في رابع زيارة لرئيس الوزراء الإسباني إلى موريتانيا خلال سنة ونصف ماذا استلمت نواكشوط من 500 مليون أورو التي وعد بها الأوربيون مقابل اتفاق الهجرة- موقع الفكر

للمرة الرابعة يأتي رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشير إلى موريتانيا في زيارة دولة، تلقى الاحتفاء والتقدير من موريتانيا التي عجلت حكومتها اجتماعها الأسبوعي يوما قبل ذلك، لتتفرع لأربعاء لاستقبال شانشيز.

وبين يدي شانشيز يبدو ملف الهجرة هو الأكثر استعجالا دون شك، خصوصا أنه هو الزورق الذي تترنح عليه العلاقات الموريتانية الأوربية منذ عقدين على الأقل.

وقد تمكنت موريتانيا من تنظيم حملات نوعية للتصدي للهجرة، ونجحت بذلك في تخفيض أعداد الوافدين عبر الشواطئ الموريتانية إلى أوربا، ومع ذلك فإن الأوربيين لم يخرقوا بعد قاعدتهم الأثيرة في عدم الوفاء بالتزاماتهم لأنظمة القارة السمراء.

مئات المليارات.. ووعود بإقلاع اقتصادي

تعهد الأوربيون بأكثر من 500 مليون أورو، ضمن مشاريع متعددة، منها دعم مباشر للميزانية، ودعم متعدد الجوانب للمؤسسة العسكرية، زيادة على مشاريع أخرى في دعم تمديد الطاقة والماء في الحوض الشرقي، إضافة إلى برامج أخرى خاصة بالشباب والمرأة، وتسيير المشاريع المتعلقة بمكافحة الهجرة والتصدي للجريمة المنظمة، ودعم قدرات الأمن الموريتاني وسلطات خفر السواحل.

ماذا استلمت موريتانيا..

لم يخف على نواكشوط أن الأوربيين لا ينوون الوفاء بكل التزاماتهم، وهو ما دفع الأمين العام السابق لوزارة الداخلية السيد محفوظ ولد إبراهيم إلى مطالبة وفد أوربي قبل أشهر بتسريع الوفاء بالوعود، خصوصا أن موريتانيا قطعت شوطا كبيرا في مواجهة الهجرة السرية، كما وفرت إطارا قانونيا أكثر تساهلا مع المهاجرين الراغبين في تسوية وضعياتهم القانونية.

وبموجب الحملة الموريتانية المدعومة أوربيا تجاه المهاجرين وجدت نواكشوط نفسها قبل فترة في مواجهة دبلوماسية مع عدد من دول الجوار ومن المحيط الإفريقي.

ووفق ماهو مؤكد فقد حصلت موريتانيا وعلى فترات على دعم أوربي لصالح الميزانية بقيمة 100 مليون أورو، أي ما يناهز 420 مليار أوقية قديمة، كما حصل الجيش الموريتاني على دعم بقيمة 20 مليون أرو من أصل 40 مليون تعهد بها الأوربيون، فيما نال دعم الأمن الغذائي 13 مليون أورو أخرى، وبقيت أغلب المشاريع الأخرى متعطلة وبعيدة من التسوية.

وبشكل خاص فإن مشروعين كبيرين جدا تعهد الاتحاد الأوربي بتمويلهما وهما تمويل خط للجهد العالي بين نواكشوط، ونواذيبو، وخط مماثل بين النعمة ونواكشوط، ما زالا بعيدي المنال، ويبدو أن الأوربيين غير متحمسين للوفاء بالتزامهما في هذا المجال.

مماطلة في دعم اللاجئين الأزواديين..

وفي مقابل هذا التراخي فإن الأوربيين أيضا لم يفوا لموريتانيا بالتزامهم فيما يتعلق باستضافة اللاجئين الأزواديين في موريتانيا والذين ناهز عددهم 300 ألف شخص، وأصبحوا تحديا للأمن القومي الموريتاني، وفق قائد الدرك في الحوض الشرقي المقدم اسماعيل ولد العتيق.

ويظهر إخلال الأوربيين بالتزاماتهم، من خلال تقليص أغلب المنظمات العاملة في استقبال اللاجئين– وهي منظمات تنصيرية بامتياز-  لبرامجها الموجهة لمخيم امبرة وتجمعات اللاجئين الأزواديين الأخرى، وخصوصا في مجال دعم الأمن الغذائي والتعليم، حيث ألغت هذه المنظمات التوزيعات الغذائية التي كانت تقوم بها، كما قلصت مشاريعها في دعم التعليم إلى حد كبير.

مكاسب سياسية ومماطلة اقتصادية

لا يخفى أن موريتانيا نالت مكاسب سياسية من تحسين علاقاتها مع الأوربيين، حيث نالت احتفاء في ملفها الحقوقي، كما ينظر إلى الرئيس الغزواني باعتباره العنصر الأكثر تحالفا وتوافقا مع توجهات حلف الناتو في غرب إفريقيا، بالتوازي مع دور مماثل لملك الأردن في منطقة الشرق الأوسط.

إلا أن نواكشوط ما تزال في المجمل بعيدة من الرضا عن حليفها الأوربي، وما زال الأوربيون أيضا يعتقدون أن موريتانيا لم تصل بعد إلى المرحلة التي يريدون منها، وخصوصا في مجال التطبيع– المرفوض رسميا وشعبيا في موريتانيا– مع الكيان الصهيوني الغاصب، وفي ظل تراجع موريتاني– معلن على الأقل- عن احتضان قوانين النوع التي تعتببرها أوربا تأشيرة العبور إلى رضا الغرب..

لن ترضى نواكشوط عن الحليف الأوربي فهو لايريد أن يفد عليه من جهة البحر إلا السمك، ولا يريد حرية العبور إلا لأساطيله المتوحشة التي تأتي على الأخضر واليابس، أما المهاجرون فيريد تصفيدهم بموريتانيا، ومايعطيه فهو الوعود والمبالغ الضئيلة التي يشيب الولد قبل الحصول عليها..

حقا لم تجد موريتانيا أحسن من العرب ولا أكرم، فهم من مولوا لنا المشاريع ووهبولنا الأموال وأقرضونا منها الكثير بلامن ولا أذى، قرضا حسنا، وتمويلات ميسرة عند الافتضاء.