وكان الشيخ قاسم درويش فخرو الذي يشرف على بناء المسجد هو الذي تولى الإجابة عن اعتراض الشيخ ابن محمود، وقال له: إن الجامع هو جزء من المجتمع، ويجب أن يكون صورة من تقدّم المجتمع وتطوره، لا يجوز أن نبني مسجدًا جامعًا على الطراز القديم، وبيوتنا مبنية على أحدث طراز، فمسجدنا القديم كان صورة لمجتمعنا في تلك المرحلة، ومسجدنا هذا مرآة لتقدمنا في هذه المرحلة.
وأعتقد أن هذا كلام مقنع، ومن ينظر إلى المسجد بإنصاف لا يجد فيه زخرفة ولا تكلفًا، إنما يجد المتانة والفخامة والسعة والجمال، وهذا ما يجب أن تتسم به مساجدنا الجامعة.
خطابتي في جامع أبي بكر ثم عمر:
ثم بدأتِ الشئون الدينية تُخطِّط لبناء جوامع كبرى في مناطق الدوحة المختلفة، بدأتها ببناء جامع أبي بكر الصديق، وهو مُشيَّدٌ على مساحة واسعة، وله «بدروم» على نحو هذه المساحة، فهو يتَّسع لأكثر من ألفين من المصلين، وقد طلب إليَّ أن أتولى خطبة الجمعة فيه، وظللت أقوم بذلك، حتى أنشئ جامع عمر بن الخطاب، وهو في منطقة أكثر حيوية وسكانًا من منطقة جامع أبي بكر؛ فانتقلت إليه، وأنا أخطب الجمعة فيه إلى اليوم، ما لم أكن مريضًا أو على سفر.
نقل خطبة الجمعة في التليفزيون القطري:
وقد التزم تليفزيون قطر بنقل خطبة الجمعة منذ تأسيس المسجد، إلى اليوم. وبعد أن أضحت محطة قطر فضائية عالمية، أمسى العالم كله يشاهد هذه الخطبة ويتابعها.
وأود أن أؤدي هنا شهادة لله: إن أحدًا في قطر لم يقل لي كلمة واحدة في شأن خطبي في المسجد، أو دروسي في رمضان، أو برامجي في الإذاعة والتليفزيون، أو يضع أمامي خطوطًا حمراء لا أتجاوزها... لم يحدث ذلك من أمير ولا من وزير، حتى إني في بعض الأحيان كنت أخطب خطبة نارية في موضوع من الموضوعات الحساسة، ثم أسافر لفترة من الزمن، فأنقطع عن الخطبة جمعتين أو ثلاثًا، فيقول القائلون: منع الشيخ من الخطابة بعد تلك الخطبة! وتَسْري الإشاعة مسرى النار في الهشيم، ثم سرعان ما يراني الناس أعتلي المنبر بعد ذلك، وأعاود خطبي كما كنت من قبل، لم أتبدل ولم أتغير.