
أعلنت كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر في سبتمبر الماضي انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، في خطوة تعكس سياسة معارضة للهيمنة الغربية بدأت منذ وصول الانقلابات العسكرية إلى السلطة بين 2020 و2023. هذه الدول ترى أن المحكمة الدولية أصبحت أداة لخدمة المصالح الغربية على حساب العدالة الحقيقية في إفريقيا، وتسعى لإنشاء نظام قضائي محلي مستقل يعالج جرائم المنطقة.
وفي إطار هذا التحرك، أعادت هذه الدول توجيه سياساتها الخارجية نحو روسيا والصين، عبر شراكات اقتصادية وعسكرية مهمة. وقد أُنشئت محكمة جنائية إقليمية للساحل في مايو 2025 لدعم العدالة المحلية، بمساندة روسية، لتكون بديلًا عن المحكمة الدولية وتولي محاكمة الجرائم في المنطقة، وسط اتهامات لهذه الدول بأن المحكمة الدولية تستهدف القادة الأفارقة بشكل خاص.
إلا أن هذه الخطوة تثير تساؤلات حول استقلالية المحكمة الإقليمية، خصوصًا مع تأثير روسيا الواضح في إنشائها، ودورها في ارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين عبر ميليشياتها المتواجدة في مالي. ويخشى مراقبون من أن تتحول هذه المحكمة إلى أداة نفوذ سياسي بدلًا من أن تكون جهة قضائية مستقلة، ما قد يزيد من الإفلات من العقاب في المنطقة.
ويأتي انسحاب دول الساحل في وقت تواجه فيه موجة عنف واسعة من الجماعات الإرهابية في منطقة الحدود الثلاثية، ما يزيد الحاجة إلى جهاز قضائي قادر وموثوق لمحاكمة مرتكبي الجرائم. ومع عدم قدرة المحكمة الجنائية الدولية على فرض سلطتها بشكل كامل، تصبح الحاجة إلى بدائل محلية وإقليمية ملحة، لكنها محفوفة بالمخاطر إذا تأثرت بالتحالفات السياسية الخارجية.
ويعكس هذا الانفصال عن المحكمة الجنائية الدولية أزمة أوسع في شرعية العدالة الدولية، حيث تشكك دول عدة مثل الولايات المتحدة وروسيا وإسرائيل في سلطتها. ويسعى الساحل من خلال تحالفاته الجديدة إلى التحرر من النفوذ الغربي، لكنه في الوقت نفسه يضع نفسه تحت تأثير دول قوية قد لا توفر له استقرارًا اقتصاديًا أو حماية كاملة للعدالة، ما يترك المنطقة أمام تحديات كبيرة في تحقيق الأمن والعدالة.
رابط المقال :
https://www.mironline.ca/le-sahel-tourne-le-dos-a-la-cour-penale-interna...














