النِّيجِر بين الفقر والموارد: ثروات طبيعية تُغني الآخرين وفقر يُنهك السكان

يُعتبر النيجر أحد أكثر دول العالم فقراً، رغم امتلاكه لموارد طبيعية غنية مثل اليورانيوم الذي يمد أوروبا بالطاقة النووية. يعيش أكثر من 26 مليون نيجيري في ظروف معيشية صعبة، ويواجهون نقصاً حاداً في الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والتعليمية.

يمثل اليورانيوم، ثاني أكبر صادرات النيجر على مستوى العالم، مورد ثري للعواصم الأوروبية، في حين يعاني سكان النيجر من انقطاع الكهرباء بشكل متكرر. أكثر من 80% من الأسر الريفية لم يسبق لها الولوج إلى الطاقة الكهربائية، وتعتمد غالبية السكان على الزراعة وتربية المواشي للمعيشة.

ويُظهر مؤشر التنمية البشرية لعام 2023 أن النيجر يحتل المرتبة 189 من بين 191 دولة، بمتوسط عمر متوقع يبلغ 62 عاماً، ومعدل تعليم أقل من سنتين، فيما يعيش حوالي نصف السكان بأقل من 2.15 دولار يومياً.

الإرث الاستعماري وتأثيراته
يرجع جزء كبير من الفقر في النيجر إلى التراث الاستعماري الفرنسي، حيث تم إنشاء الدولة بحدود اصطناعية قسمّت المجتمعات المحلية، وتركزت الاستثمارات على استخراج الموارد الطبيعية وليس على تحسين حياة السكان.

 عند استقلال البلاد  في العام 1960، كان عدد خريجي الجامعات أقل من 15، ومستوى الأمية يتجاوز 90%.

تحديات الحياة اليومية

تتسم الحياة اليومية في النيجر بالحرمان من الخدمات الأساسية. فقط 56% من السكان لديهم إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، كما أن النظام التعليمي يترك الأطفال أمام مستقبل محدود، إذ لا يكمل ثلاثة من كل عشرة أطفال دراستهم الأساسية، وأقل من 20% من الفتيات يصلن إلى المرحلة الثانوية.

موارد طبيعية وعوائد محدودة
رغم كونها ثاني أكبر مصدر لليورانيوم في العالم، إلا أن النيجر لم يستفد من هذه الثروة بشكل ملحوظ. تمثل صادرات اليورانيوم نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنها لا تسهم إلا بنسبة 5% تقريباً في الإيرادات الحكومية، فيما تستمر الشركات الأجنبية في التحكم بالمناجم والعائدات.

**التغير المناخي والزراعة**
يواجه النيجر صعوبات زراعية بسبب الصحارى التي تغطي 80% من أراضيه، إضافة إلى التغير المناخي والجفاف المتكرر. يعتمد ملايين السكان على زراعة الذرة والدخن والذرة الرفيعة، لكن الإنتاجية منخفضة للغاية، مما يجعل البلاد تعتمد على المساعدات الغذائية الدولية.

الشباب والأمل في المستقبل
يمثل الشباب في النيجر أكثر من 65% من السكان، لكن سوق العمل عاجز عن استيعابهم، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة والهجرة. ومع ذلك، تظهر بعض المبادرات الريادية، مثل التعاونيات الزراعية الصغيرة والمشاريع الشمسية، قدرة الشباب على التكيف والابتكار رغم الظروف الصعبة.

الدعوة إلى العدالة والتنمية
يشير الخبراء إلى أن مستقبل النيجر يحتاج إلى استثمارات حقيقية في التعليم والصحة والطاقة والزراعة، بدلاً من الاعتماد على المساعدات الخارجية فقط. فالأرقام تشير إلى أن بناء مستقبل مستدام للنيجر يتطلب أقل من 0.5% من الإنفاق العسكري العالمي السنوي، ما يجعل الأمر مسألة إرادة سياسية أكثر من كونها قضية مالية.

النيجر ليس فقيراً بالصدفة، بل نتيجة سياسات تاريخية وحالية تمنع شعبه من الاستفادة من ثرواته الطبيعية. يبقى السؤال: هل سيكون العالم وقادته مستعدين لاستثمار العدالة والحياة بدلاً من الإغراق في الفقر والصراعات؟

رابط المقال:
https://www.pressenza.com/fr/