الفكر(نواكشوط) قالت النائبة البرلمانية والقيادية بحزب اتحاد قوى التقدم "كادياتا مالك جالو" إن موقف المعارضة من انتخاب ولد الغزواني كان فيه شيء من التناقض، حيث إن المعارضة في بداية الأمر رفضت النتائج ولم تعترف بالرئيس، لتطالب بعد ذلك بالحوار وتعود لتعترف به ضمنيا دون أن تعلن ذلك.
وقالت السيدة النائبة في مقابلتها مع موقع الفكر،إنه من الطبيعي أن يمنح أي نظام فرصة للإنجاز لكن بشرط ألا تطول، وقالت إن المعارضة قد سكتت عن ولد الغزواني سنة ونصف سنة ،دون أن يحدث أي تغييرعلى المستوى الميداني، ولا ينبغي للمعارضة أن تتوافق مع النظام وهو لم ينجز شيئا.
وفي تقويمها لنظام ولد الغزواني قالت إنه لا يختلف مع نظام ولد عبد العزيز في شيء ،لا في شخوصه ولا في أساليبه في التعامل مع الأمور، وإن كان من شيء مختلف إنما هو أسلوب الرجلين.
وعن خلافها مع ولد مولود قالت النائبة إن ولد مولود ومن معه في قيادة الحزب قد فقدوا الشرعية نتيجة للأخطاء التي ارتكبوها في قيادتهم للحزب، وقالت إنها تتنظر ما سيقوله القضاء في طعن تقدمت به ضد نتائج مؤتمر الحزب الأخير.
إلى غير ذلك من القضايا والأمور الهامة التي تطرق لها هذا الحوار، فأهلا وسهلا بضيفتنا الكريمة النائبة البرلمانية كادياتا مالك جالو.
موقع الفكر: نود منكم أن تعرفو المشاهد والسامع بشخصكم الكريم، من حيث الشهادات- والوظائف التي تقلدتم والمسار السياسي؟
كادياتا مالك جالو: شكرا جزيلا أنا أسمى كادياتا مالك جالو، ولدت سنة 1959م. بضواحي مقاطعة "امبود" وتحديدا ببلدية لعويسي، وكانت تتبع مقاطعة "امبود" وهي الآن تتبع مقاطعة "باركيول" ودرست المدرسة الابتدائية في مدينة "امبود" وحصلت على شهادة ختم الدروس الابتدائية ومن ثم درست المرحلة الإعدادية والثانوية بمدينة نواكشوط وحصلت على شهادة الإعدادية، بنواكشوط ثم شهادة البكالوريا سنة 1979م . ودخلت مدرسة تكوين الأساتذة في نواكشوط، وحصلت فيها على شهادة الكفاءة التربوية، لأتخرج بعد أربع سنوات أستاذة للعلوم الطبيعية، وعملت في التدريس لمدة عشرين سنة ليس لدي غير السبورة والطبشور، ولم أحصل خلالها على أية ترقية؛ لأني مارست السياسة منذ كنت طالبة في الثانوية ومعارضة في آن واحد وفي الأخير عينت مديرة للدروس مكلفة بالتدريس.
وفي نفس السنة التي تمت ترقيتي فيها حصلت الانتخابات التشريعية ومن ثم ترشحت فانتخبت نائبة في البرلمان الموريتاني، وذلك سنة 2006م.
موقع الفكر: ما رأيك في أداء المعارضة في علاقتها بالنظام الحالي؟
كادياتا مالك جالو: نتذكر جميعا انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وكيف أن المعارضة سواء تلك التي ترشحت أو رشحت أحدا من خارجها لم تتقبل نتائج الانتخابات، وقامت برفضها مما اوقع أزمة بين الفرقاء السياسية، ولكني اختلفت مع مرشح حزبنا محمد ولد مولود الذي اتخذ موقفا بالتعاون مع مجموعة من المرشحين حول تزوير الانتخابات، وقد يكون حدث تزوير لكننا نحن المعارضة لم تكن لدينا قدرة تنظيمية نتمكن من خلالها من إعلان نتائج وإقامة أدلة على التزوير التزوير، ثانيا: هم قالوا إن النتائج مزورة ومع ذلك طالبوا مباشرة بالحور، فكيف تحاور رئيسا منتخبا إذا كانت لا تعترف به، ورأيت في هذا تناقضا وأبديت تلك الملاحظة التي سببت لي الكثير من المشاكل مع حزب اتحاد قوى التقدم ورئيسه وكانت هذه البداية بالنسبة لي بداية غير سليمة، ثم اعترفوا بالانتخابات بعد ذلك وبرروا اعترافهم بقرار المجلس الدستوري، وكان رفضهم بعد قرار المجلس الدستوري فلو سبقه لكان مبررا أن قرار المجلس أثر في موقف الرفض، فاعترفوا بالنتائج دون أن يصرحوا بذلك، ومن ثم وضعوا أسلحتهم.
