الوزير ممد ولد أحمد في حوار شامل مع موقع الفكر: أدعو النخب إلى أن تتدارك بلدها حتى لا يفسد.

 

الفكر(نواكشوط) سعيا منافي موقع الفكر إلى تنوير الرأي العام وإشراكه في القضايا الكبرى، ومعالجة الإشكالات المطروحة بقوة وإلحاح في الساحة الوطنية، وعرضها على ذوي الاختصاص .

 ولإيجاد إجابات دقيقة ومفيدة، تستند إلى معطيات علمية وتعززها تجارب ميدانية غنية.

نستضيف لكم اليوم شخصية وازنة شغلت وظائف إدارية متعددة  ومناصب حكومية رفيعة، واحتلت مكانا مرموقا في منظمات في الحركة الوطنية.

وقد سألناه عن التعليم والسياسة والاقتصاد ،وأهم إنجازاته في القطاعات الحكومية التي عمل بها ،وأهم التحديات التي واجهته ، وعمل اللجنة البرلمانية، وما يعرف بملف العشرية الأخيرة، وحصيلة سنة ونصف من حكم الرئيس الحالي ولد الشيخ الغزواني.

فإلى المقابلة:

 

موقع الفكر: نود منكم أن تعرفوا المشاهد على شخصكم الكريم من حيث الاسم والنشأة والدراسة و الوظائف التي تقلدتم؟

ممد بن أحمد : ولدت في منطقة تامشكط بولاية الحوض الغربي ودخلت المدرسة الابتدائية وأنا صغير السن ثم ذهبت إلى مدينة نواكشوط لأكمل مرحلة الدراسة الثانوية  في أول ثانوية أنشأت في البلاد، ثم ذهبت بعدها إلى جامعة داكار  وحصلت شهادة الماجستر في التاريخ والجغرافيا ثم رجعت إلى انواكشوط وعملت بالثانوية الوطنية، ولم يكن فيها من الموريتانيين إلا أنا وأستاذ من منطقة أبي تلميت ومكثت في هذه الثانوية وعرض علي العمل في المعهد الموريتاني للبحث العلمي ورفضت ذلك وبقيت في الثانوية، وعينت مديرا لها، حتى وقوع حرب الصحراء وطالبت بوقف تلك الحرب ليس لأنها حرب بين الإخوة الأشقاء وليس لأننا جربناها ولم ننجح فيها بل لأننا لا نمتلك وسائل تمكننا من متابعتها، ولما أبديت هذا الرأي استاء منه النظام وطردني من العمل فمكثت فترة معينة وأنا عاطل عن العمل فلما وقع انقلاب العاشر من يوليو أيدته؛ لأن البلد كان في طريق الاندثار فجبهة "البوليزاريو" تهاجمه  يوميا والجيش المغربي أحكم سيطرته على الشمال حتى منطقة "أكجوجت" والرئيس المختار كان مريضا وكان الاقتصاد في حالة مزرية، وكنت قبل ذلك قد اتفقت أنا ومحمد يحظيه بن ابريد الليل رحمة الله عليه مع الرائد جدو بن السالك رحمه الله على إيقاف الحرب وإنعاش الاقتصاد وإجراء الانتخابات.

وما لبث العسكريون أن أبعدوا أصحابنا جدو بن السالك والمصطفى بن محمد السالك ثم جاء العسكريون فعاثوا في البلد فسادا وتتابعوا على ذلك وكان من بينهم معاوية وقد حكم أزيد من عشرين عاما وكان رجلا وطنيا إلا أنه لم يكن يمتلك خبرة في التسيير إذ ترك المال العام نهبا للمفسدين ومع ذلك كان الأفضل بين أولئك العسكريين، وقد كتبت وثيقة حوله بمناسبة مرور 40 سنة على انقلاب 10 يوليو  بإمكانكم أن تطلعوا عليها.

وقد توليت منصب مفوض الأمن الغذائي ووزارة التنمية الريفية، ووجدت عدة فرص للتوظيف إلا أنني رفضتها لأني كنت  معارضا والمعارض لا يكون  ضمن السلطة وكنا نحب أن نشارك في الحكم ونحد من أخطائه   ولكننا نعلم أننا لا يمكن أن نفعل شيئا.

