المدرس الموريتاني ليس بخير- محمد المصطفى محمد محمود آكا

أصبح التعليم الموريتاني بيئة طاردة للمصادر البشرية عموما بكل المقاييس .
ويعاني المدرسون من ذلك الأمرين ،  التهميش والحرمان .
فما هي أبرز مشاكل المدرس الموريتاني ؟!
ومن هو السبب فيما نحن فيه ؟
تشهد موريتانيا منذ فوز فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بالانتخابات الرئاسية الأولى محاولة لانتشال التعليم من خطر الاندثار مما استدعى  تبني شعار المدرسة الجمهورية ..
ولكن لوبي الفساد سرعان ما امتص المفاجأة وصارع من أجل البقاء حيث تبنى الشعار ظاهرا وحاربه باطنا .
ولقد أجمع الموريتانيون قمة وقاعدة على أن التعليم الموريتاني ليس في أفضل حالاته ولا هو أفضل تعليم في المنطقة ولا العالم .
ولإن كانت مشاكل التعليم أكثر من أن تعد ،  وبعضها ماثل للعيان لا يحتاج لذكره لأن توضيح الواضح يزيده إشكالا فإنني سأتوقف عند المدرس من بين أركان الرسالة التعليمية التي هي  :
 أ_المدرس
ب_ المنهج
ج_ التلميذ
د_الأهالي
هـ _ الأهداف
و _ الوسائل
فأقول : المدرس  هو المحرك البشري الخادم للعملية التعليمية استقبالا، وإرسالا وتثبيتا ، فهو متعلم ليكون معلما ، ويغرس المعلومة ويثمرها ويستثمرها عند التلاميذ .
ومن كان بهذه الأهمية فإن تجاهله أو النيل من كرامته أو استغباءه يعد ضربا من دق إسفين الفشل في المنظومة التعليمية.
وهذا ما تفطن له لوبي الفساد ، حيث يتعامل بعقوق واحتقار مع المدرس الموريتاني الذي رباه وأوصله لسلم التوظيف والتعيين .
ومن أبرز مشاكل المفسدين مع المدرس  ما حصل من إطلاق الألسنة في الإعلام بنقص المستويات ورفع شارات تمثل عنها مايلي :
1- إهانة الكرامة وتتمثل في النيل منه شكلا ومضمونا _ وأحيانا أمام التلاميذ _ حيث أصبح المدرس  يقدم للعامة على أنه :
_ شخص مغيب ( لا يدري ما يراد منه )
 _ وحالم بالمستحيل (إصلاح البلد عبر التعليم )
_ وينشد حلما بعيد المنال ( أن ينال حقوقه من كرامة وعيش كريم مع من يبدد ثروة البلد في الصفقات والاحتفالات )
2- تضييق عيش المدرس :
لاشك أن التعليم أصبح بيئة طاردة بسبب الأجور الزهيدة والمعاناة التي يشهدها كافة المدرسين وفئاتهم .
*_الموظفون الرسميون .
*_ والوكلاء العقدويون المكتتبون 
*_ والوكلاءالعقدويون بعقود دائمة *_ومقدمو خدمات التعليم 
كل هؤلاء يعاني بؤسا ويأسا وعيشا منغصا .
ولكن بعض الشر أهون من بعض .
فبعض المدرسين يمارس نفس المهنة ويتقاضى نصف ما يتقاضاه نظيره من نفس الوظيفة وفي نفس الظروف التي قلنا إنها غير مرضية للجميع .
بالإضافة إلى المنع من أي حقوق أو علاوات .
بل الأدهى من ذلك أن بعضهم يعد مقاولا على التعليم ويسمى ( مقدم خدمة ) 
وناهيك به فشلا لدولة تجعل عقول أبنائها تحت يد مؤقتة !
3- الاقتطاع المجحف :
الدستور _ نظريا _ هو أصل القوانين بل هو القانون الأسمى وقد ضمن حق الإضراب المرخص .
ولكن من مفارقات "وزارة التربية " أن قرارات إداراتها الجهوية فوق الدستور كما أن قوانين الوظيفة العمومية أيضا اعلى من الدستور بهذا الصدد ، حيث لا يخضع المدرس لمجرد الاقتطاع بمقابل إضرابه من أيام العمل ، بل يقتطع منه مقابلها وجميع علاوات ذلك الفصل بأجمعه .
وأما تشريع الوظيفة العمومية الاقتطاع على الإضراب فغير دستوري أيضا ؛ لأن قول الدستور :( الإضراب حق)
وتأتي الوظيفة العمومية لتقول : (الإضراب يعاقب عليه بالاقتطاع )
نتيجته العقلية هي : (الحق يعاقب عليه )
ولا يخفى عليك بطلان هذا عقلا .
 بل وبطلانه شرعا ،  لأن العقوبة بالغرامة المالية مخالفة للمذهب المالكي .
4- سرقة المستحقات : فكل مكتتب من وكلاء الدولة عبر مسابقة  مثلا يحرم من مستحقاته من تاريخ الاكتتاب كما يتحايلون بالتعليق (بالغلط ) وتأخر التقدمات ونقص المبالغ المخصصة للضيافة أثناء الورشات والتكوين المستمر الذي توقف لسبب الله أعلم به 
4- الفصل التعسفي لمن هم على رأس عملهم أو قدموا مبررات طبية لسبب الغياب 
5- تضليل الرأي العام بالمبالغات بأن واقع المدرس مزدهر ويشهد نهضة باهرة .
أخيرا اقول تلك بعض مشكلات المدرس التي تمر عبر الإعلام وما خفي أعظم .
والأدهى أننا كنا نتكلم في مشكلات ركيزة واحدة هي المدرس فما ذا لو تناولنا بقية أركان العملية التربوية 
وما لم تتغير وزارة التربية عن واقعها الحالي فلا طمع في إصلاح عقول الأجيال القادمة .