
أعلنت رئاسة الجمهورية في موريتانيا عن تعديل جزئي، دخلت بموجبه عناصر جديدة للحكومة، وغادرها آخرون، وجاء التعديل على النحو الآتي
- وزيرا للعدل محمد ولد اسويدات: خلفا للسيد محمد محمود ولد بيه الذي عين مستشارا لرئيس الجمهورية، ويقود ولد اسويدات حلفا سياسيا قويا في لبراكنة، وهو حليف أيضا للوزير الأول السيد المختار ولد أجاي
- وزيرا للشؤون الإسلامية السيد الفضيل ولد سيداتي ولد أحمد لولي قادما من وزارة الصيد، خلفا لوزيرها سيدي يحيى ولد لمرابط الذي واجه قطاعه قبل فترة اتهامات بالتسيب والفساد
- وزيرا للشؤون الاقتصادية والمالية: عبد الله ولد سليمان ولد الشيخ سيديا وهو وزير سابق للقطاع.
- وزيرة للوظيفة العمومية: مريم بنت بيجل وهي بنت السياسي بيجل ولد هميد
- وزيرا للصيد والبنى التحتية البحرية والمينائية: المختار ولد بوسيف
- وزيرا للزراعة والسيادة الغذائية: سيدي أحمد ولد أبوه قادما من وزارة المالية.
- وزيرا للصحة: محمد محمود ولد اعل محمود خلفا للدكتور عبد الله ولد وديه؟
- وزيرا للعقارات وأملاك الدولة: مامادو ممدو انياك
- وزيرة للإسكان والعمرن: الناهة بنت حمدي ولد مكناس
- وزيرا للتنمية الحيوانية: سيدي أحمد ولد محمد
يمكن النظر للتعديل الوزاري وللتوليفة الحكومية من عدة زوايا و معايير، منها المحاصصة الغرقية واللونية والمحاصصة السياسية، غير أن المعيار الأهم من وجهة نظرنا هو الكفاءة والنزاهية التي هي بالتعبير القرآني اجتماع الأمانة والقوة، لا غير..
وهذه معايير يرى كثيرون أن الرئيس محمد الغزواني جانفها، الأكيد أن الثابت في مخرجات حكوماته هو القبيلة والجهة واللون، وهي معايير ينبغي أن تكون ثانوية إذا أخذت في الاعتبار أصلا، فحاجة شعبنا إلى قادة لقاطرة التنمية وإلى محو الفوارق وتذويبها لا إلى إحياء النعرات والمآثر القبلية والفئوية..
وثمت إشكال في بلدنا يتعلق بعدم الاستقرار فالوزير تارة يقضي السنة والسنتان وتارة يقضي 21 يوما، فكيف يحدث تغيير أو توجد تنمية ونحن على طريقة أهل البادية " ألا اعل اظهوره".
لاعليك أن تفهم سبب الإقالة ولا سبب التعيين، فالبعض يكلف بمصنع ألبان النعمة وشركة الكهرباء فلا مصنع الألبان انطلق ولاشركة الكهرباء تحسنت خدماتها وفجأة يعين وزيرا.
الوزير يصرف من منصبه بطريقة غير مفهومة ويتولى الوظيفة أحيانا ب " كرامات الصالحين"
من الأمور الفارقة أن العام 2025 ، مر على المواطن بصعوبات كبيرة في ظل هذه الحكومة:
- انقطاعات متكررة في خدمات الكهرباء..
- أسوء أزمة في المياه حيث تستمر الانقطاعات لأكثر من شهر عن بعض المناطق.
- تكرر أزمة الطمي للمرة الثالثة بطريقة أسوء
- ارتفاع في أسعار الأدوية وندرة بعضها في السوق.
- تراجع مستمر في خدمات شركات الاتصال..
- ميز عنصري في خدمات التآزر
وفي المقابل لم يصاحب هذه الصعوبات زيادة في مرتبات وحوافز المدرسين، بل شهدت الفترة الحالية إضرابات المدرسبن مجتمعين يمكن وصفها بالناجحة.
- رغم المبالغ الراجعة من تقليص ابتعاث الطلبة للخارج فإن الدولة لم تقم باكتتابات معتبرة في الأطر والمدرسين الجامعيين.
- سكن المدرسين الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية لم يتبلور بشكله النهائي.
