موريتانيا تعتمد اللقاح السداسي: خطوة واحدة لحماية أكبر وبحقن أقل..

 

اعتمدت موريتانيا في يوليو 2025 خطوة مهمة لتعزيز صحة الأطفال، وذلك بإدخال اللقاح السداسي ضمن برنامج التطعيم الوطني. يجمع هذا اللقاح حماية ستة أمراض خطيرة في جرعة واحدة هي: الدفتيريا، الكزاز، السعال الديكي، التهاب الكبد B، عدوى المستدمية النزلية من النوع "ب"، وشلل الأطفال. وقد جاء هذا التغيير بعد سنوات كان الأطفال فيها يحصلون على **اللقاح الخماسي** إضافة إلى حقنة منفصلة لشلل الأطفال، وهو يرفع عدد الزيارات والحقن في الماضي.

تأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه البلاد لتقليل معدل وفيات الأطفال، الذي بلغ 28.5 وفاة لكل ألف مولود حي سنة 2025. وتشير البيانات الصحية لعام 2024 إلى أن تغطية اللقاح الثلاثي DTP كانت جيدة، بينما ظل الإقبال على لقاح شلل الأطفال المعطّل أقل مما ينبغي، وهو ما يسهم اللقاح السداسي في معالجته من خلال جمع الحماية في جرعة واحدة.

وتبرز قصة الممرضة تفرح، وهي أم لأربعة أطفال، لتجسيد أثر هذا التطور على الأهالي. فقد تلقى طفلها الأخير اللقاح السداسي، وتروي أن الأطباء شرحوا لها فوائده، مما جعلها مطمئنة رغم ظهور حرارة خفيفة وألم بسيط — وهي تأثيرات طبيعية سرعان ما اختفت. وساهمت تفرح بدورها في توعية صديقاتها وقريباتها، وإن أبدت بعضهن ترددًا بسبب فكرة الجمع بين عدة لقاحات في جرعة واحدة، إلا أن الأمهات الأكثر اطلاعًا أدركن أن الهدف هو توفير حماية أوسع للطفل.

وفي مركز الصحة الذي يعد أحد أهم مراكز التطعيم في العاصمة، لاحظ العاملون تحسنًا كبيرًا منذ اعتماد اللقاح السداسي. إذ يستقبل المركز ما بين ثمانين ومئة طفل يوميًا، وقد أصبح التعامل مع الجرعات أسهل بكثير بعد تقليل عدد الحقن. هذا التغيير جعل الأمهات أكثر ارتياحًا، وساعد الطاقم الصحي على تنظيم الوقت بشكل أفضل. كما خفّض عدد الحقن المستخدمة يوميًا، مما أدى إلى تقليل النفايات الطبية وتخفيف الضغط على الممرضين.

وتظل مسألة التخزين البارد للتطعيمات تحديًا كبيرًا في البلاد، خاصة بعد انخفاض القدرة الوطنية على التخزين في فترة ما بعد جائحة كورونا. لكن دمج عدة لقاحات في جرعة واحدة خفف العبء على الثلاجات الطبية، وهو ما اعتبره العاملون الصحيون مكسبًا مهمًا.

وتم تنفيذ هذه الخطوة بدعم من عدة جهات دولية ومحلية، حيث تولت وزارة الصحة الإشراف على التنفيذ، وشاركت منظمات دولية في الدعم الفني واللوجستي. وقد أكد الخبراء أن إدخال اللقاح تم بسلاسة ومن دون تسجيل حالات خطيرة، باستثناء آثار خفيفة معتادة.

ويمثل اللقاح السداسي إضافة رئيسية في جهود القضاء على شلل الأطفال، خاصة أن موريتانيا لم تسجل حالات منذ عام 2010، لكنها ما تزال بحاجة للحفاظ على هذه النتيجة عبر تعزيز الوقاية. كما تسعى الدولة إلى الوصول إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعة من التطعيمات، سواء في المدن أو المناطق النائية.

ولضمان الوصول إلى كل طفل، تعتمد موريتانيا ثلاث طرق للتطعيم، التطعيم داخل المراكز الصحية الثابتة وفرق متنقلة لمسافات متوسطة وفرق ميدانية تستخدم سيارات رباعية الدفع  للوصول إلى القرى البعيدة الصحراوية. 

ورغم التحديات المتبقية، مثل ضعف التوعية في المناطق الريفية ومحدودية إمكانات التبريد، فإن إدخال اللقاح السداسي يعد خطوة كبيرة نحو عدالة صحية أكبر. فبعد أكثر من عشرين عامًا من استخدام هذا النوع من اللقاحات في الدول ذات الدخل المرتفع، أصبح اليوم متاحًا للأطفال الأكثر حاجة إليه.

وتختتم الممرضة تفرح رسالتها بنصيحة واضحة:
الاهتمام بتطعيم الأطفال واجب لا ينبغي تأجيله، فهو استثمار مباشر في صحتهم ومستقبلهم.

رابط المقال:
https://www.gavi.org/fr/vaccineswork/mauritanie-vaccin-six-en-un-pour-pr...