بعد التحية، يؤسفني أن أقول لكم إن نسبة النجاح لن تكون مرتفعة هذا العام، ستراوح مكانها بين الستة والعشرة، وهو المكان الذي ألفته منذ فُرنس التعليم، فلا تلوموا الأبناء.
لا تلوموهم ولوموا أنفسكم، فإنكم على مدى اثنين وعشرين عام رمادة من الرسوب الجماعي لم تخرجوا مرة للشارع، أنفقتم على التعليم أكثر مما أنفقته الدولة لتعويض الجهد الضائع، وشهدتم تحول الأبناء من فاهمين إلى بطاقات ذاكرة! فلم يُقَطب أحد منكم جبينه!
صَمَتم عن ولد الطايع ينتحر بكم حين ضاقت به الأرض، ولاحقته جناياته في كل مكان، وأوهمكم أذناب فرنسا بأن التعريب فتنة وإقصاء لغيركم من أبناء الوطن، فآثرتم "السلم"!
إن "الغير" الذي تخافون إقصاءه أقصته الفرنسية، وصمتت نخبه لحاجة في نفسها، إنه يألم كما تألمون لكنه رضي التجلد، وعض اللسان!
إن المائة الأولى من شعبة العلوم الطبيعية التي هي أكثر الشعب فرنسة خلت منذ سنوات من هذا "الغير" الذي تظنون أنكم تجاملونه، وتخافون غضبته! هل تذكرون حديث الصحفي وديعة عن عنصرية الباكلوريا؟!
لقد ساكنّا إخوتنا (الغير) في قراهم، ودرسنا في مدارس لا يدرس فيها غيرهم، ووالله ما رأينا علاقة بينهم وبين الفرنسية، فكل المواد تدرس باللهجات المحلية، حتى الفرنسية والعربية! (مررت مساء بالأستاذ "انكيده" يشرح معلقة امرئ القيس بالبولارية)
أنتم تجاملون الفراغ! تجاملون ثلة من الشذاذ العرب والزنج تربطهم مصالح وجودية بالعدو الفرنسي، ولا علاقة لبقية العرب والزنج بذلك.
لا تلوموا التلاميذ، فهذه البرامج لم توضع ليفهموها، لقد عملنا على تدمير ملكة الفهم لديهم، وكيفناهم مع الغش عشرين عاما، وفي صحوة مفاجئة انتزعنا منهم هواتفهم، فكيف ينجحون؟
ألا يخجلكم أن شهادة الابتدائية تحل على السبورات، وأحيانا يكتب المراقبون الحل في أوراق التلاميذ، ويرسب نصفهم (أكثر من أربعين ألف تلميذ)!؟ وقس على ذلك شهادة الإعدادية!
وفي بداية كل سنة تتداعون لانتخاب مكتب جديد، أو التمديد للمكتب القديم، ثم لا يكون لذلك المكتب همٌ إلا الاستفادة ما أمكنه ذلك من الكفالة المدرسية البائسة الموجودة في بعض القرى، هل وقفتم يوما بباب مسؤول تشكون ضياع مستقبل أبنائكم؟!
إن أمة هذا حالها لا تستحق أن ترفع صوتها باللوم!
ملاحظة: "الغير" هنا المخالف في اللسان، ولا نقصد بها غير ذلك.