التعليم في بلادنا يعيش ركودا حقيقيا وقد مر بالكثير من المراحل، فالفرنسيون لم يتركوا لنا تعليما بالمعنى الحقيقي، فالحاكم العام للمستعمرات الفرنسية في غرب افريقيا قال قبل الاستقلال بثلاثة أشهر: "إن موريتانيا التي تستعد للاستقلال في هذه الأيام يوجد فيها درجة من الفقر الشديد فيما يتعلق بالبنى التحتية والإطارات المكونة لا مثيل لها في إفريقيا الغربية كلها" فالمستعمر ترك عندنا 14 مدرسة ابتدائية وكان عدد تلاميذها 11226 ولم يذهب المستعمر إلا بعد إقناعنا أن اللغة الفرنسية هي التي تصلح لنا، وأصبحت هناك تجاذبات لدرجة أنه ظهرت نقابات تختلف حول المشكل اللغوي وأدت تلك التجاذبات إلى تأخر قطاع التعليم وتدهوره، وأنا شخصيا سبق وأن عبرت عن واقع التعليم في موريتانيا بمسألة وهو أنه بمثابة طفل مشلول ولد لأسرة فقيرة وجاهلة وأصبحت تتخبط تبحث عن الدواء في كل مكان
والاختلال في المنظومة التربوية من أول مشاكله أن تكون المنظومة لا تخدم الوطن ولا تنميته، فيما يتم تكوينه من الطلاب يشبه المثل الحساني الذي يقول "دفلت لعم" فنحن نكون الطلاب في شيء ونهذب بهم للعمل في شيء لا علاقة له بما درسوا، من اكبر العوائق التي يواجهها التعليم هو أن تكون اللغة الأجنبية تحتل حيزا أساسيا من البرنامج، فلغتنا الوطنية التي ينبغي أن تكون لغة رسمية قل من يعمل بها للأسف وسبق أن كتبت عن هذا الموضوع، فنحن كنا نكون نسبة 85% من الطلاب باللغة العربية لكننا لا نستخدم في إطار العمل الا تلك 15% المتبقية، وبعد فترة إصلاح 1999م. تم إجراء مسابقة مدرسة تكوين المعلمين فكانوا بحاجة إلى 100 معلم للفرنسية، ولم يتقدم لهم سوى 6 أشخاص، وطلبوا100 معلم للعربية فتقدم لهم 10آلاف شخص للمشاركة، والسبب في هذا أن البطالة كانت تنتشر فيهم إلى حد كبير وكان تكوينهم مجرد تكوين من أجل التكوين، ومن مظاهر الاختلال أيضا في المنظومة التربوية، ضعف التكوين الفني فنحن تعليمنا أصلا قائم على عدة روافد منها خريجي المحاظر؛ لأنه لم يكن لدينا سواهم؛ ولذلك اضطررنا بعد الاستقلال لمنح بعضهم للخارج حتى يتم تكوينهم هناك لأن المشكلة عندنا كانت مشكلة الفقر في الأطر وعدم التشجيع والتحفيز، وكان المشكل اللغوي أيضا عائقا أساسيا ومظهرا من مظاهر اختلال المنظومة التربوية حيث تم إقناعنا باللغة الفرنسية من طرف الفرنسيين.