عند الصباح يحمد القوم السرى.. تعليق على تدوينة الرئيس/ المفتش محمدن الرباني

أحسن رئيس الجمهورية بتغريده حول التعليم فهذه أول مرة يظهر رئيس للبلد مستوى من التعاطى الإعلامي مع القضايا التعليمية في موسم من أهم مواسمها (الامتحانات والختام وقطاف الثمار) فله جزيل الشكر على هذه البادرة وندعوه إلى المزيد فالتعليم لا تكفيه تغريدة واحدة بل يحتاج ألوان الشدو والألحان والعزف والتطريب.

بدا رئيس الجمهورية بعيدا عن حقل التعليم، وأخشى أن يكون مستشاروه كذلك، فمصطلحاته تشي بذلك، كاستخدام المسابقات الوطنية بدل الامتحانات الوطنية، فالحصول على شهادتي ختم الدروس الإعدادية والباكلوريا، يستلزم إجراء امتحان لا مسابقة.

نثمن عاليا تعهد الرئيس بأن المنظومة التربوية ستعمل على الاختلالات التي كشفت عنها هذه الامتحانات لكن من اللازم التنبيه على الأمور التالية:

- أن أي إصلاح تعليمي يتطلب تحسين ظروف المدرسين والمؤطرين المادية والمعنوية، بما يسمح لهم بأداء مهمتهم النبيلة، في ظروف ملائمة، فلا بد من تحسين ظروف المدرسين، حتى تكون وظيفة التعليم جالبة للكفاءات القادرة على التدريس وحتى يتفرغ المدرسون للتحضير وتطوير الذات علميا وتربويا.

- لا بد من برمجة مواكبة خاصة لمدرسي الأقسام النهائية للتأكد من تقديم البرامج بالصورة التي تضمن استيعاب أكبر قدر ممكن من التلاميذ.

- لا بد من العدول عن سياسة الكم بدل الكيف بدء من المرحلة الإعدادية.

- يجب مراجعة أساليب طرح الأسئلة لتكون في متناول جمهور تلاميذ المرحلة.

- من اللازم إنشاء مؤسسات تعليم عال قادرة على استيعاب خريجي المرحلة الثانوية إذ يلحظ اكتظاظ لافت رغم ضعف نسبة النجاح فما ذا لو تحسنت كثيرا فصارت نحو 40% او 50%.

- يتحتم إنشاء وتوسيع مؤسسات تكوين المهني لاستيعاب وتأهيل من لا تمكنه المواصلة في التعليم العام.

- أضحى لزاما إلغاء تدريس المواد العلمية بالفرنسية في الشعب العلمية وإلغاء اعتبارها مقصية في شعبة الآداب العصرية لما ثبت من كونها معيقا تربويا شديدا.

- كذلك ينبغي مراجعة تشكيل المجلس الأعلى للتهذيب فبعض أعضائه أفسد التعليم في الماضي وبعضهم جزء من أزمته الحالية

- هكذا ينبغي أن تكون التوجيهات لوزارة التهذيب الوطني بالتعاطي الإيجابي مع النقابات، والكف عن التمييز بينها على أساس التمالؤ وغض الطرف عن الأخطاء والمحاباة فلا بديل عن التفاوض، وإشراك الميدانيين الناصحين الذين همهم الإصلاح لا التطبيل ولا العرقلة السياسيين فلا إصلاح إلا على أساس من الشراكة بين الفاعلين في القطاع.

-كذلك إلزام الوزارة بالبعد عن الديماغوجية والتحليق في التنظير. فرغم كثرة التنظير هذه السنة وكثرة الورشات كانت الحصيلة زهيدة 8%

- لا مناص من إصلاح الخريطة المدرسية ومحاربة الافتتاح العشوائي للمدراس وتحويل المدرسين تبعا لقوة ضغط السياسيين.

- تجب إعادة الاعتبار لكل الشعب وعدم قصر الشعب الأدبية على ضعاف المستوى

- يلزم كذلك إلغاء المدارس النموذجية العمومية باعتبارها تمييزا بين المواطنين وتبديدا لموارد كبيرة مقابل نتائج محدودة جدا.

- لا مفر من تحسين البنى التحتية المتهالكة في أكثر المؤسسات

سيدي الرئيس إن وفاءكم بتعهدكم هذا هو الطريق الصحيح للتنمية وضمان السلم الاجتماعي، لكنه يستلزم إحداث طفرة في موارد التعليم لا تقل عن 100/% من الميزانية الحالية، كما يقتضي تغييرا جذريا في القائمين على الوزارة وإداراتها المركزية والجهوية فإنما مثل بعضهم كغواص بفخار.

إن إحداث هذا الطفرة مكلف ولن تدخر قوى الفساد جهدا في عرقلته غير أنه:

عند الصباح يحمد القوم السرى وتنجلي عنهم غيابات الكرى

وواقع التعليم لم يعد يحتمل الانتظار، ولا يقبل مزيدا من الوعد غير الوعد الذي له معنى بالفعل.