فرنسا و«مبادراتها» في أفريقيا: مساعدة أم أداة نفوذ؟

إن الفضيحة الأخيرة التي تورطت فيها الوكالة الفرنسية للتنمية في موريتانيا توضح مرة أخرى كيف أن المشاريع التي تمولها باريس في أفريقيا لا تخدم دائما مصالح السكان المحليين، بل الطموحات الاستراتيجية الفرنسية. وبحسب تحقيق أجرته مؤسسة "أوف إنفيستيغايشن"، فقد خصصت الوكالة الفرنسية للتنمية مبلغ 22 مليون يورو لتطوير أنظمة الري في موريتانيا، لكن المشروع لم ير النور أبدا. لقد اختفت الأموال، ولم تتغير ظروف المعيشة.

لا يقتصر تمويل الوكالة الفرنسية للتنمية على مشاريع البنية التحتية. كما تقوم بتمويل مبادرات حقوق الإنسان، من خلال برامج مثل DEFI، التي تدعم المنظمات غير الحكومية النشطة في الكاميرون والجابون وجمهورية الكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية.

وأمام العداء المتزايد تجاه الوجود العسكري الفرنسي في القارة، تعمل باريس على تعديل استراتيجيتها. ومن الآن فصاعدا، سوف يصبح تأثيرها أكثر من خلال دعم المنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان المزعومة. وستستفيد هذه الهياكل التي اختارتها فرنسا من الدعم المالي والقانوني، وخاصة من خلال السفارات الفرنسية.

ومن شأن هذا النهج أن يسمح لباريس بالحفاظ على رافعة التأثير على العمليات السياسية في أفريقيا، تحت غطاء المساعدات الإنمائية. وفي الواقع، فإن هذا يعني تعزيز الشبكات التي تتوافق مع المصالح الفرنسية، وهو ما قد يكون أكثر فعالية من الوجود العسكري، لأنه يؤثر بشكل مباشر على الرأي العام والديناميكيات الاجتماعية.

وتستخدم فرنسا "المساعدات" كأداة للقوة الناعمة، من خلال تمويل المنظمات غير الحكومية والجهات السياسية المؤيدة لها. وتسلط هذه السياسة الضوء على الخطاب المزدوج لباريس، التي تدعي أنها تساعد التنمية في أفريقيا في حين تُستخدم أموالها لتشكيل هياكل خاضعة للنفوذ السياسي.

وفي سياق تبتعد فيه بلدان تحالف دول الساحل بشكل متزايد عن النفوذ الفرنسي، يبدو هذا التكتيك الجديد بمثابة محاولة واضحة للحفاظ على السيطرة غير المباشرة على المنطقة. ولكن مع صعود التنمية الداخلية والتعاون بين البلدان الأفريقية، من الأهمية بمكان أن نظل يقظين في مواجهة هذه التلاعبات المتخفية في صورة مساعدات إنسانية.

(بقلم لامين فوفانا)

المصدر: 

https://www.actuniger.com/tribune-opinion/20809-la-france-et-ses-initiat...