
غادر موكتار ديالو مالي في عام 2015، وهو يحلم بالوصول إلى أوروبا بالقارب من موريتانيا إلى جزر الكناري الإسبانية، لكنه بعد عقد من الزمن وجد نفسه عالقًا في نواكشوط يعمل لساعات طويلة في صناعة الطوب، محاولًا تجنب حملات الشرطة التي قلصت تدفق الزوارق الصغيرة غير النظامية.
وتصاعد نشاط الشرطة الموريتانية منذ توقيع البلاد اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي مطلع العام الماضي للحد من الهجرة غير النظامية. وقالت وزارة الداخلية الإسبانية إن قوات الأمن الموريتانية اعترضت نحو 13,500 زورق منذ بداية 2024، مما أدى إلى انخفاض عدد الوافدين إلى جزر الكناري بنسبة 59% حتى أكتوبر/تشرين الأول 2025 مقارنة بالعام السابق.
وكشفت بيانات موريتانيا لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن عدد المهاجرين المرحَّلين تضاعف ليصل إلى نحو 28,125 شخصًا في الأشهر الستة الأولى من عام 2025 مقارنة بالعام الماضي. وقال ديالو، 42 عامًا: “منذ أن بدأت الشرطة في إعادة الناس إلى بلدانهم، أصبح كل شيء على غير ما يرام”.
الاتحاد الأوروبي والدعم المادي
تأتي هذه الحملة بعد زيارات عدة لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث إلى نواكشوط، حيث تعد موريتانيا نقطة الانطلاق الرئيسية للعبور إلى جزر الكناري. ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، انخفض عدد القوارب القادمة من موريتانيا خلال العام حتى 16 ديسمبر/كانون الأول بنسبة 61% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وحصلت موريتانيا على 210 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم إدارة الهجرة، والمساعدات الإنسانية للاجئين، وتعزيز فرص العمل وريادة الأعمال، وهي أكبر مساهمة منذ بدء التعاون بين الجانبين قبل عقدين.
حياة المهاجرين اليومية
يعمل ديالو ليلاً لمدة 15 يومًا في كل مرة ويشارك كوخًا خشبيًا مع ثلاثة رجال آخرين لتجنب حرارة النهار. وعلى الرغم من ظروفه الصعبة، لا يزال يحلم بالوصول إلى أوروبا، لكن تكلفة حجز مكان على قارب صغير تصل إلى نحو 2,700 دولار بينما يتراوح دخله اليومي بين 5 و7 دولارات فقط.
وقالت جماعات حقوق الإنسان إن المهاجرين كثيرًا ما يُرحلون دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، ويُتركون على الحدود المالية أو السنغالية بمعونات مالية قليلة وفي مناطق تندر فيها وسائل النقل. وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش تسجيل أكثر من 70 حالة انتهاك لحقوق الإنسان، منها الضرب والتعذيب والاغتصاب من قبل قوات موريتانية.
طرق عبور جديدة أكثر خطورة
قال المحاضر الجامعي حسن ولد المختار إن توقف العبور من موريتانيا تقريبًا يجعل ظهور مسارات بحرية أكثر خطورة مسألة وقت فقط، مع وجود تقارير بالفعل عن رحلات من جامبيا وغينيا وجنوب موريتانيا والسنغال. ووفق بيانات الصليب الأحمر، وصلت سبعة قوارب فقط إلى جزر الكناري من موريتانيا خلال الأشهر الستة الماضية، بينما وصل 21 قاربا من جامبيا وغينيا.














