قمت الليلة بزيارة الزميل حنفى ولد الدهاه و ذلك بعيادة "مديا بول"،و قد تصادف حضوري مع خروج معالى الوزير،الحسين ولد مدو بعد أن أمضى وقتا غير قصير مع الزميل حنفى فى غرفته بالمستشفى المذكور،و لا شك أن حضور الوزير الوصي على القطاع الإعلامي و الناطق الرسمي باسم الحكومة يعتبر لفتة إيجابية للزميل المعتدى عليه و للصحافة عموما.
لقد كان حدثا مؤلما وحشيا،و لقد كانت زيارة الوزير الدكتور،الحسين ولد مدو رسالة إيجابية قد ترد للمهنة بعض هيبتها،بعد هذا الحدث الغابوي الدنيئ.
و قد شهدت بوابة العيادة المذكورة رغم تأخر الوقت نسبيا ازدحاما لافتا حرصا من الزائرين على عيادة الزميل حنفى،إثر هذا الاعتداء،المتفلت من الحياء،و فى حديثه صل الله عليه وسلم:" إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحى فاصنع ما شئت".
و كنت أتوقع لفتنة صريحة من طرف حكومة ولد انجاي لصالح الضحية و المهنة الصحفية الضحية هي الأخرى،و عند ورودي على العيادة لزيارة الزميل حنفى أخبرني الحضور عند البوابة الأمامية أن معالى الوزير متواجد وقتها مع الزميل،مما أثلج صدري بهذا الموقف الرسمي الضمني من هذا الحدث الآثم الإجرامي.
و الحمد لله ظروف الزميل حنفى بخير،و إن كان يعانى من حين لآخر من بعض انعكاسات الاعتداء،حسب بعض المصادر،إلا أنه حرص على الاستقبال الأريحي للجميع.
و سيعلم أنصار الظلام و حياة الغابة أننا نعيش فى دولة لها هيبتها و حرماتها و قوانينها،و من لم يرضه أداء أي صحفي فليرد عليه أو يشكو منه،و نحن كصحفيين مستعدون حتى للعقاب عبر المنظومة القانونية، إن أخطأنا،و العمل البشري غير معصوم طبعا، أما اللجوء لقانون الغابة و الأمزجة الموتورة، فذلك ما لا يصلح لبنى البشر إطلاقا.
و إذا كنا نطالب أنفسنا بضرورة التقيد بالتغطية المهنية،فإننا فى المقابل ندعو للالتزام بالطرق الحضارية للرد على المواد الإعلامية،إما الرد أو الشكوى لدى القضاء،و ماسوى ذلك طريق غير مقبول،و ندعو الدولة لحسن تقييم اللحظة التى تعيشها المهنة من المخاطر المختلفة،و ينبغى مراجعة نمط التعامل مع الصحافة،فالعودة للسجن و الإقالات المتعددة بسبب الرأي،قد يفهمها البعض بأنها رسائل بعدم الحرص على حرمات و مصالح الصحفيين،مما قد يدعو أعداءها للمزيد من الاستهداف،و هو ما يناسبه النظر الموضوعي عسى أن تعود للصحافة هيبتها و اعتبارها،شعبيا و رسميا.
و ندعو الجهات الرسمية على اختلاف مستوياتها للتصريح الإيجابي المتضامن مع الصحافة،هذا الركن الأساسي من الديمقراطية،و إلا فإن هذا الاستهداف الحالي قد يتوسع و يتكرر بأوجه أخرى،لا قدر الله.
إن ما وقع ضد الزميل حنفى يستدعى من الدولة و كل الجهات المعنية التأمل و التمحيص فقد يترتب عليه الكثير من المخاطر الملموسة ضد حرية الصحافة و حرية التعبير،إن لم تتخذ إجراءات متعددة للردع و إعادة الاعتبار العاجل،و الدولة مطالبة بحماية هذه المهنة،ما دامت جادة فى استمراريتها،لكن الصحافة بصراحة دخلت مرحلة حرجة،و من جهة الدولة نذكر بالمثل العربي البليغ،قطع الأعناق و لا قطع الأرزاق،فمن الضروري عقد منتديات لبحث بعض الإشكالات بالنسبة لمظفى الدولة من الإعلاميين،ليتبين من يلزمه قانونيا واجب التحفظ الوظيفي،حتى لا تستمر هذه الإقالات المتكررة المتواصلة فى صفوف الصحفيين بسبب الرأي،و كل الإشكالات قابلة للحل و التجاوز عبر النقاشات الهادئة الناجعة،لتظل العلاقة مفيدة ما بين السلطة و من توظف من الزملاء،و على الإعلاميين فرادى و منظمات نقابية،رفض هذه الاعتداءات الجسدية و المعنوية،حتى لا نقول يوما،أكلت يوم أكل الثور الأبيض.