 وقد تقاعدت سنة 2007 بعدما عملت مستشارا في الرئاسة مع  الرئيس معاوية ولد الطائع ثم عملت في المعهد التربوي ولم أكن أعرف المال فيما مضى ونفسي لا تحتاج إليه وعملت في لجنة الانتخابات، ولما أصبحت وزيرا في حكومة ولد الطائع سنة 1998م. وجدت أن الوزارة من كثرة تعاقب الوزراء عليها أصبح وضعها وضعا غير صحيح، وكان الوزير الذي خلفته عليها وزيرا عسكريا غير مؤهل، ولم أجد خططا أو برامج واضحة يمكن العمل عليها ومكثت فيها أربعة أشهر، وأجريت تعدادا للعمال وعالجت بعض الحالات الإنسانية لكنني سرعان ما  أقلت منها، وقمت بزيارات للداخل فاكتشفت أن وضعية الريف بائسة وأنه  مهمل وليس به اقتصاد معاصر وأهله غير معدين لشيء و لا يريدون إلا من يجلب إليهم شيئا من المساعدات  أو يقوم بتعييين بعض أبنائهم فقط.

والدولة مستمرة على هذا الحال.. فالرئيس معاوية رغم أنه ليس سيئا ويسعى لمصالح البلد إلا أنه لم تكن معه طواقم تمكنها من ذلك كما أنه ليست  له خطط سياسية واقتصادية ناجحة، والمجتمع غير مؤهل وحتى ذوو الخبرات منهم من هاجر إلى الخارج، ومنهم من استسلم للأمر الواقع، وحتى المعارضة عندما وجدت لم تستطع أن تفعل شيئا لارتباط الناس بالدولة في المعاشات، ذلك أن ما نحتاجه ليس حاجة مادية فحسب لأننا كنا نعيش  في الريف وانتقلنا  فجأة إلى المدينة ونحن لم نستوعب حياة المدينة، وكانت لدينا نخبة مسيسة تعتمد على تأثير خارجي غالبا كالنخب القومية والماركسية ولما انتهى ذلك التأثير الخارجي ضعفت ولم يترك النظام فرصة لأحد إذ، كان كثيرا ما يعتقل الناس ومكث ولد الطائع ست سنوات في كل سنة يعتقلنا وعند ما سئل بعد ذلك عن السبب قال إنه كان يخشى من تأسيس جهد يمكن أن ينتزع منه السلطة.

واليوم أملنا كبير في أن نجد طواقم ونيات حسنة لكي نقوم بإصلاح حقيقي ولكن حتى الان لا توجد وسائل لذلك.

 

موقع الفكر: ما أهم انجازاتكم في الوزارة وكيف تركتموها؟

ممد بن أحمد: كما قلت لكم إنني لم أمكث فيها إلا أربعة أشهر، وكل ما وجدته مجموعة من العمال تنتظر رواتبها ولم تكن هناك خطط أو دراسات، وهذا هو حال الحكومة وكان هناك أمل في أن يحدث شيء ما  كأن يأتي أناس  نوعيون فتتكاتف جهودهم للإصلاح أو يأخذ الرئيس منعطفا آخر، وهذا ما كنا ننتظره ولم أستطع إنجاز أي شيء وإلى الآن يدور البلد في نفس الحلقة. وحاولت أن أعيد بناء مصالح الغابات والمياه ولكن المشروع لم ير النور. ولم تكن الحكومة منسجمة فيما بينها وإنما كان الأمر ما يقرره الرئيس.

موقع الفكر: ما سبب تعيينكم أيام معاوية بن الطائع؟

ممد بن أحمد : سبب تعييني في الوزارة هو أن معاوية كان يعين أعضاء من الحركات السياسية وكنت قد رفضت الوزارة من أيام الرئيس المختار بن داداه وأيام انقلاب 10 يوليو عرضوا علي أن أكون وزيرا، لكنني رفضتذلك وقدمت لهم محمد يحظيه بن ابريد الليل لكي  تكون الحكومة من مختلف أنحاء البلاد، ثم استدعاني معاوية وقال لي إنه يطلب مني المساهمة في بناء الوطن وعينني وزيرا للتنمية، لكنها كانت وزارة خاوية على عروشها ولم يكن بها شيء يذكر. وكنت قبلها في مفوضية الأمن الغذائي ووجدت لديها بعض الاحتياط وقمت بتوزيعه ولم أمكث فيها كذلك إلا أربعة أشهر. وأظن أن المجتمع لم ينتج نخبة أو طبقة مستعدة للبناء بعد.

