجبهة البوليساريو لاستخدام القوة من خطر حدوث مثل هذه المناوشات مرة أخرى.
المصدر الشرق الأوسط