الساحل "مهدد" … وباماكو تواجه أخطر عزلة في تاريخها

بعد عامين على نشر كتابه الذي حمل سؤالًا صادماً: «هل تصبح إفريقيا الخلافة القادمة؟» يعود الباحث الفرنسي لويس مارتينيز ليؤكد أن منطقة الساحل، وعلى رأسها مالي، باتت اليوم مركز الزلزال الجهادي في إفريقيا، بل وأكثر مناطق القارة تعرضاً لسيناريو قيام كيان جهادي جديد.

 **الساحل..  قلب التمدد الجهادي في القارة

يرى مارتينيز أن الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية التي عاشتها منطقة الساحل خلال العقد الماضي شكّلت بيئة مثالية لنمو الجماعات المسلحة، وفي مقدمتها تنظيم **جماعة نصرة الإسلام والمسلمين** المرتبط بتنظيم القاعدة.
ورغم أن نشاط هذه الجماعات يمتد إلى غرب إفريقيا وشرقها، يبقى الساحل- بحسبه- النقطة المركزية للمشروع الجهادي بسبب هشاشة الدولة وضعف المؤسسات.

مالي في صدارة الدول المهددة

يؤكد الباحث أن مالي هي الدولة الأكثر عرضة، في المدى القريب والمتوسط، لظهور كيان جهادي منظم، لعدة أسباب:

* عزلة النظام العسكري في باماكو دبلوماسياً عن فرنسا والجزائر.
* انشغال دول الجوار مثل النيجر وبوركينا فاسو بأزماتها الداخلية.
* محدودية الدعم الروسي، إذ إن بضعة آلاف من عناصر «الفيلق الإفريقي» لا يمكنهم تغيير المعادلة.
* فشل المقاربة العسكرية في استعادة السيطرة على البلاد.

ويخلص مارتينيز إلى أن الجيش المالي بات عاجزاً عن الدفاع عن مساحات واسعة من البلاد، فما بالك باستعادتها.

**هل تسقط باماكو؟

مع إصدار الولايات المتحدة ودول أوروبية تحذيرات عاجلة لرعاياها بمغادرة باماكو، عاد الحديث حول احتمال سقوط العاصمة.
غير أن مارتينيز يرى أن الجماعات الجهادية لا تملك القدرة على اقتحام العاصمة عسكرياً، بل تعمل على **عزلها تدريجياً** على ثلاثة مستويات:

1. **عزلة ميدانية** عبر تطويق طرق الإمداد.
2. **عزلة سياسية** عبر إضعاف شرعية السلطة العسكرية.
3. **عزلة اقتصادية** عبر إرباك حركة التجارة والمال.

ولا تخطط الجماعة للسيطرة بالقوة، بل تبحث—كما يقول—عن «شركاء» من الداخل يفتحون لها أبواب العاصمة، وهو الدور الذي كاد يلعبه الإمام محمود ديكو قبل أن تدفعه الضغوط إلى المنفى في الجزائر.

 لماذا تتجنب الجماعات اقتحام العاصمة بالقوة؟

تستفيد الجماعة من الدروس السابقة، مثل تجربة تنظيم الدولة في مدينة سرت الليبية، حين أدى إعلان السيطرة إلى تدخل دولي واسع أطاح بهم.
لذلك تسعى نصرة الإسلام والمسلمين إلى الظهور كـ«بديل سياسي وديني» يمكن للناس التعايش معه، وليس كقوة غازية تثير ردود فعل مضادة.

هل يشكل الساحل خطراً على أوروبا؟

يشير مارتينيز إلى أن الوضع الحالي يختلف عن الشرق الأوسط قبل عشر سنوات، حيث خلقت الحروب والتدخلات الأجنبية بيئة خصبة لتنظيمات استهدفت الغرب مباشرة.
أما في الساحل اليوم، فغياب الوجود العسكري الغربي الكبير يقلل من احتمالات توجيه ضربات ضد أوروبا، رغم عدم استبعاد ظهور مجموعات منفلتة مستقبلاً تستغل الفوضى.

رابط المقال:
https://www.rfi.fr/fr/podcasts/invit%C3%A9-afrique/