
في مدينة روصو الموريتانية على ضفاف نهر السنغال، يشكل التنقل المستمر للقوارب والعبّارات جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، إذ يعبر مئات الأشخاص النهر يوميًا بين المدن التوأم روسو في الموريتانية و روسو السنغالية. هذا الموقع الاستراتيجي جعل المدينة مركز عبور رئيسي، خصوصًا للمهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء في طريقهم نحو المغرب أو أوروبا.
الاستجابة الإنسانية بين المراكز الرسمية والعائلات المحلية
مع مرور الوقت، ازدادت أعداد الأشخاص النازحين الوافدين إلى روسو بشكل مستمر، حيث يصل الكثيرون بعد رحلات شاقة طويلة، مرهقين، ويفتقرون إلى الماء النظيف والطعام الكافي أو مأوى آمن. وأوضح تقرير الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر (FICR) الصادر في 12 نوفمبر 2025 أن المدينة تواجه ضغوطًا متزايدة على مواردها المحلية نتيجة هذه التدفقات.
للرد على هذه الاحتياجات العاجلة، قام الهلال الأحمر الموريتاني بإنشاء نقطتي خدمة إنسانية، واحدة في ميناء روسو والأخرى في مقر اللجنة المحلية. وتوفر هذه المراكز الأساسية الغذائية والمياه ومنتجات النظافة، بالإضافة إلى الدعم النفسي والخدمات الاتصالية التي تساعد المهاجرين على التواصل مع ذويهم.
إلا أن العمل الإنساني لا يقتصر على المراكز الرسمية، بل يمتد ليشمل العائلات المحلية التي تستضيف المهاجرين بوسائل محدودة. لدعم كل من المهاجرين ومضيفيهم، خصص الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر مبلغ 375 ألف فرنك سويسري من خلال صندوق الطوارئ التابع له، موجهًا لمساعدة نحو 4,500 مهاجر و600 عائلة مضيفة ضعيفة.
تعزيز الصمود المجتمعي والتمكين المشترك
وتتجلى أهمية هذه المساعدات في الحياة اليومية للسكان، إذ تقوم فرق المتطوعين بتوزيع دعم مالي مباشر على العائلات المضيفة. وبالنسبة للكثيرين، يعد هذا الدعم أول مساعدة يتلقونها، كما أكد شيخ حي النزاهة 1، محمد تحات ولد سيدي: «حان الوقت ليهتم الفاعلون الإنسانيون بنا أيضًا. هذه هي المساعدة الأولى التي نتلقاها». وتوضح شهادات السكان حجم الضغوط المعيشية، مثل تجربة سلمى همات، 54 عامًا وأم لسبعة أطفال، التي قالت: «كنا نعيش بشكل بسيط، لكننا كنا نتمكن من الصمود. ثم ارتفعت الأسعار وجفت مصادر دخلنا».
يمتد أثر هذه المبادرة ليشمل تعزيز الصمود المجتمعي والتمكين المشترك، حيث تركز الجمعيات الإنسانية على بناء قدرات المجتمعات المحلية والمهاجرين معًا. ويقول مكان بوبكار سيسو، مسؤول برامج الهجرة في الاتحاد الدولي: «بدعم كل من المهاجرين والعائلات المضيفة، نحن نعترف بالدور الحيوي الذي يلعبونه في مواجهة هذه الأزمة. نحن لا نوزع المساعدة فحسب، بل نعمل على تقوية المجتمعات لمواجهة التحديات معًا».
من خلال هذا التنسيق بين الهلال الأحمر الموريتاني والمجتمعات المحلية، تصبح مدينة روسو نموذجًا على كيفية الجمع بين الاستجابة الإنسانية الفورية وتعزيز التماسك الاجتماعي، مما يعكس رؤية أشمل لمواجهة تدفقات الهجرة وأزمات النزوح عبر استراتيجيات متكاملة ومستدامة.
رابط المقال:
https://www.leconomistemaghrebin.com/2025/11/14/mauritanie-habitants-et-...














