
بات من شبه المؤكد في مالي أن أيام الرئيس الحالي عاصيمي كويتا باتت محدودة، بفعل تفاقم الصراعات المحيطة به، وسوء علاقاته مع مختلف دول الجوار، زيادة على الأزمات الأمنية التي تعصف ببلاده، والتي ازدادت حدة منذ وصوله إلى الحكم في انقلاب عسكري في 2020
ماسينا تضيق الخناق على باماكو
وتبدو الظروف أصعب مما كانت عليه بالنسبة للرئيس كويتا الذي بدأ حكمه بإطلاق النار على كل متحرك وثابت في السياسة والأمن في بلاده والمنطقة.
ومع تصاعد هجمات ماسينا واقترابها من المناطق الرخوة في نظام كويتا، تبدو باماكو في أضعف أوقات دفاعها، رغم الاستعراض العسكري الذي نظمه كويتا قبل أيام قليلة، وقابلته المجموعات المسلحة بعرض 61 من أسرى الجيش المالي.
ويمتاز الحصار الذي تفرضه حركة ماسينا المنضوية تحت تنظيم نصرة الإسلام والمسلمين، بخنق الموارد الأساسية لمالي، من خلال استهداف شاحنات الوقود وحركة التجارة، زيادة على استهداف الثكنات، ومحاصرة المدن التجارية، وقطع الطرق إلى باماكو.
ولحد الآن فإن مدينتي انيور وخاي، تقعان في مرمى نيران ماسينا، كما أنها باتت تهديدا يوميا لعدد من مدن الجنوب، زيادة على توغلها في النسيج الاجتماعي المالي.
أزمة متفاقمة داخل أركان النظام
لم يعد خافيا أن كويتا عاجز فعليا عن إقالة وزير دفاعه، وخصمه القوي داخل المجلس العسكري الحاكم في مالي، كما لا يخفى أيضا أن وزير الدفاع هو صاحب اليد الطولى في علاقات مالي مع روسيا الداعم الأساسي للنظام المالي.
ورغم "المحاولة الانقلابية" التي أودع بموجبها كويتا السجن عددا من ضباط الجيش المقربين من وزير الدفاع، دون أن يتمكن لحد الآن من تقليم أظافره.
وهروبا إلى الأمام بات النظام المالي أكثر عدوانية مع جيرانه، حيث فتح جبهة أمنية وقضائية دولية مع الجزائر، فيما تبدو علاقاته مع موريتانيا متجهة إلى مزيد من التأزيم، رغم محاولة الجانب الموريتاني تفويت الفرصة عليه وتجنب الوقوع في فخ الاستفزازات المتكرة.
هل يكرر الغرب تجربة سوريا في مالي
تؤكد مصادر متعددة أن قوى دولية ترتب بقوة لمرحلة ما بعد كويتا، وخصوصا القوى الدولية المناوئة لنظامه، والمناوئة للتمدد الروسي في المنطقة، ويبقى في مواجهة هؤلاء التعنت الروسي في التعامل مع حلفائها.
ولا يستبعد أن تستفيد القوى الغربية في تعاطيها مع مالي من تجربة السورين في اسقاط النظام النصيري، وإن بأسلوب أقرب إلى الانقلاب الداخلي الذي يطيح بكويتا ويمهد لنظام جديد توافقي بين الأطراف الدولية المهتمة بمالي، وحتى إن اقتضى الأمر سيطرة مجموعات جديدة من خارج النزام التقليدة لكن لها القدرة على ضبط الأمن وتدبير شؤون دولة مالي.
ويقف في وجه هذا التوجه عقبات متعددة، أبرزها صعوبة التنسيق والوصول إلى موقف موحد بين الفصائل المسلحة في شمال مالي، ففيما يبدو بالإمكان لقوى غربية متعددة أن تصل إلى تفاهمات مع الجبهات الأز وادية المطالبة بالاستقلال، بل ومع قائد تنظيم النصرة، إياد غالي، فإن من الصعب الوصول إلى تفاهمات مع تنظيم ماسينا المنضوي تحت قيادة النصرة اسميا، والمستقبل بقراره العسكري، وبتشكلته القومية، ومناطق نفوذه أيضا.
وفيما يعلن الحيش الأزوادي المناوئ لحكومة باماكو سعيه الحثيث إلى الاستقلال عن مالي، فمن غير المستبعد قبول الحركات الأزوادية بحل ضمن كونفدرالية مالي يعيد ترتيب طاولة المفاوضات بين "باماكو الجديدة" ومناوئيها من حملة السلاح في الشمال
ويبقى التغيير من داخل النظام الاحتمال الأكبر في بلد، تصالح مع الانقلابات منذ العام 1968 إلى اليوم، دون أن ينجح في مصالحة تجبنه ويلات حرب أهلية بدأت مع الاستقلال ولم تزدها الأيام إلى اليوم إلا ضراما.














