سجون ومناف ومركز عسكري: آثار شاهدة للمستعمر بالمذرذرة (تقرير)

الصورة 06 سكن العسكريين الفرنسيين من افراد الحامية الاستعمارية

الصورة رقم 03الصورة 02 أطلال المدرسة التي ينى المستعمر الصورة 04 الخزان الذي شيده المستعمر كأول خزان للمياه بالمنطقة الصورة رقم 01 ما تبقى من أطلال السجن تتوكأ مدينة المذرذرة أو "الصنكة" على عقود من الزمن تشكل تاريخ المدينة الحافل والذي ما زالت شواهده تؤكد خصوصيتها الثقافية والسياسية في المخيال الشعبي كأول حاضرة للإمارة، وقلعة لثقافة "أتكيدي"، و رأس حربة في المشروع الاستعماري ولعل الدور الأخير هو الأكثر استحضارا من خلال اسم "الصنكه" والتي تعني الحامية أو الفرقة العسكرية... بنيت المدينة ككل المدن والقلاع التي شيد المستعمر على رابية وسط الغابة حيث أشجار القتاد ومنتجعيه من "البضالة"

مدينة تختزل الكثير من المفارقات التي لا يمكن للزائر سبر غورها من أول مرة.. لكن الآثار العمرانية تفصح عن خصوصية ثقافية وحضارية بل ومعمارية للمدينة قل نظيرها لعل من أبرز شواهدها:
-أطلال المركز العسكري والإداري الذي أنشئ ليكون قاعدة استعمارية في المنطقةعام 1907، ومدرسة فولانفان للبنين، بالإضافة إلى آثار الدار التي نُفي إليها الشيخ حماه الله، وجدران السجن الفرنسي التي أصبحت أثرا بعد عين.

لقد ظلت هذه الآثار تنطمس شيئا بعد آخر، وما تبقى منها هو النزر اليسير، فقد بنيت بعض المعالم الإدارية على أنقاضها..
-آثار ويقايا مدرسة فولانفان للبنين (المدرسة الفرنسية الصورة 02): تأسست هذه المدرسة لتكون ثالث مدرسة في موريتانيا، وقد درس بها العديد من الشخصيات الوطنية الهامة مثل أحمدُّ بن حرمة العلوي وسيدي المختار بن يحيى أنجاي، وأيضاً المؤرخ المختار ولد حامد.
-دار الشيخ حماه الله: نُفت السلطات الفرنسية الشيخ حماه الله إلى المذرذرة في العام 1926، وقضى بها أربع سنوات،  ورغم أن الآثار التي تركتها هذه الإقامة ليست آثاراً فرنسية بالمعنى المعماري، إلا أنها أثر بارز يتعلق بفترة الاستعمار، وهي عبارة عن جدران الدار والشجرة التي كان يستظل بها.

وقبل فترة قصيرة بنى طلاب الشيخ ومريدوه دارا في محيط الشجرة التي كان الشيخ يستظل بها، وأصبحت مزارا لمريدي الطريقة الحموية إلى يومنا هذا.
-السجن الفرنسي: عاملت السلطات الفرنسية بالصلف والتعذيب المواطن الموريتاني الذي يتأخر عن دفع العشور، بالضرب والمعاملة القاسية وبالغذاء السيئ والأعمال الشاقة لفترة طويلة كانت المذرذرة خير شاهد عليها، يستوى في ذلك صغار السراق وكبار القوم " و العلم والزعمة".

وقد احتضن السجن الفرنسي في المذرذرة اجيالا مختلفة على رأسهم الأديب الكبير والعلامة امحمد بن أحمد يورة، وغيره من أعيان موريتانيا.

وقد نهدمت جدران السجن لطول العهد وتعاقب الأيام والليالي فأصبح هشيما كأن لم يغن بالأمس.

ويقع السجن على مقربة من فرقة الدرك ودار البلدية بالمدينة.

أطلال مبنى نقطة البريد أو البوسطة التي كانت تمد الحامية بالمعلومات والرسائل (الصورة 05)

تاريخ حافل:

وفضلا عن ذلك تعد المذرذرة من أهم المناطق الموريتانية فهي معروفة بإشعاعها الثقافي والعلمي،  انجبت العديد من الأسى العلمية مثل أسرة أهل العاقل وأهل أبلول..

في مدينة المذرذرة تأسست إمارة اترارزة أواسط القرن السابع عشر الميلادي على يد الأمير أحمد بن دمان وفي ذريته انحصرت الإمارة، فكان منهم محمد الحبيب المتوفى في 15 سبتمبر 1860م.

وقد نصب  الأمير محمد الحبيب العالم محنض بابة بن عبيد الديماني قاضيا للقضاة فطبق الأحكام الفقهية.

كما واجه الأمير محمد الحبيب النفوذ الفرنسي في السنغال وكانت له حروب مع الفرنسيين بقيادة الجنرال فدريب. ومن أحفاده الأمير أحمد سالم بن اعلي بن محمد الحبيب المتوفى في أبريل 1905م وكان أول مقاوم أطلق رصاصة في وجوه الفرنسيين وذلك في شتاء سنة 1903م. وقد استشهد وهو يحاول تنظيم المقاومة وصد الفرنسيين. ومن أحفاده أيضا أحمد ولد الديد الذي قاد المقاومة ضد الفرنسيين وكانت له معهم أيام من أبرزها يوم "الگويشيشي" وقد وقع في 28 نوفمبر 1907 و قتل ذلك اليوم الرائد ربول (Lieutenant Jean Reboul) الذي أصيب برمية في رأسه وهو يتقدم نحو المقاومين ومعه عدد من الرماة السنغاليين.

أسس الفرنسيون بمدينة المذرذرة مركزا عسكريا وإداريا سنة 1907 وتركوا مركز خروفة للخوف من تعرضه لهجمات المقاومة القادمة من الشمال.

كما أسس بها الفرنسيون ثالث مدرسة على مستوى الوطن بعد كيهيدي وبوتلميت وكان اسمها "مدرسة فولانفان للبنين" (Ecole de Garçons M. Follenfant)، و"فولانفان" مفتش تعليم فرنسي عاش فترة في موريتانيا.

درس بهذه المدرسة في عهد الاستعمار الفرنسي العديد من الشخصيات ممن كان لهم شأن في تاريخ البلاد كأحمدُ بن حرمة أول نائب لموريتانيا في الجمعية الوطنية الفرنسية وكسيدي المختار بن يحيى انجاي ثاني نائب موريتاني في الجمعية الوطنية الفرنسية وكذا المرؤخ والعلامة المخنار حامد.

 وألحق بالمدرسة سكن داخلي للطلاب والمدرسين (الصورة 3)

نفت السلطات الاستعمارية الفرنسية الشيخ حماه الله سنة 1926 فقضى بها أربع سنين و نقلوه منها سنة 1930. وما زالت آثار جدران الدار التي كان مقيما بها ماثلة وكذلك الشجرة "التيشطاية" التي كان يستظل بها، وهما في الغور "الگود" في الجانب الشرقي من المدينة. وكانت جدران السجن الفرنسي الذي حبس فيه العلامة امحمد بن أحمد يورة الديماني في تهاية سنة 1907م وغيره من أعيان موريتانيا قائمة إلى عهد قريب قبل أن تندثر.

 

الصورة 05 مبنى البريد أو البوسطة