وبين الفينة والأخرى "يعتقل" أحدهم بسبب رأيه، أو "يقال" في حين يطلق الحبل على الغارب للبعض ينفث ويصرخ ويسب بلاحساب أو رقيب.
جملة من الإخفاقات المستمرة التي تفرض على صانع القرار الابتعاد عن المجاملة و الجنوح للجدية.
والحمد لله على نعمة الأمن في هذه البلاد..
ولعل مما يحسب بإيجاب لهذه الحكومة وقوفها بقوة وتصديها لتغول الأجانب في البلد وإلزامهم بمعايير محددة، في المقام والرحيل، والتعاون مع الأوربيين في مكافحة الهجرة التي تهدد العالم .
تعويض قبلي.. واسترضاء سياسي
وبالفعل أظهرت التعديلات وفاء النظام لمراعاة العوامل القبلية والعرقية في التعديلات.
وهكذا على سبيل المثال تم تعويض وزير الصحة المقال لبرفسور عبد الله ولد وديه، بوزير آخر ينتمي إلى نفس مجموعته القبلية، وهو الدكتور عبد الله ولد سليمان ولد الشيخ سيديا.
وبالإضافة إلى ولد سليمان، فإن الحكومة أيضا عوضت إقالة الوزير محمد المختار ولد كاكيه بتعيين ابنة مقاطعته وابنة حاضنته الاجتماعية مريم بنت بيجل ولد هميد، ضاربة أكثر من عصفور بحجر واحد، حيث قرئ تعيينها على أنه رسالة استرضاء لوالدها بعد أن حاول اللعب على ورقة البحث عن مرشح خليفة لولد الغزواني، لاعبا على وتر "الاستخلاف العرقي" بترشيح وزير الخارجية والرفيق السابق في اليسار الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق.
تعيين رئيس حزب الإنصاف جاء أياما بعد حديثه أنه كبير الوزراء وأنه خدم في منصب وزير 5 سنوات، فنقض التعيين الغزل ورجع لكرسي الوزارة، وعلى كل حال فإن سيرته الذاتية تؤكد أن تعيينه وزيرا للتنمية الحيوانية من أحسن التعيينات الأخيرة موضوعية.
الوزيرة الناهة بنت مكناس، كانت إقالتها من الحكومة الماضية منطقية فالوزيرة لاتداوم في وزارتها لظروفها الخاصة، وكان من الغريب إعادتها للوزارة. لايوازي ذلك إلا استمرار زميلاتها في الوزارة وزيادة تعدادهن ولله الحمد.
التبادل والتدوير..
لايمكن اعتبار تعيين وزيرالشؤون الإسلامية الفضيل سيدات، مهندس الميكانيكا القادم من تلاطم أمواج البحر ومن خارج التخصص إهانة لقطاع الشؤون الإسلامية ولا ازدراء به فمهمة الوزير القيادة والتوجيه، ويمكن أن يكون المكان الأنسب للعالم هو قيادة رابطة العلماء، أما الوزير فلايطلب منه تحرير فتوى بل الكفاءة والنزاهة وأن يكون فوق الشبهات والتلصصات.
في الجوهر والأساس من المفترض أن يتحلى الوزير في كل الوزارات بالخلق الحسن ويتصرف كما ينبغي خاصة في وزارة الشؤون التي ينبغي لوزيرها قسطا من النسكية والابتعاد عن دخان وسفاسف الأمور.
وفي الوزراء القدماء مندو حة عن احتكار الوزارة لرجال الفقه حتى لا نفتقدهم في مجالس العلم أونلوثهم بمناديل الدنيا.
ويمكن فهم رسالة سلبية من تبادل الوزراء فالمهمة الجوهرية أن ننقب للوزير بحثا عن وظيغة لا أن نبحث للوظيفة عمن يناسبها.
محمد محمود ولد عبد الله ولد بيه: وزير العدل وأستاذ جامعي بالسعودية، نجل العالم الشهير عبد الله ولد بيه، ويحقق الاحتفاظ به وزيرا مستشارا بالرئاسة عدة اعتبارات منها، اعتباره شخصية سياسية محسوبة على دولة الإمارات العربية أبرز حليف خارجي لموريتانيا، ومنها إدارته أيضا لملف محاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز التي انتهت حلقاتها بإفراد الرئيس السابق بالعقوبة وإخلاء سبيل الجميع في جو من الترضيات والتعاون مع السلطة من أغلب المشمولين في الملف.
