واقع التعليم كتبت فيه مقالا منذ 2009 أود أن تطلعوا عليه، ولكن أود تلخيصه في كلمات قليلة :أن برامج التعليم عانت من السياسة بشكل متتال حتى في أيام الاستعمار فكانت السياسة التعليمية في أيام الاستعمار نوعا من تكريس الاستعمار، وكان التعليم المحظري نوعا من تكريس المقاومة الثقافية، ولذلك نشأ تعليم قلق على أساسين مختلفين أحدهما يدعي المعاصرة والآخر يدعي الأصالة ،ولكل منهما حماته وحملته، فلما جاءت الدولة الحديثة أرادت أن تدمج الصنوين اللدودين فقامت بإصلاحات متتالية.
وكانت هذه الإصلاحات تحقق أحيانا الغرض التعليمي ولا تحقق الغرض التربوي، وتحقق الغرض التربوي ولا تحقق الغرض التعليمي. فإذا أنشأنا برنامجا موحدا يكون على حساب التعليم وإذا أنشأنا برنامجين مختلفين يكون ذلك، على حساب التربية، وأدى هذا التلفيق إلى برنامج ضخم لا يستطيع التلميذ أن ينهيه في سنة واحدة .
ثم هو برنامج غير متجانس والسبب في عدم تجانسه هو أن واضعي أو مهندسي البرنامج التعليمي يتكون أحدهم في الشرق فيأتي ببرنامج شرقي ،ويتكون زميله في الغرب فيأتي ببرنامج غربي، ويتكون أحدهم في دولة عربية فيأتي ببرنامج عربي ،دون أن يتشكل البرنامج على شكل نسق واحد، والتعليم الآن بحاجة إلى إصلاح جديد يراعي من جهة الهدف التربوي ويحقق من جهة الهدف التعليمي.
وطرحت في المقال الذي نشرته ضرورة القيام بأيام تشاورية حول التعليم وقيم بها، وطرحت ضرورة إنشاء مجلس أعلى للتعليم وتم إنشاؤه مؤخرا.
كما طالبت باستحداث جائزة دولة لأفضل أستاذ وأفضل معلم وأفضل تلميذ، والمقال موجود وقرئ على نطاق واسع ونشرته مجلات عربية.
ويحتاج التعليم عندنا إلى بعض الأمور المستعجلة ،أولا قبل كل شيء يجب أن نتعلم بلغة الأم وهذا ليس ضد لغة معينة، بالنسبة لمرحلة معينة من التعليم فيما يتعلق بالتلاميذعلى الأقل، فالطلاب يمكن أن يتعلموا بما يشاءون من لغات.
لأن التلاميذ إن تعلموا المواد العلمية بلغة غير لغتهم الأم يكون تعليمهم تعليما مركبا من عمليتين، عملية تعلم اللغة وتعلم العلم.
ثانيا: هذا التعليم يجب أن يكون بلغة حية حديثة فثمة لغة لا أريد ذكرها بالاسم تتقاعس تقاعسا مريعا ،وإذ نحن نعلمها أطفالنا فهي لا تخرج عن غرب إفريقيا وبعض الدول الأوربية القليلة ،أما عدا ذلك فلا يعرفها أحد من سكان العالم ،وكأننا نفرض على أبنائنا التجهيل ونقيس الرجل على الحذاء من خلال عدم تعليمهم المواد العلمية في مرحلة معينة بلغتهم الأم ،وكذلك تدريسهم بلغة لا بد أن يتعلموا لغة أخرى غيرها إن أرادوا التطور، وهذا من المشاكل الرئيسية للتعليم ولا بد من تسويتها أو أن نكون كمن يحكم على أبنائه بالإعدام.
ويجب أن لا نترك الأمور على عواهنها مجاملة لبعض الظروف أو لبعض السياسيين، فالتعليم يجب أن ينفصل عن السياسة وقد عاني منها حقا وكان الطلاب وقود الحركات السياسية، لكن بعد أن وجدت الأحزاب السياسية، يجب أن نترك أبناءنا يتعلمون.