الكاتب والصحفي والمذيع والداعية الناجح.. الأستاذ محمد مصطفى رمضان مواطن ليبي من أم مصرية، وظف حياته القصيرة (36 عاما ونصف العام) في خدمة ليبيا والإسلام والمسلمين. وقد ولد في 23 من نوفمبر 1944م، وأنهى دراسته الابتدائية في مصر، ثم عاد إلى بلاده ليبيا في1957م، ليواصل دراسته الإعدادية والثانوية .
التحق بالإذاعة الليبية في 1963م (أي أثناء دراسته) . وبعد أن نال شهادة الثانوية العامة من مدرسة طرابلس الثانوية، التحق بالجامعة الليبية ثم توقف عن الدراسة، ليتفرغ للعمل الإذاعي. وابتداء من 1966م عمل بالقسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية موظفا ثم مذيعا ومقدم برامج.
انتسب في 1971م (أثناء عمله بإذاعة لندن) إلى كلية الحقوق، بجامعة محمد الخامس بالرباط، ونال منها شهادة الحقوق. كما انتسب أيضا إلى قسم الدراسات الإسلامية بجامعة برمنكهام، لمواصلة دراسته العليا متخذا من "نظام الحكم في الاسلام" موضوعا لأطروحته.
كنت أنتشي بصوته المميز وأنا مراهق واستفدت من كتابه "الشعوبية الجديدة" حينما قرأته بعد رحيله المفاجئ برصاصات غادرة يوم الجمعة 11 من إبريل 1980 وذلك عقب انتهائه من أداء صلاة الجمعة بمسجد ريجنت بارك بلندن، حيث سقط شهيدا بثلاث رصاصات أمام ابنته ذات السنوات الأربع وزوجه الجزائرية وغيرهما من المصلين من نساء ورجال وأطفال.. سقط مضرجا بالدماء التي وهبها من أجل الفكرة والكلمة والوطن. عقابا له على آرائه التي لم تلق هوى في نفس القذافي الذي تباهى من طرابلس بـ"انتصار ثورة الفاتح العظيم على الرجعية والامبريالية".. وهو الانتصار المتمثل في قتل رجل أعزل إلا من الإيمان والكلمة الطيبة التي أولجته قلوب الملايين.
ويرثي الشاعر الفلسطيني فؤاد حداد الشهيد، في قصيدة نُشرت في مجلة "العرب" اخترت منها هذه الأبيات:
الله تخشى لست تخشى غيره ** كم كنت تهزأ بالذي يتشدق
ناداك ربك للسماء ولم تزل ** تسعى إلى رب السماء وتسبق
هذي الشهادة قد بلغت حياضها ** فأهنا فثمة كوثر يتدفق.
كان المجرمون من راع ومخططين ومشرفين ومنفذين يعلمون الموطن الأمثل للبحث عن الشهيد محمد مصطفى رمضان من خلال معلوماتهم عن شخصه المثالي، فاتجه اهتمامهم إلى المسجد لا إلى البواليع والمخابئ القذرة.
وقد نفذ الجريمة كل من بالحسن محمد المصري (28 عاما وقتها) ونجيب مفتاح القاسمي (26 عاما وقتها) اللذين قبض عليهما متلبسين بعد أن حاولا الهرب واعترفا فورا بأنهما عميلان للاستخبارات الليبية وكشفا شبكتهما الآثمة. وحكمت عليهما محكمة أولد بيلي العليا بلندن بالسجن مدى الحياة، وذلك في 16 من سبتمبر 1980م، أي بعد خمسة أشهر من تنفيذ الجريمة التي تورط فيها تخطيطا وإعدادا وتدبيرا كل من: احتيوش فرج احتيوش، وعبد القادر المسلاتي، وحسن الإصيبعي، وموسى كوسا (أمين اللجنة الثورية في لندن في ذلك الوقت، ومسؤول الأمن الخارجي في ليبيا، ثم وزير الخارجية بعد ذلك) وبالقاسم عبد الله، والمبروك القايد، والمبروك ابراهيم صافار، وعياد الأربش، وسعد السنفاز، ومحمد مصطفى المغربي، وخليفة العزابي، وامحمد الحمروني. وكانت هذه المجموعة تُعرف في ذلك الوقت باللجنة الثورية في لندن.
رحم الله محمد مصطفى رمضان رحمة واسعة.