قد أفهم أن هناك رئيسا جديدا قد يتم إعطاؤه فرصة حتى نرى ماذا سيعمل، فهذا يقع، وهو الذي تقتضيه المسؤولية، وكان الجميع يراقب أملا في أن يحدث تغيير، ولم يكن لدي نفس الشعور؛ لأن هذا النظام منبثق عن سابقه.
قد يكون للرئيس ولد عبد العزيز أسلوب يختلف في الحكم عن أسلوب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، لكن النظام ما يزال هو النظام، والرجال والنساء الذين كانوا مع ولد عبد العزيز هم نفسهم مع ولد الغزواني، والطرح هو نفس الطرح، فالذين كانوا مع ولد عبد العزيز هم أنفسهم ما زالوا مع الرئيس غزواني نفس التسيير ونفس الآليات.
فأنا لم أكن أتوقع حدوث تغيير، لكن إذا كنا هناك أمل في حدوث تغيير والجميع ينتظره فيمكن أن يتريث الإنسان ليرى، لكن ينبغي أن ننتظر لفترة محددة 3 أشهر أو 6 أشهر، لكن لا يمكن أن نبقى ننتظر التغيير مدة عام ونصف، فأنا ألاحظ على المعارضة عموما طول الفرصة الزمنية التي أعطتها وقد التقى الرئيس بالفرقاء السياسيين ولكن لم يحدث أي تغيير على المستوى الميداني ولا ينبغي للمعارضة أن تتوافق مع النظام وهو لم ينجز شيئا.
وقد يكون هذا هو السبب في انعدام التغيير والتغيير لا يحدث عادة إلا إذا كنت تمارس ضغوطا على النظام لعل أن يتغير شيء وقد لاحظنا أنه لا يوجد أي ضغط على النظام، والنظام لم يحرك ساكنا.
موقع الفكر: أين هو موقف حزب اتحاد قوى التقدم مما يجري؟ ولماذا توصف مواقفه السياسية تجاه النظام بالضعف؟.
كادياتا مالك جالو: اتحاد قوى التقدم مثله مثل بقية أحزاب المعارضة التي خرجت من هذه الانتخابات الأخيرة وهي ضعيفة جدا.
فالنتائج كانت ضعيفة والخط كذلك لم يكن سليما، وتفرقت المعارضة وهناك تعب في صفوف مناضليها، ويلاحظ غياب الشراسة التي غالبا ما تطبع مواجهتها للنظام، وربما تحتاج شيئا من الراحة.
أما بالنسبة لاتحاد قوى التقدم فإن ما يجري على أحزاب المعارضة يجري عليه، مع أنني لدي عليه ملاحظات خاصة، بحكم أنني انتمي إليه ولدي ملاحظات على خطه السياسي منذ زمن بعيد، وأعرف أن من أسباب فشله خطه السياسي غير المرضي.
موقع الفكر: أين وصلت الخلافات بين الرفقاء في حزب اتحاد قوى التقدم؟
كادياتا مالك جالو: منذ العام 2013م. وحزب اتحاد قوى التقدم يشهد خلافات جوهرية حول مجموعات التكتيكات التي لا تلائم التطلعات مثل مقاطعة الانتخابات التي كانت مختلف قواعد الحزب تود المشاركة فيها، وقد اعترف الرئيس أحمد بن داداه بخطأ تلك المقاطعة، ولا يزال الرئيس محمد ولد مولود مصرا عليها بل ويدافع عنها.
فمقاطعة الانتخابات ليست خيارا لمن لم يعد خطة ثورية والشعب ليس ثائرا ولا يمكن أن تجعله يثور إن لم يكن يريد ذلك. وإذا لم تشارك في الانتخابات المحلية والتشريعية تخسر أصوات الجماهير التي كانت تعطيك أصواتها.
