تواجه موريتانيا تحديات مناخية بسبب موقعها الجغرافي، حيث تعاني من مشاكل عديدة جراء التغيرات المناخية وبعض الممارسات الضارة بالبيئة كقطع الغابات والصيد الجائر والتصحر.
وهكذا يوما بعد آخر يلتهم التصحر مزيدا من المساحات الخضراء في موريتانيا، بفعل موجات الجفاف والقطع الجائر لأشجار الغابات وبفعل الحرائق.
ووفق تقديرات الحكومة الموريتانية فإن 84% من مساحة البلاد باتت مهددة بالتصحر، مما يترك تداعيات سلبية كالإضرار بالأمن الغذائي وتزايد وتيرة الهجرة من الأرياف إلى المدن.
وحسب بيانات حكومية فإن 46 هكتارا من الغطاء النباتي يتم القضاء عليه سنويا بسبب إتلاف الغابات، فيما "التهم"
وكانت وزير البيئة الموريتانية قالت مريم بكاي، قد دقت في كلمتها أمام البرلمان في 19 يوليو/ تموز الماضي ناقوس الخطر عندما قالت: إن الحرائق تتسبب بتدمير 50 ألفا و300 هكتار سنويا من المخزون الرعوي في موريتانيا.
يرى خبراء أن اختفاء الغابات واتساع مساحة الأراضي الصحراوية "يزيد من معدلات الفقر ويؤثر على توفر الغذاء ومصادر الطاقة، ويزيد من هجرة السكان والنزاعات".
خطط حكومية وإقليمية
ووفق الوزيرة بكاي، فإن "هذه الوضعية جعلت الكثير من المشاريع التي تنفذها الوزارة تركز على هذين المحورين الأساسيين المتعلقين بمحاربة التصحر وإتلاف الغابات".
وخلال الفترة الممتدة بين 2018 و2020، نفذت الحكومة مشروعا مقداره 4.8 مليون دولار، بتمويل من البنك الدولي، إذ تم تشجير 1400 هكتار، و3000 هكتار من المحميات.
وقالت بكاي إن الحكومة قدمت مساعدات في هذا الإطار للسكان من خلال دعم تعاونيات الخضروات وتوفير الطاقة الشمسية وحفر نقاط مياه، والتدريب على تقنيات حماية البيئة.
وأشارت الوزيرة إلى مشاريع أخرى جرى ويجري تنفيذها، بينها مشروع قام بعمليات تثبيت الرمال وحماية الغابات على مستوى 1100 هكتار، كما قام بإعداد مجموعة من المحميات على مساحة 1200 هكتار.
ومن ضمن المشاريع التي تنفذها الوزارة، كذلك، مشروع ممول من تركيا بغطاء مالي مقداره 300 ألف دولار، بحسب وزيرة البيئة الموريتانية، مشيرة إلى أن هذا المشروع قام بإعداد مجموعة من المحميات على مساحة 1000 هكتار، ويعمل مع المنظمات المحلية، وقدم دعما لمصلحة 200 امرأة.
ولفتت بكاي إلى وجود مشروع آخر يتدخل في مجال حماية البيئة بتمويل من الاتحاد الأوروبي بغطاء مالي مقداره 6.9 مليون دولار، مشيرة إلى أن هذا المشروع الذي تشرف على تنفيذه مجموعات من منظمات المجتمع المدني قام، حتى الساعة، بتشجير 1100 هكتار من أجل مكافحة التصحر.
الغرس والتشجير
كما أرسلت الوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبير مطلع شهر أغسطس الجاري فرقة متنقلة، مجهزة بالوسائل اللازمة لغرس الأشجار، تشمل غرس 551 هكتارا ووضع البذور لـ980 هكتارا في ولايتي لبراكنه واترارزة.
وتعتمد العملية حسب المدير العام للوكالة الوطنية للسور الأخضر الكبيرالحسين ولد لكرع على غرس وبذر أصناف محلية من الأشجار تم انتاجها في أربع مشاتل، ثلاثة منها في قرية الكرامة التابعة لبلدية مقطع لحجار، وأخرى في بلدة بغداد بولاية لبراكنة، مخصصة كلها للغرس والتثبيت البيولوجي للرمال ومكافحة التصحر واستعادة الأراضي.
وأضاف أن ولاية اترارزة وحدها تتوفر على ست مشاتل كبرى، منبها إلى أهمية المشاركة الفعالة للسكان المحليين في هذا المجهود الذي يتوقف نجاحه على مدى الوعي بأهمية البيئة وسلامتها ودور الأشجار في التوازن البيئي.
وأبرز أن هذه الحملة ستوفر فرص عمل يومية في مجال التشجير لأكثر من 2000 عامل محلي على مستوى ولاية لبراكنة، وما يزيد عن 3000 في ولاية اترارزة، إضافة إلى 600 فرصة عمل أخرى في إطار البذر المباشر.
حملات موسمية
وكانت موريتانيا قد أطلقت في 2014 عملية لغرس 1000 شجرة في نواكشوط بالتعاون مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم ونادي شباب المدينة.
فيما أطلق رئيس الوزراء أنذاك يحيى ولد حدمين، حملة لتشجير محيط العاصمة نواكشوط (أكثر من 80 هكتاراً) لحمايتها من زحف الرمال، وذلك ضمن مشروع الحزام الأخضر. وقال إن العملية "ترمي إلى إعادة تشجير بعض المناطق التي لا تزال تشكو من نقص الأشجار، وخصوصاً تلك التي شهدت نمو بعض الأصناف من الأشجار المحلية، بفضل الحماية وإعادة إحياء بعض النُظُم البيئية التي كانت منقرضة بسبب الجفاف والتصحّر".
وأضاف حدمين أن "المشاتل التي أعدّتها وزارة الزراعة أنتجت ملايين الشجيرات بهدف استخدامها في مشروع حماية العاصمة نواكشوط من زحف الرمال"، مؤكداً تحقيق "الأهداف المتمثلة في غرس ألفي هكتار ضمن نشاطات البرنامج الخاص لحماية مدينة نواكشوط من زحف الرمال ومكافحة التصحر".
وتدخل عمليات إعادة التشجير ضمن البند الثامن من مشروع الحزام الأخضر الواقي لمدينة نواكشوط من زحف الرمال، ضمن نشاطات البرنامج الخاص الذي انطلق عام 2010، بهدف تشجير ألفي هكتار لتثبيت الرمال المتحركة التي أصبحت تهدد العاصمة من الناحية الشمالية والشمالية الشرقية والشرقية، بتمويل ذاتي من الدولة.
وفي الوقت الذي تفيد التقارير أن الرمال لا تزال تزحف بمعدل ستة كيلومترات سنوياً مهددة المدن والقرى والتجمعات السكانية للبدو فإن الحكومات المتعاقبة لم تتخذ إجراءات وقائية للتعاطي مع مشكل التصحر الذي يتفاقم خطره يوما بعد آخر.