كيف يتدخل فيلق إفريقيا الروسي في مالي الواقعة تحت حصار الجهاديين؟

 

تواجه القوات الروسية المتحالفة مع الحكومة العسكرية في مالي، سواء التابعة لشركة فاغنر سابقًا أو لفيلق إفريقيا الروسي الآن، صعوبة كبيرة في كسر الحصار الذي يفرضه الجهاديون على الوقود. في الوقت نفسه، تتسع الهجمات لتشمل الجنوب والغرب، ما يعمّق الأزمة ويزيد من تهديد استقرار منطقة الساحل.

بعد أن ابتعدت مالي عن فرنسا والقوات الأممية والولايات المتحدة، تواصلت في 2021 مع روسيا وشركتها الأمنية فاغنر، التي تحولت لاحقًا إلى فيلق إفريقيا الروسي تحت إشراف وزارة الدفاع الروسية، لمساندة الجيش المالي في مكافحة الجهاديين. ورغم الانتصارات التي حققتها فاغنر في الشمال عام 2023، مثل استعادة كيدال وبير وأنفيس، إلا أن الوضع الأمني الوطني لم يتحسن بشكل ملموس، ما جعل الحاجة إلى تدخل فيلق إفريقيا الروسي أكثر إلحاحًا.
اتهامات متواصلة 
تواجه القوات الروسية اتهامات بارتكاب تجاوزات بحق المدنيين، من مجازر وتعذيب واغتصاب، ما استغله الجهاديون لتقديم أنفسهم كحماة للمجتمعات المحلية. منذ سبتمبر، فرض تنظيم الدعم للجهاد في مالي، المرتبط بالقاعدة، حصارًا على العديد من المناطق وهاجم قوافل الوقود القادمة من السنغال وكوت ديفوار، وهو ما أعاق حركة الإمداد حتى باماكو. ولتأمين هذه القوافل تدخل فيلق إفريقيا الروسي على الأرض، بعد أن كان دوره سابقًا يقتصر على الدعم الجوي، لكن المحاولات لم تحقق نتائج ملموسة وتكبدت خسائر بشرية كبيرة.

ويعد جهود فيلق إفريقيا الروسي جزء من استراتيجية موسكو لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي والعسكري في إفريقيا، حيث يمتد نشاطه أيضًا إلى ليبيا والنيجر وبوركينا فاسو، مع التركيز على التدريب، كما تم توثيق وجوده في جمهورية أفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية. وعلى عكس فاغنر، يعتمد فيلق إفريقيا الروسي على الدعم الجوي والطائرات المسيرة والمواقع المحصنة، مع مشاركة محدودة في القتال المباشر، ما يبرز تغييرًا في أسلوب العمليات الروسية في مالي ويظهر الحرص على حماية مصالح موسكو مع تقليل الخسائر المباشرة.

حصار جهادي 
منذ بداية نوفمبر، أعلن الجنرال آسييمي غويتا، رئيس النظام العسكري المالي، أن الحصار الجهادي على الوقود هو مجرد "تشتيت"، وأن الأهداف الحقيقية للجماعات المسلحة هي مدن الشمال مثل كيدال وتومبوكتو وبير ومياناكا وغاو، حيث توجد مواقع تعدين الذهب التي تسيطر عليها جماعة الدعم للجهاد وداعش في الساحل، والتي تسعى روسيا للاستفادة منها عبر شراكات اقتصادية، مثل بناء مصفاة ذهب لمعالجة 200 طن سنويًا. وفي منتصف نوفمبر، تمكن الجيش المالي وفيلق إفريقيا الروسي من استعادة موقع تعدين إنتاهكا في منطقة غاو، فيما نشرت روسيا وسائل إعلامية لتقديم صورة إيجابية عن الفيلق وتعزيز نفوذها الإعلامي.

وفقًا لبيانات منظمة أكليد، قُتل 924 مدنيًا في حوادث ارتبطت بفاغنر والجيش المالي عام 2024، بينما ارتفع عدد الضحايا إلى 434 منذ يناير 2025، ما يعكس حجم التحديات الإنسانية والأمنية في البلاد، ويبرز الحاجة الملحة لإيجاد حلول مستدامة.

رابط المقال:                                                                                                                                       https://www.france24.com/fr/afrique/20251121-que-font-les-soldats-russes...