
مساء 26/8/2024،يوم الإثنين،بروصو تلقيت اتصالا من الدرك من الإدارة المختصة بالجريمة السبريانية،متسائلين عن مكان وجودي،و تحريت حتى التثبت من جهة الاتصال،و أفحصت لهم،و رغم أن المتصل لاحقا من روصو نفسها تواعدت معه صباحا الإدارة بروصو إلا أني مع وصولي للرش التابع لمقاطعة المذرذره بعد وقت وجيز زارتني فرقة الدرك من المذرذره،لأسافر مع إثنين منهم لنواكشوط،و مع انتهاء السفر و ولوج باب قيادة الأركان(إدارة الجريمة السبرانية)بدأت مباشرة فى الرد على سؤالين،استغرقت كثيرا فى الرد على السؤال الأول،و إن كانت هناك أسئلة فرعية،و فى وقت متأخر نسبيا من ليلة الثلثاء،أنهينا جانب العمل المتعلق بالدرك،لكن رغم ذلك بت ليلتين عند الدرك،قبل الإحالة للسجن يوم الأربعاء،28/8/2024،و فى ذلك اليوم أيضا تمت إقالتي من الوظيفة.
استغربت فحسب عدم انتظار الدرك لانبلاج الصباح حيث اضطرّوا للوصول ليلا لمنزلي بقرية الرش(ضواحى المذرذره)لاصطحابي لنواكشوط مباشرة.
بالنسبة لمعاملة الدرك و الليلتين عند الإدارة المذكورة كانت تلك المعاملة لائقة و طبيعية،و مجرد تطبيق لأوامر النيابة بإعداد ملف تمهيدي حول الموضوع.
الدرك مؤسسة راقية على الأقل حسبما لقيت من معاملتها،و تكوينهم القانوني يخولهم الكثير من المرونة و الخبرات الإيجابية جدا.
و لم أمنع إطلاقا من الزيارات العائلية و لا من الدواء أو الغذاء.
أكثر ما يمكن أن يقال فى هذا الصدد أن هاتين الليتين مثّلتا مقدمة لتقييد الحرية،أو جزءً فعليا محدودا من تقييد الحرية،ربما اقتضته طبيعة الإجراءات.
و رغم إلغاء فقرة من قانون الرموز إلا ان هذا القانون يحتاج لحملة جادة و إيجابية لاستبداله بقوانين تحمى حرية التعبير و حرية الصحافة و تحمى حرية عمداء المهنة الصحفية،فاللإعلام هو أيضا عمداءه و رموزه،و إذا كنت ارتبطت بأجواء الإعلام منذ مطلع الثمانينات و أسست جريدة الأقصى منذ ترخيصها سنة ألفين ميلادية،و أصدرت منها اكثر من ألف عدد ورقي،منذ صدور عددها الأول،19 أبريل 2001،و خدمت فى الوسط الإعلامي حتى اليوم،فبهذا المعنى أستحقّ الخصوصية و التقدير الكامل و عدم المسارعة للعقاب،و على إثر توقيفي و آخرين جاء إجراء المجلس الدستوري لتغيير مهم فى فحوى قانون الرموز،لكن ما جرى فى هذا الخريف المضطرب يقتضى استحداث قانون جديد للمزيد من حرية الصحافة و حماية رموز الصحافة أيضا.،تكريسا لمصالحهم المعنوية و المادية و عدم تجاهل ظروفهم الصحية.
و للتذكير نحن كصحفيين،خصوصا مخضرمين و عارفين،من حقنا أن نحدث المجتمع عن المسؤولين العموميين،كما أقر المجلس الدستوري،فمن تولى المسؤولية العمومية لم يعد محصنا و ينبغى للتاريخ و لجسامة المسؤولية أن يعرف عنه الناس كل شيئ.
اما استجلابي على عجل و ازدواجية الإيداع و الإقالة و فى المقابل الاحتفاء بمن أدانتهم أعلى الهيئات الرقابية و تكليف من تورطوا فى ملفات كبيرة مازالت محل البحث،عسى أن يصلحوا،فهذا توجه قد لا يقنع السواد الأعظم من الناس بسهولة،و لعل أنصار هذا النظام يميلون أساسا لرمزية الرئيس غزوانى و حرصه على التهدئة السياسية،أما حين ترتكز بعض التوجهات على تصفية الحسابات بسبب بعض الآراء و يشجع أكلة المال العام و رموز الحقب السابقة محل الجدل، فهذا قد يدفع الكثيرين للتردد و عدم الثقة،و للظلم مرارة لا تنسى بسهولة، فما زلت أشعر بالضيق من تقييد الحرية و المحاربة فى القوت،و لست الوحيد ربما.
و لقد بدأ نظام الرئيس غزوانى فى مأموريته الأولى بتقريب الكثير من رموز المهنة الإعلامية،و اليوم تتردد موجة المأمورية الثانية بين مد و جزر ،و لعل من مصلحة الرئيس و نظامه تعميق الصلة مع الوسط الإعلامي،فمن ربح قرب حملة الأقلام و الأصوات الإعلامية الشهيرة سيربح المشهد و من اختار طريق الصدام و التضييق لن يتردد الرأي العام فى الابتعاد عنه تدريجيا،و لا أحسب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى بحكم حرصه على التهدئة السياسية إلا متيمما شطر الساحة الإعلامية ليعيد الالتحام بها و التعاون الشامل معها لينهي مأموريته الثانية بأمان و إيجابية،بإذن الله.
و إن كانت الأيام الجارية،فى جو الاستقلال شهدت عدة تدشينات حيوية هامة،إلا أن البعض يهمس بضرورة التغيير،فهل تأخر الإصلاح أم تعثر،و هل يتطلب ذلك تغييرات جذرية أم مجرد تعديل حكومي و بعض التعيينات النوعية الهادفة و بسط رؤية أوسع للمزيد من سعة الصدر و التشارك و التعاطى مع الجميع،تمهيدا للحوار السياسي الشامل المرتقب فى الأشهر القادمة،حسب عبارة الرئيس غزوانى فى خطاب الاستقلال،و انتظار المأمول سنظل نتأمل من أجل الإصلاح و التعايش الإيجابي.














