
حزب الكرامة
بيان
قبل أن يكون حديث الدولة عن القانون، هو حديث عن الأخلاق العامة. وقبل أن يكون النقاش حول السلطة، فهو نقاش حول القيم الحامية للمجتمع. وما تواجهه موريتانيا اليوم ليس أزمة نصوص أو مؤسسات، بقدر ما هو امتحان للقيم التي تنظّم علاقتنا ببعضنا، وعلاقتنا بالدولة، وعلاقة الدولة بنا.
فالعدل ليس قرارًا إداريًا فحسب، بل هو ميزان أخلاقي؛
والوحدة ليست خطابًا سياسيًا فقط، بل هي ضمانة السلم بين المكونات؛
والمواطنة ليست صفة في الأوراق الرسمية، بل هي سلوك يومي يضع الإنصاف في مرتبة أعلى من الولاء الضيق؛
والدولة ليست جهازًا يُدار، بل فكرة جامعة تمنع تسلّل منطق الغلبة إلى المجال العام.
من هذا المنطلق القيمي، يتوقّف حزب الكرامة عند خطاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في مقاطعة انبيكت لحواش، بوصفه خطابًا يسبق السياسة إلى جوهرها الأخلاقي قبل أن يذهب إلى تفاصيلها الإجرائية.
لقد وضع فخامة الرئيس اليد على جوهر الإشكال:
لا يمكن بناء الإنصاف في ظل تنازع المرجعيات، ولا حماية السلم الأهلي في ظل نفوذ الولاءات على حساب القانون.
ويثمّن حزب الكرامة في هذا الخطاب ما يلي:
• تأكيده الواضح بأن الموظف العمومي ليس ممثّلًا لأي ولاء اجتماعي خاص، بل هو ممثل للدولة وحدها، وحارس لهيبتها وعدالتها.
• تشديده الصريح على أن المكوّنات الاجتماعية والثقافية مصادر ثراء لا مصادر وصاية، وأن الخلل لا يكمن في وجودها، بل في توظيفها خارج وظيفتها الطبيعية.
• وضعه حدًا أخلاقيًا وسياسيًا للنزاعات العقارية المؤطّرة قبليًا، باعتبارها نزاعات تتجاوز الأرض إلى معنى الدولة ذاتها، حيث يصبح السؤال: هل يُحتكم للقانون أم للولاءات؟
• إعلانه بوضوح أن خطاب الكراهية، والفرز الجهوي أو القبلي أو الفئوي، ليس رأيًا سياسيًا، بل تهديدًا مباشرًا للسلم الأهلي، يستوجب الرفض الاجتماعي قبل المساءلة القانونية.
ويرى حزب الكرامة أن هذا التوجّه يلتقي مع المعنى العميق للدولة العادلة، التي تقوم على:
1. تفكيك منظومات الامتياز غير المرئية التي تصنع اللامساواة باسم العرف أو الوساطة أو النفوذ الاجتماعي،
2. ترسيخ المدرسة الجمهورية كرافعة للعدالة الرمزية والمعرفية، لا كساحة لإعادة إنتاج الفوارق،
3. الدفاع عن الجمهورية كعقد مواطنة، لا كتقسيم لمناطق نفوذ،
4. إعادة الاعتبار لفكرة أن الانتماء الأول يجب أن يكون للحق العام، لا للمزايا الخاصة.
إن حزب الكرامة لا يقرأ خطاب رئيس الجمهورية بوصفه لحظة ظرفية، بل بوصفه أساسًا أخلاقيًا وسياسيًا لإعادة بناء ثقافة الدولة، منها تبدأ التنمية، وبها تُحمى الوحدة، وعليها تقوم العدالة.
وعليه، يدعو الحزب:
• القوى السياسية إلى ممارسة التنافس في إطار البرامج لا الهويات،
• والنخب إلى مواجهة الشجاعة الأخلاقية قبل الحسابات الاجتماعية،
• والمؤسسات الدينية والثقافية إلى تعزيز قيم الجامع الوطني،
• وكل المواطنين إلى الانحياز لفكرة واحدة:
لا كرامة لمجتمع بلا عدل، ولا عدل بلا دولة، ولا دولة بلا سيادة القانون.
إن الكرامة التي يحملها اسم حزبنا، هي ذاتها التي حملها هذا الخطاب في جوهره:
كرامة الدولة حين تكون عادلة، وكرامة المواطن حين يكون متساويًا، وكرامة الوطن حين تحكمه قوانينه لا ولاءاته.
مكتب الثقافة والاعلام
نواكشوط، 9 نوفمبر 2025














