مالي: زكاة مفروضة نقدًا تزيد معاناة سكان كولونغو

يعيش سكان قرية كولونغو في دائرة ماسينه في دولة مالي تحت ضغط متزايد تفرضه الجماعات المسلحة التي تسيطر على جزء من المناطق الريفية المحيطة. فمنذ سنوات، يُجبر الأهالي على دفع ما يشبه الزكاة تُقتطع من محاصيلهم الزراعية، وكانت تُدفع عادة عبر تسليم جزء من محصول الأرز بعد كل موسم حصاد. لكن هذا العام غيّرت هذه الجماعات قواعدها تمامًا، إذ رفضت استلام حصص الأرز وقررت أن يكون الدفع نقدًا بقيمة عشرة آلاف فرنك إفريقي عن كل كيس، مبررة ذلك بنقص الوقود وصعوبة بيع المحاصيل التي كانت تُحصَّل سابقًا.

عبء على الأسر الريفية
هذا القرار أثقل كاهل العائلات التي تعاني أصلًا من ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية وتراجع الأسواق وضعف السيولة المالية. ويقول أحد السكان إن ما تدفعه أسرته بين هذه الإتاوة ورسوم المياه والرسوم الرسمية الأخرى يصل إلى نصف مليون فرنك، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم الأسر الريفية. وفي مرحلة ما بعد الحصاد، حين تكون السيولة شبه منعدمة ويعاد استثمار أغلب الأرباح في الموسم الزراعي التالي، تأتي هذه المطالبة المالية لتفاقم الضغوط اليومية. فالأموال المخصصة للغذاء والعلاج وتعليم الأطفال وشراء البذور والأسمدة تُستنزف لصالح جماعات مسلحة توسّع قبضتها يومًا بعد يوم.

نفوذ متنامٍ في ظل غياب الدولة
لا يقتصر الأمر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يعكس هذا التحصيل القسري مدى تغلغل الجماعات المسلحة في المنطقة وسعيها لإنشاء منظومة مالية موازية خارج سلطة الدولة. فبعد أن أصبحت غير قادرة على نقل المحاصيل أو بيعها، تحوّلت إلى جمع المال لتمويل عملياتها والحفاظ على نفوذها. وهكذا يجد سكان كولونغو أنفسهم بين ضغطين متوازيين: ضرائب ورسوم حكومية من جهة، وإتاوات مفروضة من جهة أخرى، ما يضعف قدرتهم على الصمود ويهدد الأمن الغذائي المحلي مستقبلًا.

أما أي محاولة للاعتراض فهي محفوفة بالخطر. ويقول أحد السكان إن الخيارات محدودة: "إما الدفع، أو تعريض النفس للخطر". يعكس هذا المشهد بوضوح العلاقة المعقدة بين انعدام الأمن والهشاشة الاقتصادية في وسط مالي، ويُظهر قدرة الجماعات المسلحة على تعديل استراتيجياتها وفق الظروف اللوجستية والتجارية التي تمر بها المنطقة.

رابط المقال:
https://www.maliweb.net/insecurite/kolongo-macina-la-zakat-imposee-par-l...