
تشهد أسواق نواكشوط حركة تجارية نشطة قبيل أيام العيد.حيث تجدد المحلات في معروضاتها، تتنافس ورش الخياطة والصباغة في إمداد السوق بالموضات الجديدة في الملاحف وزخرفة "الدراريع " الملابس التقليدية، فيما تعرف أسواق الأغنام والمواد التموينية سباقا من نوع آخر لإرضاء رغبات المستهلكين وتلبية حاجاتهم التي لا يجمعها سوى الرغبة في إظهار الفرحة وإسعاد الآخرين في يوم العيد
أسواق الملابس: تنوع في العرض وطفلاة في الإقبال
تعرف أسواق الملابس في نواكشوط، خاصة سوق كبتال، والميناء إقبالًا كبيرًا قبل يومين من حلول العيد، لذا عمدت السلطات إلى غلق الشوارع القريبة من هذه الأسواق مما حولها إلى فضاء مفتوح للباعة المتجولين، وأصحاب العربات وباعة الملابس التقليدية مثل "الدراعة" و"االملاحف "، فيما تنتشر معروضات ملابس الأطفال والأحذية على قارعة الطريق وجنباتها، ولعل من الملفت هذا الموسم تزايد الاقبال على معروضات الملابس المستعملة التي أصبحت البديل الجاهز في ظل غلاء أسعار الملابس الجديدة حيث زاد سعر البدلة الواحدة على 5000أوقية جديدة، كما تتراوح تكلفة خياطة "الدراعة" بين 5 آلاف و15 ألف أوقية قديمة في المتوسط.
ورغم تصاعد الشكوى من غلاء الأسعار وانتهازية الباعة والتجار يسوق التجار الكثير من المسوغات كغلاء الإيجار، وكثرة الضرائب والمكوس، وتدني قيمة الأوقية في وجه العملات الأجنبية..في الوقت الذي يظل الثابت الوحيد أن الأسعار تزداد عيدا بعد آخر وأن ما ارتفع منها لا يمكن أن يعرف التراجع يعلق أحد المتسوقين.
محلات الصباغة المنتشرة بوسط نواكشوط وفي باخات أكبر أسواق الملابس تعرف رواجا كبيرا قبل العيد رغم بدائية وسائلها ومخاطرها البيئية حيث تصبح صباغة الملابس المستعملة أقصر طريق للظهور بها يوم العيد وكأنها جديدة خاصة الملابس التقليدية من القماش الجيد، فتكلفة الصباغة تبقى أرحم بالجيوب من شراء الجديد يشرح أحد الشباب لمندوب الفكر.
على ناصية الشارع المؤدي إلى السوق ترابط إحدى مقطورات التبرع بالدم التابعة لوزارة الصحة في إشارة إلى أن العيد قد يكون فرصة للعمل الخيري، وميدانا للتنافس في الخيرات وفي هذا السياق تنشط الجمعيات الخيرية لجمع التبرعات لكسوة الأيتام، ومد يد الساعدة للأسر الهشة في هذا اليوم كما يقول أحد الناشطين في هذا المجال.
أسواق الأضاحي: غلاء يحرق الجيوب
تعج أسواق الأغنام قبل العيد بقطعان الكباش التي جلبت من مختلف أنحاء البلاد، في الوقت الذي تم توريد الآلاف إلى السنغال المجاور في إطار اتفاقية تعاون مع موريتانيا، وبعيد أيام قليلة من إصدار مذكرة لتنظيم حركة العبور بين البلدين، لكن الملفت أن هذا التعاون في مجال توريد الأضاحي فاقم من مشكل غلاء الأضاحي، وأصل المضاربات هذا الموسم إلى مستويات غير مسبوقة حيث تخطت أسعار الكباش حاجز المائة ألف أوقية قديمة وهو ما يفوق متوسط الرواتب والأجور في قطاعات التعليم والصحة يشرح أحد رواد السوق لموفد الفكر.
المواطنون وفي سعيهم لركوب موجات الغلاء الجامحة في مواسم الأعياد يلجؤون إلى ما يسمونه حيلا للتكيف كإرجاء شراء الأضحية إلى ثاني أيام العيد، والشراء الجماعي أو التعاوني وحتى الشراء بالتقسيط، ويصل الأمر ببعض الموظفين للاقتراض من البنوك والتي لا تريد أن تفوق الفرصة فتستبق المواسم بإعلانات القروض الميسرة لشراء الأضحية مما يغري الكثير من زبنائها.
ومع ذلك فإن استعدادات أسواق نواكشوط لعيد الأضحى تظهر تفاعلًا بين التقاليد الراسخة في الالتزام بهذه الشعيرة وإكراهات الواقع المعيشي، ورغم تحديات الغلاء وغياب الرقابة وانتهازية التجار إلا من رحم الله يبقى العيد مناسبة لتعزيز الروابط الاجتماعية والتكافل بين أفراد المجتمع.
















