نسائم الإشراق الحلقة رقم (1678) 19 أغسطس 2021م،10 المحرم 1443هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (709)

خطبة العيد في الإسكندرية:

وفي إستاد الإسكندرية خطبت العيد أكثر من مرة، ومنها مرة كان الذي رتَّب لي الذهاب إلى الإسكندرية، وقطع لي التذكرة: هم رجال أمن الدولة أنفسهم، وهم الذين حجزوا لي الفندق على كورنيش الإسكندرية، وأقاموا بالاشتراك مع وزارة الأوقاف حفل الإفطار يوم الوقفة (9) من ذي الحجة.

وكانوا أرسلوا إليَّ مندوبهم مع مندوب وزير الأوقاف «المحجوب» يرجوني أن أقبل الذهاب إلى صلاة العيد، وقالوا: إنَّ الجموع المحشودة للصلاة كبيرة، وإذا لم يكن الخطيب حكيمًا ومأمونًا، يخشى أن يفلت الزمام. ومثلك مَنْ يؤمن على ذلك.

وفي الصباح عند الذهاب إلى الاستاد، تنازع رجال الأمن والشباب المشرف على الصلاة: أيهما الذي يتولى نقلي إلى الصلاة؟ فقلت لرجال الأمن: دعوا الشباب يتولى هذا الأمر؛ فهذا أكرم لي من أن أذهب في صحبتكم!

العودة إلى القاهرة بالقطار:

وبعد انتهاء الصلاة وخطبة العيد، أخرجني الشباب بأعجوبة، قبل أن يهج عليَّ المصلّون، فلا أملك الفكاك منهم، وكنت قطعت تذكرة طائرة للعودة إلى القاهرة بصورة أسرع، ولكن بعد ذهابنا إلى المطار، وجدنا المطار مغلقًا في انتظار إقلاع طائرة الرئيس حسني مبارك، الذي كان يصلي العيد في الإسكندرية، ولا يُدرى متى يفتتح المطار.

وهناك قال مسئول الأمن الذي صحبني إلى المطار، وأمر أن تفتح لي قاعة التشريفات: إذن نقطع لك تذكرة على القطار، ونكلِّف من ينتظرك في محطة القاهرة، ليوصلك إلى البيت. وعبثًا حاولت أن أدفع لهم ثمن التذكرة أبوا. وأظنها كانت في ذلك الوقت بخمسة جنيهات!

العقيد محمد رفعت:

وفي المحطة وجدتُ أحد رجال أمن الدولة ينتظرني على الرصيف، وقد احتفى بي وقدّم نفسه لي، وقال: أنا العقيد محمد رفعت. قلت: سمعت باسمك من قبل، ولم أتشرّف باللقاء إلا اليوم.

قال: أنا في خدمتك إذا أحببت أن تذهب إلى أيِّ مكان فأنا حاضر.

قلت: جزاك الله خيرًا، إنما أريد أن أذهب إلى أولادي. وقد قام العقيد رفعت بالمهمة على ما يرام، وحاولت أن أدعوه لشرب فنجان شاي، فاعتذر، وقال: لعل ذلك يتم في مناسبة أخرى.

وكان وزير الأوقاف محمد المحجوب، قد قال لي: إذا أحببت أن تبقى أسبوعًا أو عشرة أيام أنت وأهلك في الفندق، هيّأنا لك ذلك بكل سرور.

قلت له: شكرًا يا سيادة الوزير، أنا أتيت لمهمة، فإذا أدَّيتها عدت من حيث أتيت. وأنا بحمد الله عندي شقة في الإسكندرية على الكورنيش، إذا احتجت إلى شاطئ الإسكندرية ذهبتُ إلى شقّتي.