
معالي الوزيرالأول المحترم، السيد المختار اجاي، بعد التحية والتقدير.. نود أن نتقدم إلى معاليكم بهذا المقترح العملي الذي يهدف إلى الإسهام في معالجة معضلة البطالة بين حملة الشهادات العليا، في إطار رؤية وطنية واقعية تسعى إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، دون اللجوء إلى خيار رفع سن التقاعد الذي قد يُحدّ من فرص التشغيل ويؤدي إلى إبطاء عملية تجديد الطاقات داخل المرفق العمومي.
يقوم هذا المقترح على إطلاق مسابقة وطنية خارجية لاكتتاب مباشر موجهة خصيصًا إلى العاطلين من حملة الشهادات العليا، ضمن الفئة العمرية ما بين 40 و45 سنة، لتشمل مختلف التخصصات العلمية والأدبية والفنية.
ويتم، بموجب هذا التصور، دمج الناجحين في القطاعات الحكومية المختلفة حسب مجالات تخصصهم، مثل التعليم، والصحة، والإدارة، والمالية، والتخطيط، وغيرها من القطاعات الحيوية، بما يتناسب مع احتياجات كل قطاع وبما يضمن توزيعًا متوازنًا للكفاءات الوطنية.
إنّ هذه الخطوة من شأنها أن تُحقق عدة أهداف في آن واحد، فهي تتيح للدولة الاستفادة من كفاءات ناضجة تمتلك خبرات حياتية وعلمية متراكمة، ظلت خارج سوق العمل الرسمي رغم مؤهلاتها العالية، كما تُمكّن من امتصاص نسبة معتبرة من البطالة في صفوف فئة عمرية غالبًا ما تُهمّش في سياسات التشغيل التقليدية.
إلى جانب ذلك، فإنّ هذه المبادرة ستُسهم في تجديد الدماء الإدارية والسياسية من خلال إشراك فئة الأربعينيات، التي تمتاز بالنضج والمسؤولية والقدرة على الإبداع، وهي خصائص تجعلها مؤهلة للمشاركة الفعّالة في تطوير الأداء المؤسسي وتحسين جودة الخدمات العمومية.
وتكمن أهمية هذا المقترح في أنه يحقق تمييزًا إيجابيًا مدروسًا، يوازن بين متطلبات الكفاءة والعدالة الاجتماعية، ويُعيد الثقة للكفاءات الوطنية التي تجاوزت سن الولوج التقليدي للوظيفة العمومية، دون أن يُثقل كاهل الدولة بتكاليف إضافية أو يؤثر سلبًا على فرص الشباب الأصغر سنًا.
وبهذا النهج، يمكن للحكومة أن تقدم بديلًا وطنيًا راشدًا عن رفع سن التقاعد، من خلال سياسات توظيف شاملة تفتح الباب أمام الطاقات الجديدة، وتعزز مبدأ تكافؤ الفرص وتوسّع قاعدة المشاركة في بناء الدولة.
وفي هذا الإطار، أعبّر عن استعدادي التام للمشاركة في إعداد ورقة تحليلية تفصيلية تتناول هذا المقترح من مختلف جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، وتقدّم تصورًا عمليًا يمكن أن يشكل أرضية للنقاش الوطني حول سياسات التشغيل المستقبلية في بلادنا، بما ينسجم مع التوجهات الإصلاحية الهادفة إلى ترسيخ العدالة وتعزيز كفاءة المرفق العمومي.