 

موقع الفكر : كم قضيتم في إدارة المعهد التربوي؟
 ممد بن أحمد : عينت في إدارة المعهد التربوي سنة 2004 ومكثت فيها حتى عام 2007 وكانت فترة لا بأس بها لأن مجال العمل فيها هو من اختصاصي من حيث طباعة الكتب وتوزيعها وإقامة الورشات وتحسيس المعنيين بالمجال.

 

موقع الفكر: مراجعة البرامج التعليمية هل هي استجابة لحاجة وطنية أم تناغم مع جهات دولية؟ أم استدرار للتمويل؟

ممد بن أحمد: التعليم في وضع صعب وهو يعكس حاجة المجتمع من حيث الحاجة للإصلاح ولكن القائمين عليه لا يجدون ما يكفي من الموارد للقيام بالإصلاح وقد لا يتلقون الإعداد الجيد الذي يمكنهم من القيام بهذه المهمة. وكما قال وزير التهذيب مؤخرا فإن 4% من الطاقم التدريسي هم المؤهلون للقيام بمهامهم، وهذا يعود إلى السلطة لأنها المسؤولة عن التسيير والرقابة، والمجتمع مجتمع مستضعف يرضى بما هو موجود. والمجتمع بمختلف فئاته وجهاته ومختلف مفكريه يجب أن يفكر فيما يريده أولا.

 والمراجعة التي يتم القيام بها تكون أحيانا تقتضيها الحاجة وأحيانا لا تقتضيها ولقد طال عهدي بالمعهد فقد غادرته منذ ثلاثة عشر عاما.

ولكن أعلم أنهم مقتنعون بإصلاح التعليم وجادون في عملهم ولكن لم تتوفر بعد لهم الشروط اللازمة لإصلاح التعليم، والوزير الحالي وزير شاب ولديه الأهلية المهنية والأكاديمية لإصلاح التعليم ولكن هل تتوفر لديه الأطقم  والموارد الكافية لإصلاح !! والمشكلة تعود كذلك إلى المجتمع.

 

موقع الفكر: ما الأسس الموضوعية والفنية اللازمة كي يبلغ الإصلاح غايته؟

ممد بن أحمد : يجب أن نعود إلى السياسة أولا فيجب على المهمتين بهذا البلد أن يتداعوا إلى  نقابة أو حزب أو هيئة  أو تجمع معين وهذه الهيئة هي التي تفرز الحاجيات الموضوعية لكي تخرج بالمطالب الأساسية ويخرج من بينها مجموعات من ذوي الخبرات فالخطة يجب أن تأتي من الساسة وليست من التكنوقراط الذين لا يعرفون ما يريدون.

 

موقع الفكر: هل المشكل اللغوي مشكل تربوي أم سياسي؟

ممد بن أحمد: مشكل سياسي، وحله سهل إن وجد الإرادة فزنوج موريتانيا كانوا في القديم يكتبون باللغة العربية فلو وجدوا من يساعدهم ويتعاون معهم ويشرح لهم لحل هذا الإشكال بكل بساطة. والكلام باللغة العربية عم في هذه البلاد وكثير من المشرفين على القضايا العامة لا علم لهم بها وبالتالي لا يمكنهم حل إشكالاتها. فلا ينبغي أن يمارس الشخص غير تخصصه لأن ذلك يضره ويضر التخصص ثانيا.