يتهمه الخصوم بترويض القضاء ورفع الحصانة عن الخصوم بشكل غير مسبوق، فيما يرى البعض أن القطاع العدلي وجد ليطبق صحيح القانون، وعلى من رفعت عنه الحصانة أن يسأل نفسه كيف وضعها في تعارض مع القانون.
واتهمت وزارة العدل بالتمييز ضد السناتور السابق محمد ولد غده، حيث يرى البعض أن سجنه لم يكن مناسبا لجرمه، بل كان على القطاع التدقيق في صحة المستندات التي تقدم بها ضد بعض الفاعلين الاقتصاديين.
ويحرم القانون الموريتاني الأستاذ الجامعي إذا بلغ 65 سنة من أي انتداب وظيفي خارج سياقات ومسارات التعليم.
وخلفا لولد بيه جاء الوزير المخضرم محمد ولد اسويدات، قادما من وزارة الوظيفة العمومية، وقبلها استراحة محارب وإقالته من منصب وزير الثقافة عقوبة له على تسببه في هزيمة مرشح النظام لبلدية ألاك.
سبق لولد اسويدات أن خدم لأكثر من عقد من الزمن بصفته أمينا عاما لوزارة الداخلية.
الوزراء المغادرون..
1- امم ولد ابيبات حماه الله: مهندس زراعي خريج من مكناس ومدير سابق لشركة صونادير وأمين عام سابق للقطاع، ينتمي امم إلى مقاطعة أطار وهو مقرب سياسيا واجتماعيا من الفريق محمد الشيخ ولد سيدي محمد.
يمكن اعتبارامم أحد العارفين بشكل تام وتفصيلي بقطاعه الذي عزل عنه، يخلف ولد بيبات في القطاع سيدي أحمد ولد ابوه وزير الاقتصاد السابق، ويغادر الحكومة تاركا تمثيله القبلي للوزير الدكتور محمد محمود ولد اعل محمود وزير الصحة الجديد.
يتميز أمم بالتواضع ودماثة الخلق..
2- لبرفسور عبد الله ولد ودية: يغادر منصبه بعد سنة من العمل الجاد في هذه القطاع، لاترقى شبهة إلى نزاهته في التسيير وبعده عن المال العام، يقول العارفون به إنه غير راغب في الوزارة، يخلفه في منصبه أحد معاونيه السابقين وأحد أطر الوزارة البارزين في السنوات ال5 الماضية.
3- سيدي يحيى ولد شيخنا ولد المرابط: ينتمي إلى مقاطعة الطينطان، دكتور مختص في علوم البحار، وهو شقيق الوزيرة السابقة سلامة بنت شيخنا ولد المرابط.
يخلفه في قطاع الشؤون الإسلامية ابن مهنته الفضيل سيداتي.
ما إن تولى ولمرابط الوزارة حتى تحركت الشائعات عن تناوله لبعض المال العام وهي شائعة لم يصدر ما يثبتها أو ينفيها..
لاندرك كنه الإكراهات التي يتعرض لها الرئيس ولا الصعوبات التي يواجهها رغم القناعة المترسخة أنه الخيار الأنسب في هذه المرحلة لموريتانيا، وأنه أمسك زمام البلد بعد ان عبث أسلافه بالمعارضة المتعقلة وأصبح يواجه معارضة ليست قوية ولكنها غير مدركة لوظيفتها، ولم تستفد من أخطاء المعارضة التي أصرت على الصدام مع هرم السلطة فنتج عن ذلك خروجها من المشهد.
ولئن كان تعيين ولد اجاي خرق التوازنات القبلية ولجهوية، فيمكن اعتبار التعيينات الأخيرة وما قبلها أحيت تلك التوازنات، بشكل واضح.
كما عصفت التعيينات بنظرية تمكين الشباب، الذي رفعه رئيس الجمهورية خلال حملته الأخيرة، وإن كان التمكين الحقيقي للشباب هو التعليم الجيد والتوظيف المناسب و التطوير والتكوين المستمر والتدرج في سلم الترقيات لمن يستحق حتى يختتم مشواره المهني بمنصب الوزارة، وأن غير ذلك يعتبر حرقا للمراحل التي تحرق من حرقها.














