نسائم الإشراق الحلقة رقم (1690)31 أغسطس 2021م،22 محرم 1443هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (721)

أرجوزة «الأصوليون»:
ومن أهم ما أنشأت من الشعر في هذه المرحلة: أرجوزة «الأصوليون»، وهي قصيدة من بحر «الرجز» المعروف بسهولته واستجابته لكل الأغراض، ومن أجل ذلك كان هو معتمد الناظمين في العلوم المختلفة: في النحو، والصرف، والحديث، والفقه، والأصول، والتوحيد، والمنطق، وغيرها.
وقد كنا نحفظ ألفية ابن مالك في النحو والصرف، وألفية العراقي والسيوطي في الحديث، ومراقي السعود في الأصول، والجوهرة في التوحيد، والسلم في المنطق ... إلخ. وأعرف أن إخواننا من علماء موريتانيا يحفظون ألوف الأبيات في العلوم الشرعية والعربية.
المهم أني أنشأت هذه الأرجوزة عن «الأصوليين» على لسان أهل الاستخبارات وأمثالهم ومن يناصرهم من العِلمانيين؛ ولذا اعتمدت فيها أسلوب السخرية، كما اعتمدت السلاسة والسهولة في التعبير والتصوير؛ ولذا راجت هذه الأرجوزة بين الشباب في البلدان العربية كافة، وحفظها الألوف المؤلفة، وبعضهم أدخل فيها، وأضاف إليها من عنده!
مطلع الأرجوزة:
أبلغْ رجالَ الأمن حتى يزحفوا       فههنا جماعة تطرفوا
من الأصوليين أعداءِ الوطن     أخطر من جميع عباد الوثن
قد نأمن الهندوس واليهودا        وقد نقيم معهم العهودا
إلا أولاء، فأذاهم يُحْذرُ            فهم علينا من يهودَ أخطرُ!
وقد طوفت الأرجوزة في جوانب الحياة المختلفة، وموقف الأصوليين منها، إلى أن قالت:
أولئكم هم الأصوليون         قد خرَّبوا الدنيا وشانوا الدينا
فاستنفِروا لحربهم كل القوى     فما لهم غير الفناء من دوا
فكلَّ يوم يكسبون أرضًا        تمتد طولًا بيننا وعرضا
حتى غزَوْا ساحة أهل الفنِّ    وأفسدوا المخرج والمغنِّي
ومن غريب ما نرى ونسمعُ     توبة أهل الفن، ذاك المفجعُ
ممثلاتٌ ترتدي الحجابا        أليس ذلك العجبَ العجابا؟!
وراقصاتٌ يعتزلن الرقص    كأن هذا الرقص كان نقصا!
من ذا يعيب الهز للبطون       وذاك من روائع الفنون؟
أليس من ميراثنا الثقافي      رياضة الخصور والأردافِ؟
وانتهت القصيدة إلى هذا المقطع المهم:
لا بد من حل ومن علاج      من غير تطويل ولا لجاج
والحل أن يُحاربوا مثل الجربْ     إن شئت سل بدرًا وسل شيخ العرب
كلاهما أعلن في صراحة     وفي صراحة الوزير راحة
ليس لهم عندي من خلاص     إلا الكلامُ من فم الرصاص
لا رفْقَ لا سماحَ لا هوادةْ          فحقهم منا هو الإبادهْ
أما انتظار موقف القضاء      فشأن أهل العجز لا المضاء
نحن هنا القانونُ في القانون      فتوى الإمام حمزة البسيوني
وليقل القضاء ما يشاء           فما قضيناه هو القضاء
واحذر من التمييز والتصنيف    ما بين داعي الرفق والعنيف
فكل هؤلاء في الهوى سوا      من لم يمارس عنفه فقد نوى
لكن أهل الاعتدال علينا أخطر     لأنهم على الطريق أصبر
هم يربحون جولة             وبعد ذاك يبلعون الدولة!!
قصيدة «أصولي أصولي»:
وبعد أرجوزة «الأصوليون» الساخرة، أنشأت قصيدة أخرى جادة، تتحدث عن الأصولية بلسان الأصوليين، بعنوان: «أصوليّ أصوليّ»، ومطلعها:
أصوليّ ... أصوليّ     أجل أنا لا وصوليّ
أصوليٌّ، ولي أصلي     ولي نسبي الحنيفيّ
وأصل أصولي القرآ     ن، دستوري الإلهيّ
وسنة أحمد المختار       لي زاد ولـــي ريّ
وقانوني شرعُ الله        لا الشرع الفرنسيّ
فما يقضيه مَقضيّ        وما ينفيه مَنفيّ
إلى آخر القصيدة، وهي أكثر من أربعين بيتًا