موقع الفكر: ما هي طبيعة الخلافات داخل حزب اتحاد قوى التقدم، فكرية- سياسية- شخصية؟
كادياتا مالك جالو: الخلافات داخل حزب اتحاد قوى التقدم خلافات سياسية، وفي المبادئ بضع الشيء فمنذ تم حل الحركة الوطنية الديمقراطية قلنا إننا سنصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع وانتهينا من التوجه الثوري للحركة الوطنية الديمقراطية، فكانت مقاطعتنا للانتخابات 2013م. غير منسجمة مع توجهاتنا، وكان لدينا في الحزب ما يسمى بتراكم القوة، وكانت لدينا فيه حصيلة جيدة، ففي انتخابات 1999م. شاركنا وحدنا في الانتخابات ولم نحصل إلا على مستشار بلدي واحد هو محمد المصطفى بن بدر الدين عليه رحمة الله وفي الانتخابات سنة 2001م. حصلنا على خمس بلديات في الداخل وثلاثة نواب فأصبحنا على مستوى الأحزاب التي لها وزن في الساحة السياسية، وفي سنة 2006م. حصلنا على تسعة نواب وإحدى عشر بلدية، إضافة إلى مقعد بمجلس الشيوخ، ثم بعد ذلك يقولون لنا قاطعوا الانتخابات دون بديل، وقاطعنا وفقدنا كل شيء، ولا يمكن للإنسان أن يترشح دون حزب سياسي وذهبت قواعدنا وأطرنا وترشحوا في أحزاب سياسية أخرى، وفقدنا جميع البلديات في نواكشوط والداخل وفقدنا بلدية مثل بلدية "بوكي". وبلدية "باركيول" وبلدية "ميت" التي كانت عندنا من أيام الحركة، فقدنا كل هذا، فالديمقراطية تعني الأكثرية داخل القيادة لكن لا بد من مراعاة جماهير الحزب والقواعد، ثم بعد اتخاذ القرار تأتي المراجعة لنرى نتائجه هل كانت سلبية أم إيجابية، فلماذا يصر محمد ولد مولود على خطئه رغم اعتراف جميع الزعماء الذين قاطعوا الانتخابات، وهو قد فقد كل شيء وينبغي أن يقدم مبررا لما حصل.
ولا يمكن التحجج بضعف الوسائل فالوسائل لم تكن يوما عندنا وكنا نناضل ونكافح رغم ذلك ومنذ بدايات الانتخابات في البلاد لم تسلم من التزوير وانحياز الإدارة وحتى انتخابات 2006 ــ 2007 التي دائما نصفها بأنها أحسن انتخابات كانت فيها بعض التزوير ومع ذلك كنا نشارك ونناضل ونكافح التزوير حتى ننتزع ما يمكن أن ينتزع، لنستخدمه في تطوير عملنا السياسي.
موقع الفكر: هل ستغادرون اتحاد قوى التقدم؟ أم ما زال لديكم أمل في محاولة تصحيح المسار والعودة إلى المصالحة بين الرفاق؟
كادياتا مالك جالو: ليس لنا أمل في تغير محمد ولد مولود والجماعة الموجودة معه في قيادة الحزب، فقد قاموا بالكثير من التصرفات والأخطاء التي تفقد الشرعية، وقد رفعنا قضية الحزب إلى العدالة، وقد طالب محامونا بإلغاء المؤتمر بصورة استعجالية، غير أن المحكمة قالت إن ذلك غير ممكن، وطعنا في المؤتمر الأخير للحزب عند العدالة ونتنظر الحكم، وإذا لم يصدر الحكم لصالحنا سنطعن فيه، ونرى ما يمكن أن نقوم به، أما تشكيل حزب سياسي جديد فليس أمرا مطروحا، لأن المواقف قد يعبر عنها خارج الأطر الحزبية، خاصة وأنا الأحزاب الآن في حالة ركود، وإذا اضطررنا لتشكيل حزب سياسي سننظر في ذلك، وما من شك أن الأطر الشرعية مهمة، وإن كنا رأينا من لديهم أطر شرعية لا تفيدهم في شيء.
ونحن أخيرا قد تعرضنا لبعض المضايقات من الإدارة التي تنحاز للطرف الآخر، فقد كنت مرة بصدد إقامة مهرجان سياسي إلا أن الإدارة منعتني وهددت بقمع الحضور.
موقع الفكر: ما تقويمكم لتجربة الحركة الوطنية الديمقراطية مع أن أغلبية الأنظمة التي تصفونها بالفاسدة كانت تدار من قبل أطر انتموا إلى حركتكم؟
كاديتا مالك جلو: من كان متمسكا بأوامر الحركة والتنظيم فالحركة مسؤولة عن أفعاله، أما من انفصل عن الحركة وذهب في إطار آخر فأفعاله لا تحسب على الحركة، فإذا كان هناك أفراد من الحركة قد التحقوا ببعض الأنظمة ليست لنا بهم أية علاقة سياسية إلا أن تكون ثمة علاقة شخصية لهم مع بعض الأشخاص، وبالنسبة لي فإن الحركة كان لها صداها وكونت أهم الأطر السياسيين في هذه البلاد، وهي من دعمت الوحدة الوطنية فأيام قوة الحركة لم تكن النزعات القبلية والشرائحية وغيرها من النزعات الضيقة بارزة إلا بعد أن ضعفت الحركة الوطنية، وكان توجه الحركة توجها وطنيا ولم تكن لديها إملاءات من الخارج، فهذا ما كان يميز الحركة الوطنية الديمقراطية، فأفكار الحركة واختياراتها كانت سليمة، لكن حين ينحرف الناس عن الخط ويقومون بما يخالفه، فذلك يعني أنهم انحرفوا عن خط الحركة وهذا يؤدي إلى تلك الخسائر.