 

موقع الفكر: تدني مستوى جامعتنا التي تحتل ذيل الترتيب العالمي هل له علاقة بالفشل في إدارة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي أم يدل على فشل في إدارة وتخطيط وتمويل قطاع التعليم العالي؟

ممد بن أحمد: كلا الأمرين صحيح فالتعليم العالي جديد عندنا ويحتاج إلى كوادر ذات مستوى عال، كما أن  أصحابه لا يمكن أن يؤسسوا إلا على معطيات التعليم الثانوي والإعدادي والابتدائي، ويجب علينا توفير الشروط اللازمة لإصلاحه وننتظر النتيجة، والنتيجة لا ينبغي أن ننتظرها عند البداية بل يجب علينا الانتظار حتى النهاية.

 

موقع الفكر: هل تخضع المدرسة الفرنسية لرقابة الدولة الموريتانية؟

ممد بن أحمد : عدم الرقابة على المناهج أمر لا ينبغي وقد أصبح التعليم عندنا فوضى؛ يمارسه ويستثمر فيه كل من هب ودب وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على استشراء الضياع للأسف، فلا ينبغي أن يعلم شبابنا غير تراثنا وثقافتنا ولا ينبغي أن يقدم تعليم غير مراقب.

وهذا من أسوأ ما مررنا به في تاريخنا ويرحم الله الرئيس المختار بن داداه رغم ضعف دولتنا آنذاك كانت المدرسة مدرسة وطنية وكانت وتراقبها مجموعة من ذوي النيات الحسنة، وكانت تشرف على تعليمنا.

 فترك المناهج غير مراقبة يدرس فيها كل من هب ودب جريمة في حق هذا الشعب.

 

موقع الفكر: ما تعليقكم على وجود الجامعة خارج المدينة في حين توجد الثكنات العسكرية في قلب المدينة؟

ممد بن أحمد : سبب هذا الأمر هو انعدام التخطيط، وقد قام به ولد عبد العزيز وقال إنه قام بشيء لم يقم به أحد سواه وصدق في هذا؛ لأن  هذا الفعل خطأ غير مسبوق، ومع ذلك يجب أن نتعاون مع هؤلاء كي لا نتعرض لشيء أسوأ مما نحن فيه الآن.

 

موقع الفكر: متى التحقتم بحزب البعث العربي؟

ممد بن أحمد: التحقت به مبكرا ففي مرحلة الخمسينات كنا نحن الطلاب القادمين من البادية نستمع إلى إذاعة صوت العرب نتلمس الفكر القومي وعارضنا نظام المختار ولد داده؛ لأن فرنسا هي من جاء بنظامه، وقد جلب لنا محمد يحظيه ولد ابريد الليل فكر حزب البعث  من المشرق بعد ذهابه من فرنسا إلى سوريا لكن بعد هزيمة 67 19م. وتفكك الخطاب القومي أصبح بعضنا بعثيا وأصبح الآخر يساريا، و لكن الكل كان يسعى إلى الخير  ويريده للبلد والكل حريص على إنجاز ما هو جيد.

 

موقع الفكر: كم بلغت اعتقالات البعثيين؟

ممد بن أحمد:  منذ أيام المختار بن داداه ونحن نعتقل لكن في أيام المختار كانت مجرد اعتقالات ولم تكن سجنا بينما منذ مجيء الحكم العسكري والذي شاركنا في بدايته  حيث دعمنا انقلابه الأول الذي ما إن فشل في تسيير شؤون الدولة حتى بدأت الاعتقالات في صفوفنا ففي فترة ولد بوسيف كنا مختبئين في السنغال؛ لأنه كان ينوي اعتقالنا واعتقلنا محمد خونه بن هيداله ووصل ولد الطائع إلى الحكم كنا آنذاك في السجن.

 

موقع الفكر: حدثنا عن أول مرة يتم اعتقالكم فيها؟

ممد بن أحمد: الارتجال هو سيد الموقف في كل مناحي الحياة في هذا البلد، وأذكر أنني كثيرا ما يأتي إلي شرطي ويقول لي إن إدارة الأمن تريدني فأذهب معه فيستجوبونني ثم يعتقلوني وقد تكرر هذا المشهد مرات عديدة.

و قد مكثنا في سجن "اجريدة" وهو سجن شديد و معد لمن يراد إعدامهم  وإن كان "ابريكه ولد امبارك" يتعاطف معنا ويسمح لنا بالزيارة.

