مدرسة ومزرعة يقودان التغيير في قرية " أحسي عبدو" بضواحي المذرذرة (موقع الفكر)

بين الكثبان المتواثبة والوهاد الوعرة وعلى بعد 3 كم من عاصمة الإمارة (المذرذرة) تقبع قرية أحسي عبدو أو بئر عبدي، ليس هناك ما يميزها عن باقي القرى المتناثرة بين أشجار الطلح والقتاد ويزاول ساكنوها أنماطا بدائية من الزراعة والرعي، فيما الجأت ظروف التقري القاسية بعض هؤلاء إلى نشدان العمل في الحواضر القريبة وحتى الهجرة إلى الجانب الآخر من النهر بحثا عن فرص حياة أفضل، ووفاء لتقاليد راسخة درج عليها الآباء والأجداد..

قاطرة التغيير

يعتدل اليدالي ولد محمود في جلسته، ويحكم تكوير عمامته ليستجمع شتات فكره للحديث عن أوضاع القرية وظروف الساكنة، إنه حديث ذو شجون على ما يبدو، فالرجل الذي يسلخ عقده السادس خير شاهد على التحولات التي عاشتها القرية، من بئر شبه مهجورة تكاد تتخطاها عيون الرعاة ومنتجعي الكلأ والباحثين عن نقاط المياه في عمق صحراء اترارزه إلى نقطة حيوية على أطراف إحدى أعرق مدن الولاية، حيث يقطنها اليوم أزيد من 300 أسرة، وتفخر القرية بمدرستها المكتملة ومحظرتها القرآنية ومزرعتها النموذجية التي تعتمد وسائل حديثة للري بالتنقيط من خلال شبكة تمتد على مساحة المزرعة البالغة أزيد من 3 هكتارات مربعة..مدرسة القرية التي تعد من أوائل المدارس الابتدائية في المنطقة تخرج منها العديد من الأطر والموظفين في مختلف القطاعات يتطلعون اليوم إلى رد الجميل للقرية التي احتضنتهم والمؤسسة التي قادت طريقهم إلى العلم والمعرفة يعلق أحد الساكنة من خريجي المدرسة.

غير بعيد يتجمع عشرات النسوة والأطفال ينتظرون انطلاق حفل تسليم 40 شاة حلوبا على بعض النسوة العاملات في المزرعة، وكذا أمهات طلبة محظرة البركة في حي المحرد القريب من المزرعة،  إنها مناسبة خاصة طالما انتظرها السكان وحضر لها العمدة المركزي للبلدية والذي يتحدر من نفس القرية..

أجواء احتفالية

أجواء الحفل الاستثنائي- الذي حضرته الحاكمة والعمدة المركزي للبلدية -أشاعت شعورا بالحبور والارتياح لدى الساكنة فصدحت حناجر النسوة بالزغاريد ولهجت ألسنة الرجال بعبارات الترحيب والشكر والامتنان للخيرين الذين ساهموا في إيصال هذا الدعم وتعهدوا ساكنة القرية بالرعاية والاهتمام وعلى رأس هؤلاء القائمين على جمعية البركة للعمل الاجتماعي، بصفتها المنفذ للمشروع..

يقول الوجيه ولد محمود إن مشروع المزرعة شكل نقلة نوعية على مستوى عقلية الساكنة واهتماماتهم خاصة أن الفاعلات في المشروع هن من النساء حيث كانت المزرعة في الأصل تعاونية للنساء، وهي اليوم توفر غلة لا بأس بها من الخضروات، وبها أشجار معمرة في طريقها للانتاج، وأعطت نموذحا حيا لأهمية العمل الجماعي، وضرورة التوحد في وجه التحديات وعاديات الزمن يعلق أحد الساكنة..

تضم المزرعة 200 من الأشجار المثمرة من ضمنا أكثر من 20 من النخيل، تم اختيتارها بعناية حيث تم استجلابها من ولاية آدرار.

ولتعظيم المنفعة وتوفير بيئة مناسبة للزراعة تم استجلاب جرار متعدد المهام  لاستصلاح المزرعة في الخريف الماضية للاستصلاح والتخلص من النباتات الطفيلية و لتليين التربة وتهيئتها للزرع والحرث مما يضاعف من الغلة ويحسن المؤدودية.

كما تضمن التدخل  تركيب الطاقة الشمسية لتوفير الماء بشكل مستمر فضلا عن توفير البذور المحسنة من الطماطم والجزر واليقطين والبصل.. 

كما تم في ذات الإطار توفير بذور القمح ومختلف الحبوب التي يقترب موسم قطافها..

مطالب عاجلة

ومع ذلك فهناك حاجة لتوفير المبيدات الحشرية ومكافحة الطيور والجراد والحيونات الكبيرة التي يغريها الزرع فتحاول بشكل متكرر اقتحام السياج..

وعن مشاكل القرية يجمع من ألتقاهم موفد الفكر على ضرورة تزويد القرية بنقطة صحية توفر على الساكنة النفقات التي يصرفونها للتنقل إلى أقرب مرفق صحي، وتسعف ذوي الحالات المستعجلة حتى يصلوا إلى نقاط العلاج والتطبيب..كما يطرحون حاجة المدرسة إلى معلم للغة الفرنسية، وإلى بناء المزيد من الحجرات الدراسية لاستقبال التلاميذ في ظل الأخذ بتجربة المدرسة الجمهورية، وحظر التعليم النظامي خارج الأطر الحكومية...

كما يتحدث الساكنة عن الحاجة لطبيب بيطري  وإلى حاجتهم لصيدليات البيطرية والبشرية...

كان الحفل قد بدء وتحلق الجميع مشدوهين للاستماع إلى كلمة العمدة وسط أجواء احتفالية ومظاهر فرح قل نظيرها في هذه القرية الوادعة على أطراف عاصمة "إيكيدي" المذرذرة.