لا لتمييع الشأن العام- عبد الفتاح ولد اعبيدن

مناقشة الشأن العام تتطلب قدرا من المعرفة و الخبرة و التجربة،و إذا كان كل واحد ينصب نفسه صحفيا أو فقيها او خبيرا عارفا بشؤون الأمة،و هو لا يحسن التصدى لمفاصل الأمور،فهذا يعرض صالح الناس و استقرارهم للخطر.

و من دواعى الاطمئنان حد أدنى من الكفاءة للتصدى للشأن العام،و غير ذلك يجعل الأمر العمومي فوضى لا ناظم لها مطلقا.

لقد عانت هذه البلاد من تولى الأمانة من لا يحسن أداءها،فشهد تاريخ هذه البلاد فى وقت سابق أن تقلد مقاليد الحكم موتور عصبي تسيره العاطفة و الأهواء،و فى أحايين أخرى تولى بعض المؤسسات الحساسة من رآها ملكا له و خاصة باختياراته الضيقة،و فى مثل هذه الحالات من التكليف غير المدروس و غير الحذر ضاعت مصالح الناس و اضطربت أحوالهم،فإلى متى تحكم الأمزجة و الاختيارات التمييزية الانتقائية أسلوب التعيين والتكليف العمومي؟!.

و لعل احترام الاختصاصات يساعد على اكتشاف الكفاءات،أما تكليف شخص بقطاع لا يحسنه،فتلك بداية الفشل.

و لعله من المثير للاشمئزاز خوض بعض الجهلة فى الشأن العام و أعتى عقده و مواضيعه المستعصية،و لعل هذا من أوجه سوء استخدام البعض للحريات المتاحة،فبمجرد الحصول على هاتف يتصور أحدهم أنه قادر على تصدر المشهد فى أصعب مواضيعه!.

نخبوية النقاش حول القضايا الكبرى غابت،و ربما غيبت عن قصد،فأصبح التافه الرويبضة يدس أنفه فى أصعب الملفات و يقترح فيها ما لا يتوافق لا مع المنطق البسيط،فمن باب أولى الاختصاص.

إن حرمات العقيدة الإسلامية الصافية أصبحت بحاجة ماسة للرعاية المكثفة،و الحوزة الترابية بحاجة ماسة للرعاية حتى لا يضيع بعض هذا الكيان فى سياق مجاملات و مبايعات و أطماع متصهينة،و كل هذا ليس من مسؤولية القيادة السياسية وحدها،و إنما يقع ذلك على عاتق النخبة فلا تترك مبادئ الأمة و مصالحها العليا محل متاجرات و مهاترات،لا مبرر لها و لا مسوغ.

لا ينبغى أن نفرط فى عقيدتنا تحت أي طائلة،و لنتمسك بعروة، رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد،صل الله عليه و سلم،نبيا و رسولا.

و من أراد أن يطبع فله خياراته الكئيبة و لا وجه لمحاكاتنا له،و لا مبرر للتفريط فى أي معنى من مبادئنا و لا حوزتنا الترابية و لا سيادتنا و لا استقلالية قراراتنا الداخلية و لا الخارجية،و تعميق العلاقات مع الدول،مهما تكن مردوديتها،لا تعنى الارتهان مطلقا،لأي توجهات مريبة،لا تتماشى مع هويتنا الدينية و المبدئية.

و لا غرابة فى حرص حكومتنا على مصالحها المهمة مع أي دولة،لكن الانصياع لاختيارات مسمومة،دينيا أو قوميا،مقابل تلك المصالح ،لن يقبله مطلقا صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى و لا رأينا العام النابه الحذر،و ليكن فى علم المراقبين للشأن العام أن موريتانيا لم تستسلم يوما لتيار التطبيع أو التفريط فى نصاعة عقيدتنا الإسلامية.

و أنا جد مطمئن لوعي القائد غزوانى لهذه الحساسيات،لكن هذا واجبنا و قناعاتنا،و لا يخفى مطلقا أن البعض خارج بلدنا بحجج غير مقنعة اختار فلسفات أخرى،هشة و متهاتفة،و لا تستحق مجرد التأمل.

و نلاحظ إقبال البعض على دولتنا فى الوقت الراهن،و فعلا العلاقات الندية الحذرة الإيجابية  مهمة،و ما سوى ذلك لن يقبله الموريتانيون،و رئيسنا مؤتمن و ثقة للأمانة،و سيظل يحرص على أي علاقات تخدم الوطن بعيدا عن المقايضات المريبة.

و للتذكير و باختصار "و الآخرة خير و أبقى"،فليحذر كل واحد منا مهما كان من أن يبيع دينه مقابل دنياه،و العياذ بالله.

و الحمد لله المسار العام بخير،لكن هذا آخر الزمان و الماسونية و أذنابها يعملون دون كلل،فلنساعد ولي الأمر فى اتجاهه الطيب بالبعد عن كل مخططاتها،و لنتمسك بقوة بنصاعة العقيدة،رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد،صل الله عليه و سلم،نبيا و رسولا.

و لنحذر من الميوعات المتنوعة،دون أن نتهم أحدا أو نفرط فى مصالحنا .

و التبيين يتطلب امتلاك ناصية العبارات المتوازنة،بعيا عن الإفراط أو التفريط،و كان مالك بن أنس،رضي الله عنه،كثيرا ما يكرر:

خير الأمور الوسط الوسيط
و شرها الإفراط و التفريط