زيارة الرئيس الغزواني للحوض: إنجازات ميدانية ورسائل سياسية في عمق موريتانيا الاستراتيجي- سيدنا ولد السبتي

انطلاقا  من نهج "الدولة الحاضرة"، شقّ الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني طريقه إلى عمق الشرق الموريتاني في زيارة ميدانية حافلة، لم تكن مجرد جولة روتينية، بل حملت في طياتها برامج تنموية ملموسة ورسائل سياسية بالغة الأهمية، مؤكدا أن لغة الإنجاز هي الأقوى في حوار التنمية والأمن.

مع بداية يوم الخميس الماضي، انطلاقة زيارة الرئيس غزواني إلى ولاية الحوض الشرقي، ليتفقد عن كثب أوضاع المواطنين ويتابع سير المشاريع في مدن النعمة، باسكنو، عدل بكرو، وولاته. ولم يكن الوفد المرافق الذي ضم عددا من الوزراء والمستشارين سوى انعكاس لأهمية هذه الجولة التي تهدف إلى نقل البرامج التنموية من حيز التخطيط إلى حيز التنفيذ الفعلي.

وفي خطوة هي الأكبر من نوعها مؤخرا، أطلق الرئيس حزمة مشاريع تنموية شاملة بقيمة 27 مليار أوقية قديمة، كاستثمار نوعي في مستقبل المنطقة، تشمل:

 بناء أكثر من 1000 فصل دراسي لتحقيق نقلة نوعية في القطاع التعليمي.

· إنشاء وتطوير المراكز الصحية وحفر العشرات من الآبار الارتوازية.

· مد شبكات الكهرباء والمياه إلى القرى والتجمعات الريفية النائية.

البُعد الاستراتيجي: ربط التنمية بتعزيز الأمن

تكتسب ولاية الحوض الشرقي، بوصفها أكبر الولايات مساحة وسكانا وإحدى أهم المناطق الحدودية الاستراتيجية، أولوية خاصة في سياسة الدولة. لذا، جاءت الزيارة لتحقيق هدفين متلازمين: تقليص الفجوة التنموية بين المركز والأطراف، وترسيخ الوجود الفعلي للدولة.

وفي هذا الإطار، وجّه الرئيس خلال وقفته في مدينة "عدل بكرو" الحدودية، برسالة طمأنينة بأهمية تعزيز الجاهزية الأمنية، مُؤكدا على الدعم المتواصل لمؤسساتنا العسكرية والأمنية المرابطة على الثغور.

ما بين السطور: قراءة في الرسائل السياسية

لم تكن حزم المشاريع والإعلانات هي كل شيء، فقد حملت الزيارة بعدا سياسياً عميقاً. من خلال تواجده الميداني واتصاله المباشر بالمواطنين، وجّه الرئيس رسالة واضحة مفادها أن مرحلة الخطاب السياسي والشعارات قد ولى زمنها، وحل محلها "عقيدة العمل والنتائج" كمعيار وحيد لقيادة الشأن العام.

ويرى مراقبون أن هذا التوجه يعد  ردا عمليا على السجال السياسي الدائر حول الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، حيث فضل الرئيس أن يكون رده من الميدان وبلغة الإنجاز، لا من فوق المنابر وببلاغة الخطاب.

الرمزية: لماذا الحوض الشرقي؟ ولماذا الآن؟

يضفي توقيت ومكان الزيارة بعدا رمزيا مهما. فاختيار الحوض الشرقي، الذي عانى لعقود من التهميش، يؤكد إرادة الدولة الصادقة في تصحيح الخريطة التنموية وتوجيه الاستثمار نحو الداخل.

كما أن توقيت الزيارة، في خضم النقاشات السياسية الجارية، يمنحها حمولة إضافية، ويجعل منها بيانا عمليا لتقييم مرحلة الحكم الحالية، ليس بالكلام، بل بالمشاريع التي تمس حياة الناس.

ختاما، تجسد زيارة الرئيس الغزواني للحوض الشرقي نموذجا جديدا للحكم القائم على القرب والفعّالية. لقد وجّهت الزيارة رسائل واضحة لا تخطئها عين للمواطن: أنك في صلب أولويات الدولة، وأن التنمية الشاملة هي حق للجميع.

 للنخبة السياسية: أن الثقة تُكتسب بالإنجاز الملموس، وليس بالخطابات.

 لشركاء التنمية: أن موريتانيا جادة في الوفاء بوعودها ومواصلة مسيرتها التنموية.

بهذه الخطوة، يؤكد الرئيس أن الدولة تتحدث بلغة المشاريع على الأرض، وأن رسالة "الحضور الفعلي" قد أُرسلت ووصلت إلى من يعنيهم الأمر.