وكانت فلسفتنا تتنافى مع الظهور المادي لأننا لم نكن نمتلك الأموال  ولم نكن نريد الظهور بها  أصلا أمام الجماهير بل نظهر بالمثل والأخلاق.

 

موقع الفكر: يقال إن سفير العراق بموريتانيا ”الرفيعي" كان يجتمع بكم؟

ممد بن أحمد : الرفيعي كان ممن يسعون إلى أن يحكم حزب البعث العراقي في كل الدول العربية وكان نشطا وأتاحت له الدولة العراقية جميع  الوسائل وكان يجتمع مع بعض الناس لكن كانت لنا اجتماعاتنا التي لا يعلم عنها شيئا، ونحن من حزب واحد واتجاه واحد لم نكن أبدا تابعين للعراق فحتى فيما يتعلق بجبهة "البوليزاريو" كنا معها وهم كانوا ضدها وكذلك انقلاب 10 يوليو كانوا ضده ونحن كنا  من مخططيه.

 

موقع الفكر: ما الفرق بين معاوية ومحمد خونه ولد هيدالة مع العلم أن معاوية قام باستئصال البعثيين من الجيش حيث سرح خمس مائة عنصر من عناصر الجيش دفعة واحدة في حين أن ولد هيداله رفض استئصالهم من الجيش ؟

ممد بن أحمد: ليسوا سواء؛ فولد هيدالة رجل بدوي لا يعرف السلطة ولا يريدها وكان من المقرر ألا يتولاه لكن زميله أحمدو ولد عبد الله آثره بها ولم يمكث في السلطة إلا قليلا وكان منشغلا بالبادية وتوزيع المساعدات على المواطنين، وكانت الإدارة القديمة هي من يسير البلد، أما معاوية فقد كان يعرف السلطة وعنده عقلية السلطة وحتى إنه رفض الانقلاب الأول وقال إن الموجودين لا يمكنهم أن يحكموا.! وقد وجه إلينا عدة ضربات متتالية لكي يبقى في السلطة، وهذا أمر طبيعي لأننا كنا نسعى إلى السلطة وهو يريد المحافظة على سلطته.

وكان يظن أنه بإمكاننا أن نحكم لأن لدينا امتدادنا الخارجي والعناصر العديدة الموجودة على المستوى المحلي ومع ذلك فهو رجل وطني.

 وبعد سجننا الأخير أنشأنا حزبا سياسيا  طلب منا الانضمام إلى حزبه لكننا رفضنا وقلنا له أن يدخل هو في حزبنا وهذا ما لا يتحمله، وإنما أنشأ الحزب الجمهوري الديمقراطي الاجتماعي  كي يملي عليهم ما يريد!.

 

موقع الفكر: أين هي الحركات القومية عموما والبعثيون خصوصا؟

ممد بن أحمد : هذا سؤال صعب ونحن انتهينا من العمل الحزبي لأنا تعبنا منه ولأنا لا نملك ما نعطيه للناس ولأنا لا نحب أن نكسب الناس بإعطائهم المال؛ لأن الناس يحبون النتيجة السريعة. وبإمكانك أن تسأل الشباب القائمين على حزب الصواب عن كيفية تعاملهم مع السياسة مع أن العمل الحزبي في هذه البلاد يحتاج إلى قدر من التروي.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في تحالف حزب الصواب مع حركة إيرا؟

ممد بن أحمد : هو تحالف انتخابي تمكن بموجبه رئيس الحزب من دخول البرلمان، وكانت لدينا فكرة قديمة وهي ألا نترك إخوتنا لحراطين يبتعدون عن إخوتهم البيظان.

 

موقع الفكر: لماذا فشلت مختلف التنظيمات في استقطاب شريحة الحراطين؟

ممد بن أحمد : يعود الأمر إلى البدائية في تلك التنظيمات، وإلى غياب الأهلية المعرفية لبعض الأفراد. وكل الحركات التي نشأت لم يكن الوقت يسمح لها بأن تصل إلى أهدافها بل كانت تقف في وسط الطريق ومن ثم تتعطل والسبب في ذلك يعود إلى غياب انسجام الأفراد وأهليتهم.

