
في بوركينا فاسو، ما تزال تربية الحيوانات مصدر رزق مهم للكثير من الأسر، إذ يمكن تسييلها بسهولة إلى مال عند الحاجة. فبيع حيوان قد يمول زواجًا أو يغطّي تكاليف تعليم طفل. ومع ذلك، يذكّر الإعلام المحلي مثل "ستوديو يافا" بمدى هشاشة هذا النظام، الذي يعتمد على الحيوانات ويواجه خطر الأوبئة المنتظمة.
في قطاع 10 بمدينة كودوغو، على بُعد حوالي 100 كيلومتر غرب العاصمة واغادوغو، ينظر عبدو الوهاب زونغو إلى قطيعه من الدواجن من خلف الأسوار. يقسم الإسطبل إلى قسمين: للذكور الكبيرة والإناث القادرات على التكاثر، وقسم آخر للصغار. وفي ساحة الدواجن، تعلو أصوات الديكة بكوكورياتها، وتظهر على وجهه فخر واضح. يبدو أن عبدو وجد مساره المهني منذ أن اختار تربية دجاج **كوريليز**، وهو سلالة هجينة هندية الأصل.
لكن الطريق لم يكن سهلاً، فقد خسر مرات عدة مواشيه بسبب الأمراض. يتذكر بحزن: “فقدنا 150 دجاجة من سلالة الجوليات بعد التطعيم ضد الجدري. وأسبوعًا بعد التطعيم، ذهب كل شيء… كما خسرنا أكثر من 50 ديك رومي صغير.” كانت أكبر خسارة له حين فقد 250 رأسًا من الدواجن، تجربة قاسية دفعته للتوقف والتفكير لفترة، لكنه الآن يبتسم متذكرًا تلك اللحظات.
***مهنة محفوفة بالمخاطر
في مقاطعة سانغويي، أصيب الإسطبل الخاص ببونكونغو دزيريه بمرض الحمى القلاعية قبل عدة سنوات، ما أدى إلى فقدان عشرات الأبقار. يقول المتقاعد الذي كان يعمل أيضًا جزارًا: “هذه خسارة هائلة، والنوم يصبح صعبًا.” على الرغم من التقدم في مجال اللقاحات، تبقى الأمراض الحيوانية مصدر قلق دائم، كما يوضح.
أما بائعو اللحوم، مثل لوك بازييه في مدينة ريو، فيواجهون صعوبات مماثلة. يقول عن بيع الخنازير: “قلبي يخفق عندما أحضر خنزيرًا إلى المسلخ. كثيرًا ما تُرفض الخنازير بسبب فساد اللحوم. كأنها لعبة حظ. نشتري الخنزير بـ150 إلى 300 ألف فرنك إفريقي، أي ما بين 228 و457 يورو، وإذا رفضه الطبيب البيطري، علينا التخلص منه.”
***اللقاحات والمعرفة أساس الاستمرارية
رغم كل ذلك، لم يفكر عبدو في التخلي عن تربية الدواجن منذ بدايته عام 2019، بل اعتبر الخسائر دعوة للتعلم واكتساب الخبرة. بدأ بسلالة **بلو دي هولندا**، ثم انتقل إلى الدواجن المحلية المحسنة، وصولًا إلى سلالة الجوليات، ومع الكوريليز أصبحت خسائره أقل. وينصح الشباب الراغبين في دخول مجال التربية بالخبرة العملية والالتزام الصارم ببرامج التطعيم.
ويتفق معه في الرأي سي دراماني تراوري، رئيس قسم الخدمات البيطرية بمقاطعة بولكييمدي، الذي يؤكد على أهمية التطعيم: “تطعيم الحيوانات يحمي حيواناتك وحيوانات الآخرين.” ويشير إلى أن حملات التطعيم أصبحت أكثر شمولًا ودعمًا، أحيانًا مجانًا، مما يقلل من الخسائر ويشجع المربين على الاستمرار.
ويختتم تراوري: “تربية الحيوانات أكثر من مجرد نشاط اقتصادي؛ إنها بمثابة صندوق ادخار متاح في متناول اليد. إذا أراد أحدهم بيع الحبوب لتمويل تعليم أبنائه، فذلك ليس سهلاً، لكن يمكنه بيع خروف أو دجاجة… إنها وسيلة ادخار حية.”
وعلى المربين أن يكونوا حاضرين دائمًا. لا يكفي الاستثمار وترك الإدارة للآخرين. عبدو وهاب زونغو ينام أحيانًا في الإسطبل، كما لو أن تدفئتهم بالفحم لا تكفي، ليضمن سلامتهم ونموهم السليم.
رابط المقال :
https://www.courrierinternational.com/article/reportage-au-burkina-faso-...














