وفي الشركة الإسلامية للتنمية في الخرطوم.
وفي شركات توظيف الأموال التي اشتهرت في مصر، مثل: شركة الريان، وشركة الشريف ومصانعه، وشركة الحجاز، التي لم نحصل من رصيدنا فيها على دينار ولا درهم ولا فلس. لا أنا ولا أولادي ولا أصهاري.
ومن المؤسف: أني ورّطت أولادي معي بعد أن عملوا وأمست لهم رواتبهم ومواردهم الخاصّة، فدخلوا فيما دخلت فيه، فأصابهم ما أصابني. وآخر هذه الكوارث: بنك التقوى، الذي ضاع كل ما أودعناه من أسهم، ومن مضاربات، ومن أرباح، وهي خسارة كبيرة بالنسبة لنا.
نحن - المسلمين - عادة نركن ظهرنا إلى الأقدار وتقسيم الأرزاق، ونقول: قدّر الله وما شاء فعل، ونريح أنفسنا بهذا الرضا والتسليم، ولا نسأل عن الأسباب وفق نظام السنن التي أقام الله عليها هذا العالم.
لماذا تخسر المشروعات الاقتصادية الإسلامية؟
ولكن يجب أن نسأل أنفسنا: لماذا تخسر كل هذه المشروعات التي تنسب إلى الإسلام؟ ويزعم أصحابها: أنهم يطبقون المعاملات الإسلامية.
يمكننا أن نلجأ إلى التفسير التآمري، ونقول: هناك خطط جهنمية، وأيد خفية، ومكايد صهيونية وصليبية، تعمل في الخفاء وفي العلن، لتدمير هذه المشروعات، ووضع العقبات في طريقها، والحيلولة بينها وبين النماء الطبيعي. وهذا له وجه، وهو واقع.
ولكن إلقاء اللوم على الخارج دائمًا، يُبعدنا عن محاسبة أنفسنا، ومعرفة تقصيرنا، وأسباب إخفاقنا... وقد علَّمنا القرآن أن نلوم أنفسنا أولًا، كما قال تعالى بعد غزوة أُحد: {أَوَلَمَّآ أَصَٰبَتۡكُم مُّصِيبَةٞ قَدۡ أَصَبۡتُم مِّثۡلَيۡهَا قُلۡتُمۡ أَنَّىٰ هَٰذَاۖ قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡ} [آل عمران: 165].
إن بعض المشاريع كانت ناجحة ومبنية على أسس متينة، فلما تدخلت فيها الحكومة خسرت وضاعت، مثل: مصانع الشريف وشركاته حسبما شهدناها.
كما أنَّ كثيرًا من هذه المشروعات تقوم قبل أن تستكمل الدراسات اللازمة لإقامتها، المبنية على الأرقام والإحصاء والمعلومات الصحيحة، وإذا قدمت يومًا دراسات فيكتفى منها بما لا يشفي الغليل، وينير السبيل، وكثيرًا ما يتولاها غير المتخصِّصين، الذين ليس لهم في الاقتصادي النظري، ولا الاقتصاد العملي ناقة ولا جمل.
ولقد سألت بعض الإخوان المسلمين يومًا: لماذا اعتبرتم فلانًا من أهل الاقتصاد، وزكّيتموه ليأخذ عشرات الملايين ومئاتها من الناس، وليس هو من أهل الاقتصاد، لا دراسة، ولا ممارسة؟!
فقيل لي: إنه كان في السجن يدير فلوس الإخوان في شراء ما يحتاجون إليه، وتوزيعها عليهم، وتوفير ما يمكن توفيره منها، وكان ناجحًا في هذا العمل.
قلت: سبحان الله! تقيسون على هذا العمل الهيِّن اليسير، بهذه المبالغ القليلة المحدودة: عشرات الملايين ومئات الملايين من أموال الناس؟ والعمل داخل السجن لم يكن عملًا اقتصاديًّا ولا استثماريًّا، بل كان عملًا إنسانيًّا تنظيميًّا؟!