تجربة شركة الرَّيَّان:
ولقد سمعت بنفسي من الأخ الأكبر في جماعة الريَّان، ونحن في اجتماع المصارف الإسلامية في إستانبول، كيف بدءوا مشوارهم، من مطعم صغير عندهم، ثم بتجارة البيض يجمعونه من القرى حولهم، ثم توسّعوا شيئًا فشيئًا، وفتحوا الباب لمن يشاركهم من أقاربهم وأصدقائهم وجيرانهم، حتى وصلوا إلى المليارات، ولم يكونوا مهيَّأين لذلك.
ولم يكن لهذه الشركات مجالس إدارة منتخبة منتظمة، من جميعات عامة للمساهمين، ولا هيئات رقابة شرعية، ولا رقابة معروفة من جهات الحكومة، ولا حتى من الجمعية العمومية، كما في البنوك الإسلامية.
من أخطاء البنوك الإسلامية:
وحتى البنوك الإسلامية، التي لها جمعيات عمومية، ومجالس إدارة، وهيئات رقابة، قد وقعت في خسائر هائلة، كما وقع بنك فيصل الإسلامي المصري، بسبب تورطه مع بنك الاعتماد والتجارة، وكما خسرت «دار المال الإسلامي» في سويسرا: خسارة هائلة، حين تعاملت بالذهب، بواسطة أحد موظفيها، الذي ضربها ضربة قاصمة، ظلت سنين عددًا، تحول الإفاقة منها، وهي لا تقدر.
ثم إن الحكومة عالجت قضية شركات الأموال معالجة فجّة، غير علمية ولا مدروسة، ولا راعت حاجات الناس، مما سبَّب ضياع أكثر حقوق المودعين من أصحاب الأموال.
خسارتي في بنك التقوى:
وكانت أكبر خسائري أنا وأولادي: خسارتنا في بنك التقوى الذي وضعنا فيه جُلَّ مدَّخراتنا، والذي تجمَّعت عليه عدة عوامل شتى، انتهت به إلى أن ضاع رأس ماله كله، على الرغم من براعة إدارته التنفيذية، وأمانتها وحرصها على نظافة التعامل مع الناحية الشرعية؛ ولهذا لم يدخل بيع المرابحة، التي غرقت فيه كل البنوك والمؤسسات الإسلامية، كما أنه لم يتورط بالدخول في سوق السلع والمعادن؛ لما يشوبه من شبهة الشكلية، قلما توجد سلع حقيقية. ولكن البنك خسر حينما ضربت العملات في ماليزيا وإندونيسيا، وأفلست بعض الشركات التي تعامل معها البنك، وربما كان من الخطأ تركيز العمل في بلد أو بلدين. ثم توالت عليه الابتلاءات من كل جانب، حتى هلك كله. والعوض عند الله (1).