 

موقع الفكر: لماذا لم نسمع أحدا من التيار البعثي ندد بوجود سفارة إيران في موريتانيا؟

ممد بن أحمد: كانوا ضد إيران ولكن بعضهم أصبح يقف معها؛ لأنها ضد السياسة الأمريكية في المنطقة وإيران نصف أو ربع صديق وإسرائيل عدو كامل العداوة فعدو العدو صديق كما يقال.

والعدو التاريخي هو الغرب المتحالف مع إسرائيل وإيران إن تغير نظامها يمكن التفاهم معها.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لسنة ونصف من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟

ممد بن أحمد: الوضع صعب ويزداد صعوبة؛ لأن ولد الغزواني ليس سياسيا ولم يمارس السياسة من قبل ولا يمكنه أن ينجز أي شيء؛ لأنه لا يستطيع؛ لانعدام التجربة والموارد؛ ولأن كل أبناء البلاد يريدون أشياء لا يمكن تحقيقها  ومن باب الصداقة ينبغي أن يعلم بالحقيقة وينبغي له أن يشرك الناس ممن لديهم التجربة أو أن ينأى بنفسه عن الحكم، وهو أسوأ حالا من ولد عبد العزيز؛ لأن ولد عبد العزيز وجد أمامه الكثير من المال فأفسده أما هو فلم يجد  أمامه شيئا يذكر؛ لأن الدولة مفلسة حاليا، وليس الأمر مسألة شخصية فأغلب سكان البلد هاجروا والآخرون عازفون عن العمل والبلد  أصبحت أبوابه مفتحة أمام الأجانب والأمر في بالغ الخطورة، ومن كانوا سادة البلاد اندثروا بسبب عرقلة الزواج والترفع عن الأعمال الشاقة كدخول الجيش وغيره من الأعمال الشاقة والكل إنما يطلب كيفية يكون بها مترفا.

 

موقع الفكر: هل ما تزال العبودية موجودة أم أن الموجود آثارها فقط ؟

ممد بن أحمد : العبودية لم تعد موجودة لكن انعدام الاحتضان لهذه الفئات التي عانت سابقا من هذه الظاهرة وانتشار الجهل والفقر والنمو الديمغرافي سببا جرحا غائرا.

والمعارضة ضعفت ولم تعد موجودة لكنها ستعود بالتأكيد فأغلبيتها من جيلي كمحمد ولد مولود وأحمد ولد داداه وكلاهما ضعف بدنه ومع ذلك مصر على تولى قيادة حزبه، فمحمد محمود ولد أمات كان ينبغي له أن يكون رئيس التكتل فهو من عرف الحزب وناضل فيه.

ومع ذلك أتوقع أن تستمر المعارضة وبقوة وعنف للأسف بسبب استمرار الجوع والضعف الاقتصادي وضعف الدولة.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في مسألة الإرث الإنساني؟

ممد بن أحمد : مسألة الإرث الإنساني كان من المفترض ألا تتم وينبغي تسويتها واسترضاء الأسر المعنية حتى نتجاوزها، فكل مشاكلنا سهلة إن قورنت بمشاكل دول الجوار، ولكنها تحتاج  سلطة قوية لها إرادة ومستوى معين للتعاطي مع هذه المشاكل وفي هذه الحال فمن السهل جدا حلها.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم  لتقرير اللجنة البرلمانية الأخير؟

ممد بن أحمد: لا بأس به ولا أدري لماذا لا  يحكم الرئيس على الناس من خلال أفعالها فتقرير محكمة الحسابات قال إن فيه معلومات غير دقيقة وترك طواقم ولد عبد العزيز المفسدة ولم يبرر لنا ذاك فلو برر لكان خيرا له ولنا وأصبح الأمر خطيرا ولا يمكن أن يبنى عليها حتى إننا ظننا أنه منهم.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

ممد بن أحمد : أقول للنشء لا تتركوا بلدكم يفسد وأنتم تنظرون.. فلقد بنته جماعة لم تكن أهلا للبنيان كالمختار وجماعة التراجمة والهروب من الواقع لا يفيد وها أنا في آخر عمري أضع تجربتي ولا أريد لها مقابلا مع أي رئيس يريد أن يصلح وأدعو النخب إلى أن تتدارك بلدها حتى لا يفسد.