
على وقع الزغاريد، وهتافات الترحيب تستقبل قرية أحسي عبدو في ضواحي مدينة المذرذرة ضيوفها لحضور حفل توزيع 40 شاة حلوبا على العاملات في مزرعتها النسوية وأمهات طلاب محظرتها القرآنية..
على بعد أمتار من المزرعة ضربت خيمة فرشت بالزرابي والسجاد الفاخر، في ركنها الغربي تجمع طلاب المحظرة وهم يحتضنون ألواحهم الخشبية في أدب جم، كانوا من أعمار شتى، جاءوا من ساعات الفجر الأولى حتى لا يفوتوا فرصة المشاركة في هذا الحفل.
حفل التكريم
عمدة البلدية بوشاحه المميز وممثلو السلطات الإدارية والأمنية سيكونون من بين الضيوف الذين خرجت القرية عن بكرة أبيها لاستقبالهم بما في ذلك طلاب المحظرة ومدرسهم الشاب، وكأن الجميع خلية نحل في هذا اليوم القارس: فرق الخدمة، ووجهاء القرية والنسوة المستفيدات ...وكانت انطلاقة الحفل بالنشيد الوطني ولم يكن المنشدون هذه المرة غير طلاب المحظرة الذين اصطفوا أمام الضيوف وأدوا الدور بمهارة وإتقان وسط إعجاب واستحسان من ضيوف الحفل..
تعليم من نوع خاص
يقول شيخ المحظرة الشاب المختار ولد محمذن إن طلابه البالغ عددهم أزيد من 40 يدرس جلهم يتابع في مدرسة القرية لكن أغلب وقتهم في حفظ ومراجعة القرآن حيث يعودون للمحظرة بمجرد انتهاء الدوام المدرسي ويستمرون فيها إلى ما بعد صلاة العشاء.. لذا اعتادوا تلحين النشيد الوطني، وتلقوا كل المعارف المعهودة لتلاميذ المدرس، إنها ازدواجية من نوع آخر على حد تعبير الوجيه اليدالي ولد محمود الذي لا يخفي إعجابه بالمدرس الذي أفنى حتى الآن عقدا من عمره في ربوع هذه القرية الوادعة التي يجل سكانها العلم ويقدرون العلماء...
الحلقة الأهم
يقول المدرس الشاب ولد محمذن إن تشجيع الساكنة واهتمامهم بالقرآن الكريم هو سر تميز المحظرة واستمرار عطائها الذي تعزز أكثر من خلال الدعم المقدم لها من جمعية البركة للعمل الاجتماعي والشيخة نوره..
وهو ما عبر أيضا عنه عمدة البلدية في كلمته خلال الحفل حيث أشار إلى أن حصة لا بأس من الشياه الموزعة مخصصة لأسر تلاميذ المحظرة الذين كانوا بحق ضيوف الشرف في هذا الحفل.
أمام خيمة الحفل تترامي الأراضي المستصلحة من المزرعة وأسوارها الممتدة، فيما تحلق أسراب الطيور لتهاجم الجزء المخصص للمشاتل القمح الذي أخرج شطأه وكاد أن يستوي على سوقه إن مرحلة فاصلة للحفاظ على السنابل وحمايتها من الطيور يعلق أحد المزارعين وهو يؤكد على حاجة المزرعة إلى المزيد من المبيدات الحشرية والآفات الزراعية التي تتهدد المزروعات قبل تبرعمها، وإلى المدافع الصوتية لإجلاء الطيور بعد ذلك..
إشكالات ومطالب
يقول شيخ المحظرة إن من التحديات المطروحة انتقال التلاميذ إلى المدن القريبة لاستكمال تعليمهم الإعدادي مما يعرض حفظهم للنسيان، ويقطع صلتهم بالمحظرة، كما يؤمد حاجة مقر المحظرة إلى الصيانة والتأهيل، وتزويدها بالألواح والمصاحف المجزأة وكذا المتون الفقهية للمبتدئين مؤكدا أن هناك تكاملا في الأدوار بينها وبين المدرسة دون أن تكون إحداهما بديلا عن الأخرى...ولعل ذلك بحق هو ما جعلها تقود قاطرة التغيير في هذه القرية الوادعة، وأن تحافظ على تقاليد المحظرة القرآنية العريقة بما في ذلك اعتماد الألواح الخشبية وحبر الفحم والصمغ وطرائق التهجي المعروفة في هذا الجزء القصي من منطقة (إيكيدي) والتي ما زالت تحتفظ بعبارات من اللغة الصنهاجية القديمة لتسهيل التهجي وسرعة استظهار أشكال الحروف الهجائية المركبة يقول المدرس الشاب ولد محمذن..















