جامعة الملك فهد للبترول:
ودُعيت أكثر من مرة للمحاضرة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن «جامعة الظهران». وفي إحدى المرات حاولت أن أعتذر، فقالوا: إن المحاضرات لا تقام إلا بموافقة ملكية سابقة، أو بتعبيرهم: موافقة المقام السامي، فلا تضيع علينا هذه الموافقة.
وقد علمت أنَّ كل المحاضرات لا بدَّ أن توجد فيها هذه الموافقة، وقد أكدَّ لي كل الذين دعوني: أن الموافقة عليَّ من الجهات العليا تصدر بسهولة، فقد كان مرضيًّا عني في تلك الفترة.
ومما أذكره: آخر محاضرة لي في جامعة الملك فهد، فقد كان فيها حضور كثيف ملأ القاعة الكبيرة جلوسًا ووقوفًا، وخارج القاعة، مما قدَّره بعضهم بنحو خمسة آلاف، وهذا قلما يحدث.
جامعة الملك فيصل في الأحساء والدمام:
ومن الجامعات التي دعيت إليها أكثر من مرة: جامعة الملك فيصل في الأحساء والدمام، بدعوة من مديرها الأستاذ الدكتور محمد سعيد القحطاني حفظه الله.
لقاء للطالبات لم يتم:
ومما لا أنساه في إحدى هذه الزيارات: أني حين وصلت بعد الظهر إلى الأحساء، قال لي الدكتور القحطاني: أعرف أنك تعبت من السفر، ولكن الطالبات رغبن أن يلتقينك في لقاء خاص. قلت: ولماذا لا يحضرن المحاضرة العامة في المساء؟
قال: الدعاة المشاهير يزدحم عليهم الجمهور ويكون الحضور كبيرًا، فلا يجدن لهنّ مكانًا؛ لهذا أردن هذا اللقاء، حتى يستطعن الحوار معك ويسألنك وتجيبهن.
قلت: على بركة الله، إنما جئت لأسمَع وأُسمِع.
وصحبني عميد كلية الآداب، وقال لي: إنَّ عدد الطالبات ربما يبلغ ألفًا.
قلت: أليس هناك مكبّر صوت «ميكروفون»؟
قال: بلى. قلت: فليكن العدد ما يكون.
لا أستطيع أن أقف لأكلم الكراسي!
وانتقلت مع عميد كلية الآداب إلى القاعة التي فيها اللقاء، ودخلنا بالفعل قاعة كبيرة، فيها ما يقرب من ألف مقعد أو كرسي، وقال العميد: تفضّل إلى المنصّة، قلت: أي منصّة؟
قال: منصّة القاعة.
قلت: ولكني لا أجد طالبات في القاعة!
قال: الطالبات في قاعة مجاورة، وهنَّ يشاهدنك عن طريق جهاز تليفزيون.
قلت: ولكن لا يوجد هنا في القاعة من أخاطب، أأقف وحدي في القاعة لأكلم الكراسي؟!
قال: تكلم الطالبات، ولكن من وراء ستار.
قلت: وما المحظور في أن أكلمهنَّ مباشرة بلا ستار ولا حجاب؟ ألم يكن النساء يحضرن في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع الرجال، ويخاطب الجميع؟ وحتى حين طلبن يومًا لهن خاصة، كان يلقاهنَّ وجهًا لوجه.
وفي المسجد يصلي الجميع خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وخلف كل إمام بعده الصفوف الأمامية للرجال، والصفوف الخلفية للنساء، وليس بينهما أي حاجز من بناء أو خشب أو قماش أو غير ذلك.
ولا يوجد في الإسلام مسجد خاص بالنساء. المسجد للرجال والنساء جميعًا، ثم ماذا يحدث إذا خاطبتهن وجهًا لوجه، وأنا رجل واحد، وهنّ ألف امرأة؟!
قال الدكتور: وما الحل؟
قلت: الحل عندكم، أنا شخصيًّا لا أستطيع أن أقف في قاعة ليس فيها أحد، وأكلم أناسًا لا أراهم.
قال: نستشير مدير الجامعة. واتصل العميد بالمدير، وأبلغه بموقفي. فقال: أعطني الشيخ، فكلمني، وقال: هذا أمر لا أملكه ولا أستطيع أن أتخذ فيه أمرًا، هذه سياسة عليا.
قلت: وأنا لست ملزمًا بهذه السياسة.
قال: هذا من حقك، ونحن نعتذر للطالبات بعذر أو آخر. وهذا ما كان.
التعاون مع رابطة العالم الإسلامي:
ومن المؤسسات التي كنت أتعاون معها في المملكة: رابطة العالم الإسلامي. وأول دعوة جاءتني منها: المشاركة في «مؤتمر رسالة المسجد»، وكان مؤتمرًا كبيرًا، حضره جمٌّ غفير من أهل العلم والدعوة من أنحاء العالم.














