الفكر(نواكشوط) "الأسعار غالية" لازمة للحديث لدى أغلب التجار والمتسوقين في سوق الخضروات والحبوب المعروف"بسوق الفحم" شكوى تفصح عنها وجوه الباعة وسحنات المتسوقين في واحد من أكبر أسواق المواد الاستهلاكية بوسط نواكشوط.
حالة من الركود وتراجع الطلب رغم وفرة العرض وازدحام السوق بالمعروضات والسلع المتنوعة التي لا يجمع بينها سوى رغبة أصحابها في البيع، والحصول على أي ثمن مقابل معروضات مزجاة في أغلبها.
فرغم شهرة السوق ببيع الحبوب من مختلف النوعيات وكذا المنتوجات المرتبطة بها كالدقيق والنخالة وحتى الأعلاف إلا أن تلك الشهرة أخذت تتراجع تحت إلحاح الحاجة ، وضغط الطلب على المواد الاستهلاكية الأخرى كالخضار واللحوم ومواد التموين بل حتى اللوازم المنزلية كالمنظفات والمبيدات الحشرية والملابس المستعملة.
إنها سوق شعبي بكل المقاييس، فلا زالت الوجهة الأولى لبائعات الألبان الحيوانية ومشتقاتها كالزبدة والدهن وكذا الكسكس المجفف وصائغي الحلي والمجوهرات.
أما ما تبقى من أكوام الفحم وركام الحطب المتفحم والذي كان يحتل مساحة واسعة في قلب السوق حتى اشتهرت بسوق الفحم فقد تحول إلى محلات وطاولات عرض لبيع اللحوم والخضروات، فيما يتردد صدى أزيز ماكنات الطحن ليثير ضوضاء متصاعدة تغطي أحيانا على أصوات الباعة، وجلبة السوق.
بضاعة مزجاة
خلف طاولة تناثرت فوق رزم من الطماطم والجزر والبصل تجلس آمنة ممدو إنداي تنتظر بلهفة أي داخل للسوق لكن لا فائدة هذه الأيام –كما تقول –فهناك ركود كبير في حركة السوق ولا أحد يدعي أن لديه من المال ما يكفي لتلبية احتياجاته الضرورية.
ثم وهي تشير إلى متسوقة كانت تساوم لشراء بعض الخضروات انظر إلى ما اشترت إنها مجرد رزم صغيرة تباع الواحدة منها ب50أوقية قديمة ولا تغني لإطعام أسرة من فردين أحرى لأسرة من أفراد.
تقول آمنة إنها بالكاد تجد ما يكفي لشراء معروضاتها من الخضار بسبب الركود وعدم استقرار أسعار الخضار، ولولا اعتمادها على تجزئة الخضروات وتحويلها إلى رزم صغيرة تراعي القوة الشرائية لغالبية المستهلكين لكانت خسارتها مضاعفة.
تحكي البائعة آمنة عن معاناتها من غلاء المواد الأساسية في الأيام الأخيرة خاصة الزيوت والأرز واللحوم ...ولا تخفي وهي من سكان حي البصرة بالميناء أن أسعار السوق تعد رخيصة بالمقارنة مع نظيراتها في أحياء الضواحي.
نار الغلاء
بائع الحبوب الشيخ ول شكرود يقول إن على السلطات التدخل لمواجهة الغلاء سواء بدعم كل المواد الاستهلاكية وبإلغاء التعرفة الجمركية عن المواد الأساسية وحظر الاحتكار والمضاربة في هذه السلع..فالوضع لم يعد مقبولا على حد تعبيره.
ولا يرى أي دور لدكاكين "تآزر" في دعم القدرات الشرائية للمواطن، بسبب قلة عددها ومحدودية المواد التي تبيعها، ثم للتذبذب في تزويدها بهذه المواد، حيث تبقى بعض الدكاكين لآسابيع دون أن تجد حصتها من التموين.
ومن مظاهر الغلاء انتعاش الإقبال على الفاصوليا والعدس في الآونة الأخيرة، بعدما غلت أسعار اللحوم لكن المشكل في المنحى التصاعدي كذلك في أسعار هذه المنتوجات ،لاسيما في هذه الفترة وقبل حلول موسم الأمطار حيث يكون الاعتماد على ما تبقى من حصاد العام المنصرم، يعلق ولد شكرود.
أما المتسوق محمد جلال الذي جاء لشراء بعض الفاصوليا لحمامه الزاجل فيقول: إن الأسعار غالية بشكل عام وتحتاج تدخلا عاجلا من السلطات وهي التي بيدها وحدها العلاج.
ويحمل تجارالتجزئة و"السقط" جانبا من المسؤولية عن الغلاء عندما لا توجد حدود للأسعار، وليس هناك ما يشبع نهم التاجر وتلهفه لجني الأرباح، لذا فقد سافر من بلدته في الداخل لمجرد جلب بضع كلغرامات من الفاصوليا والشعير.
مطالب عاجلة
ليست الأسعار وحدها مبعث الشكوى في سوق "الفحم"، بل الإيجارات والضرائب والإتاوات المتعددة التي يتحتم على أصحاب المحلات وحتى عربات البيع دفعها ،كما يقول بائع يعقوب ولد بزيد الذي لم يجد سوى حيز ضيق على مدخل السوق، يقول إنه يؤجره ب10آلاف أوقية قديمة رغم أن معروضاته من مشوي الصمغ وثمار النبق والمقل وأوراق "البيصام " لا يصل سعرها مجتمعة نصف هذا المبلغ.
نظافة السوق وتأمينه ضد الحرائق وحوادث السرقة وتسهيل حركة المرور داخله مطالب أخرى طرحها الباعة والتجار.
أما جل المتسوقين فإن تخفيض الأسعار، وتذليل صعوبات العيش الكريم في وجه طاحونة أسعار لا تبقي ولا تذر، يظل مطلبهم الأبرز وأمنيتهم الأكثر أولوية، فيما بقي من مأمورية الرئيس ولد الشيخ الغزواني.