واقع التعليم في موريتانيا واقع مزر ولا يمكن أن ينتظر منه إصلاح أو نجاح، وأظن أن سبب ذلك يعود إلى الإصلاحات التي قيم بها. وأظن أن نيات من قاموا بها كانت نيات صادقة، لكنها إصلاحات مرتجلة ذات طبيعة سياسية تدفعها الحركات السياسية ،ولم تترك حتى تصل إلى نهايتها، كما أنها لا تواكب ولا تمد بالوسائل التي تمكنها من النجاح ،وأظن أن مقاربة الكفاية كان يمكن أن تكون جيدة ،لو وفرت لها الوسائل التي تحتاجها، لكنها طبقت بدون وسائل وهو ما ساهم في فشلها.
وهناك بعض الوسائل إذا لم تتوفرلا يمكن للتعليم أن يصلح منها وسائل الإيضاح، فالكتاب المدرسي غير موجود، والحجرات الدراسية في أغلبها غير صالحة للدراسة والعمل فيها غير ملائم ،إذ لا توجد فيها إنارة. وبالتالي فإن الظروف التي يدرس فيها التلميذ غير مواتية، كما أن المدرس الذي هو حجر الزاوية يعيش هو الآخر ظروفا صعبة ،سواء من حيث الظروف المادية أو الظروف المعنوية أو الظروف المعيشية، وفي نفس الوقت فإن نظرة المجتمع له تزداد ازدراء واحتقارا.
فمهنة التعليم كانت مصدرا مدرا للربح عند النشأة فكان المعلم يعيش ظروفا مادية حسنة نظرا لارتفاع المرتب الذي يتقاضاه. والمجتمع حاليا يصنف مكانة الناس على أساس وضعيتهم المادية، مما أثر على انحطاط مكانة المعلمين وانحطاطها في المجتمع وأدائهم.
وهناك عوامل أخرى خارجة عن الإصلاحات ساهمت هي الأخرى في وصولنا إلى المرحلة الحالية ،هذا مع غياب الإرادة التي كثيرا ما تكون دوافعها دوافع سياسية ولا تترك حتى تصل إلى مبتغاها.