
أحدثت مالي خطوة مهمة في تحديث قواتها المسلحة من خلال اقتناء طائرات دون طيار تركية الصنع من طراز "بايراكدار"، إلا أن هذه الخطوة سلطت الضوء على الانقسامات العميقة داخل القيادة العسكرية العليا. تأتي هذه التوترات في وقت يعيش فيه البلد أزمة أمنية وسياسية متفاقمة، وسط تصاعد الهجمات على شمال ووسط البلاد من قبل الجماعات المسلحة، ما يطرح علامات استفهام حول فعالية هذه المعدات الحديثة في ظل غياب التنسيق بين القيادات.
أحد أبرز مظاهر هذه الصراعات تمثل في توقيع عقد شراء الطائرات دون استشارة وزير الدفاع، ساديو كامارا، حيث قام مدير المخابرات موديبو كوني بتوقيع العقد البالغ قيمته 210 ملايين دولار، متجاوزاً وزارة الدفاع. هذه الخطوة لم تكن مجرد مسألة إدارية، بل تكشف عن صراع على السيطرة على الموارد العسكرية والمالية، حيث أدى تهميش وزير الدفاع إلى توتر داخلي داخل الجيش، وخلق فراغ في السلطة المركزية في لحظة حرجة تواجه فيها مالي تهديدات أمنية متنامية.
أثار العقد جدلاً واسعاً بسبب تكاليفه المرتفعة، حيث بلغ سعر الوحدة الواحدة من الطائرة حوالي 27 مليون دولار، فيما تتراوح تكلفة الذخائر الموجهة بين 80 ألف و120 ألف دولار لكل واحدة، إضافة إلى تكاليف نقل المعدات التي بلغت نحو 9 ملايين دولار. غياب الرقابة الرسمية وإدارة الصفقة خارج القنوات التقليدية زاد من المخاوف حول الشفافية وكفاءة إدارة الموارد العامة، ما يعكس هشاشة النظام العسكري ويزيد من الانقسامات الداخلية.
هجمات متكررة
هذه الانقسامات بين كبار المسؤولين، مثل الصراع بين موديبو كوني وساديو كامارا، أثرت بشكل مباشر على قدرة الدولة على مواجهة الجماعات الإرهابية، رغم امتلاك الجيش لمعدات حديثة. فقد أدى الانقسام داخل القيادة إلى ضعف التنسيق العسكري، ما جعل العمليات ضد الجماعات المسلحة أقل فعالية، فيما تستمر الأزمة الإنسانية في التفاقم، مع وجود أكثر من 600 ألف نازح داخلياً، وهجمات متكررة على المدنيين والبنية التحتية، مما يضع البلاد على حافة الانهيار ويطرح تساؤلات حول المستقبل الأمني والسياسي في مالي..
رابط المقال :
https://mondafrique.com/a-la-une/la-chronique-de-nos-amis-du-sphinx-les-...














