
في موريتانيا، يبدو أن مسألة حساب مكافأة نهاية الخدمة عند التقاعدر(بدل التقاعد) عند المغادرة أصبحت اختبارًا حقيقيًا لمصداقية تطبيق قانون العمل. فعلى الرغم من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الأخيرة، ما زال الخلاف قائمًا حول المادة 31 من اتفاقية العمل الجماعية، ما أدى إلى فجوة كبيرة بين الموظفين في حقوقهم، حتى لو كانوا متساويين في الخبرة والأجر. هذا الوضع يثير التساؤلات: هل نحن أمام دولة قانون حقيقي، أم أمام نظام هش يسمح بعدم المساواة بين العمال؟
الإصلاحات الحديثة وإرادة الدولة في حماية العمال
في السنوات الأخيرة، أطلقت الحكومة عدة إجراءات لتعزيز حماية العمال، من بينها:
-رفع الرواتب والمخصصات: فقد تم رفع الحد الأدنى للأجور إلى 45,000 أوقية قديمة وزيادة مخصصات الأسرة بنسبة 66٪ لتشمل جميع العمال في القطاعين العام والخاص.
-تعزيز المعاشات التقاعدية: تم رفع سن التقاعد إلى 63 عامًا، وزيادة المعاشات إلى 100٪ للموظفين والعمال في القطاع الخاص، مع تعديل سقف الاشتراكات بما يعزز قيمة المعاش النهائي.
-توسيع التغطية الاجتماعية: أصبح التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلزاميًا لجميع العمال، بما في ذلك المؤقتون، مع فتح نظام تأمين صحي اختياري للعمال غير الأجراء منذ 2023.
هذه الإصلاحات، رغم أهميتها، لم تعالج الخلاف الجوهري حول طريقة حساب بدل التقاعد، ما يترك جزءًا كبيرًا من العمال في حالة عدم يقين قانوني.
الخلاف حول المادة 31: تراكم الحقوق أم تجاهل الشرائح السابقة؟
ينص المادة 31 من اتفاقية العمل الجماعية على أن بدل التقاعد يُحسب بنفس قواعد بدل الفصل من العمل. لكن التفسير يختلف بين أصحاب العمل:
-التفسير التراكمي للنقابات: يرى أن النسب المئوية لكل فترة خدمة يجب أن تُجمع تدريجيًا، بما يضمن حقوق العمال كاملة.
-التفسير غير التراكمي لبعض الشركات الكبرى: مثل الشركة الوطنية للصناعات والتعدين (SNIM)، حيث يُمنح المتقاعد فقط نسبة الشريحة الأخيرة، ما يؤدي إلى خسارة نحو 40٪ من حقوقه.
وقد هذا التباين إلى فجوة واضحة بين المتقاعدين، حتى عند امتلاكهم نفس سنوات الخدمة، ما يخلق شعورًا بالظلم وعدم المساواة داخل بيئة العمل.
-تبعات الخلاف القضائية والاجتماعية
تسبب هذا الاختلاف في تراكم آلاف الشكاوى في المحاكم منذ عام 2010، مع وجود سوابق قضائية أظهرت صحة حق العمال، لكنها لم تُعمم لتصبح قاعدة عامة.
وينقسم المتضررون بين متقاعدين يحصلون على حقوقهم كاملة وفق الطريقة التراكمية، وبين آخرين يفقدون جزءًا كبيرًا من حقوقهم بسبب تطبيق الطريقة غير التراكمية. مما دفع النقابات والمراقبين إلى المطالبة بـ:
-توحيد تطبيق المادة 31 على المستوى الوطني لجميع الشركات.
-تسريع البت في الدعاوى المعلقة لاستعادة الثقة في النظام القضائي.
-إصلاح شامل لحماية العمال غير المرئيين، مثل العاملين في القطاع غير الرسمي، وتحويل الجهاز العام إلى محفز حقيقي للعدالة الاجتماعية.
رابط المقال:
https://ladepeche.mr/?p=19599&utm_source=chatgpt.com














