نسائم الإشراق الحلقة رقم (1656) 28 يوليو 2021م،17 ذو الحجة 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (688)

   افتتاح المؤتمر:
وفي اليوم التالي: بدأ المؤتمر العلمي، الذي افتتحه الإمام أبو الحسن الندوي بكلمة قيمة، وقدَّمني لألقي كلمة بهذه المناسبة، وكان ذلك في شهر أكتوبر سنة 1993م.
ثم قدم أصحاب البحوث بحوثهم أو مختصرات لها، جلَّوْا فيها ما قام به هذا الإمام الجليل من خدمة لعلوم السنة، وكيف أن الله قَيَّض علماء العجم ليخدموا حديث نبيه. فأصحاب الكتب الستة كلهم أعاجم: محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وابو داود السجستاني، وأبو عيسى الترمذي، وأحمد بن شعيب النسائي، وابن ماجه القزويني.
حفل عشاء مصحوب بالموسيقى:
وفي المساء أقام لنا محافظ سمرقند: حفل عشاء، تكريمًا للعلماء الذين قدموا من بلاد العرب والإسلام، ودعا إليه عددًا من الشخصيات العامة وذوي الوجاهة في المدينة. وقدموا لنا في هذا الحفل ما لذَّ وطاب من أطعمتهم وأشربتهم، التي عرفوا بها. وكان مما قدموه لتكريمنا والاحتفاء بنا: فرقة من فرقهم من الرجال، تقدم بعض الألحان والأغاني المحلية، مصحوبة ببعض الموسيقى!
ثورة المشايخ على الموسيقى:
وما إن سمع بعض المشايخ هذه الموسيقى، حتى ثارت ثائرتهم، وهاج هائجهم، وهمس بعضهم في أذن بعض، وسرعان ما تحوَّل الهمس إلى جهر: اللهم إن هذا منكر لا يرضيك، وأقبل بعضهم إليَّ يقول: كيف ترضى يا شيخ يوسف أن تجلس في حفل فيه منكر؟
قلت: يا جماعة لا بدَّ أن يكون العالم حكيمًا، لا بد أن يراعي الظروف... هذه البلاد حكمتها الشيوعية الملحدة سبعين عامًا، وهي لم تتحرُّر منها تمامًا، لا يزال حكامها القدامى يمسكون بزمامها. وأنتم تعلمون أنه يجوز السكوت على المنكر مخالفة منكر أكبر منه، وهذا منكر صغير، بل أمر الموسيقى مختلف فيه. والمختلف فيه يجوز السكوت عليه. بل الإجماع: ألا ينكر أمر مختلف فيه. وقد علمت أن هؤلاء يغنون بمدائح نبوية، قصدوا منها تكريمنا والاحتفاء بنا! لا بدَّ أن تصبروا وتسكتوا على هذا حتى لا يخفق مشروعنا. قلت هذا أو قريبًا منه بصوت خافت، وبدون أن تحدث ضجة. وكنت أجلس عن يمين الشيخ أبي الحسن الذي يجلس عن يمين المحافظ الداعي إلى العشاء. وأبلغت الشيخ أبا الحسن، فأبدى أسفه، وقال: لا حيلة أمامنا إلا السكوت.