إبراهيم بن أبتي لموقع الفكر: أريد أن تكون محاكمة الرئيس السابق ورموز عشريته نموذجا من حيث المساءلة ونموذجا من حيث المحاكمة العادلة..

قال نقيب المحامين الموريتانيين الأستاذ إبراهيم ولد أبتي إن الدولة الموريتانية ارتأت أن تشكل لفيفا من المحامين للدفاع عن ثروات الشعب الموريتاني وطلبت منه بصفته نقيبا للمحامين أن يكون رئيسا للفيف المحامين مع أن النقيب عندما يكون في لفيف يرأسه تلقائيا.

وأضاف ولد أبتي في مقابلته هذه مع موقع الفكر إنه قضا عمرا يكافح من أجل المحاكمة العادلة؛ ولذلك فإنه اليوم يسعى إلى أن تكون محاكمة الرئيس السابق ورموز عشريته نموذجا من حيث المساءلة ونموذجا من حيث المحاكمة العادلة..

وفيما يخص واقع السجون قال ولد أبت إن السجون تعاني من اختلالات من أبرزها غياب المؤسسة المسؤولة عن الرقابة والأمن والتكوين والأمر الثاني هو عدم تحويل السجن إلى مؤسسة يتعلم  فيها السجناء أو يعملون بدل أن يكون مؤسسة لتعليم الإجرام.

وأضاف ولد أبتي إن موريتانيا قد سنت ما يسمى بالرقابة القضائية وهي بديل للسجن، ولما نتخذ بعد ما يسمى بالسوار الإلكتروني الذي يحمله المراقبون قضائيا.

وبالنسبة لواقع الجريمة قال نقيب المحامين الموريتانيين  إنه لا يرى تطورا أو زيادة في الجريمة بقدر ما يلاحظ من توسع المدينة مع ترسخ نمط الحياة البدوية وغياب الحذر لدى السكان، وقد شهدنا من قبل فترة موجة شديدة من الجريمة لكنها ولله الحمد خفت ولكن يجب علينا أن نبقى يقظين..

إلى غير ذلك من المواضيع الهامة التي تطالعونها في هذا اللقاء المتميز مع الحقوقي والمحامي، نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم ولد أبتي.

 

 

موقع الفكر: حبذا لو عرفتم المشاهد على شخصكم الكريم من حيث الاسم وتاريخ ومحل الميلاد وأهم الشهادات والوظائف التي حصلتم عليها؟

 نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي :ولدت سنة 1958م بمدينة أبي تلميت، فتلقيت الدراسات الابتدائية بقرية عين السلامة قرب مدينة أبي تلميت والمرحلة الإعدادية في دكار والمرحلة الثانوية في روصو و نواكشوط وحصلت على شهادة الباكلوريا سنة 1977 ودرست القانون في جامعة دكار من سنة 1977 إلى سنة 1981 وتخرجت بشهادة المتريز  من القانون الخاص من جامعة دكار وبدأت التدرب في المحاماة سنة 1981م وافتتحت مكتبا للمحاماة بعد التدريب سنة 1983 ومنذ ذلك التاريخ وأنا أمارس هذه المهنة ولم أمارس في الحياة مهنة غيرها فمارستها  في موريتانيا وفي بعض الدول الأخرى خاصة في السنغال وفرنسا وأعتمد في الأساس على المرافعات والاستشارات وتحرير العقود وأهتم كثيرا بحقوق الإنسان.

 وأنا ناشط حقوقي وعضو في الاتحاد الدولي للمحامين وكنت عضوا في مجلس رئاسة الاتحاد الدولي للمحامين لمدة ست سنوات كما أني عضو في مجلس المؤتمر الدولي للنقابات ذات التقاليد المشتركة فمن سنة 2013م وأنا عضو في مجلس إدارته.

أما بالنسبة للمحاماة فقد شغلت منصب الأمين العام للهيئة الوطنية للمحاماة لمدة تسع سنوات منذ 1991م  إلى 1999م ثم بعد ذلك ترشحت سنة 2014 لنقابة المحامين ولم أوفق، ثم ترشحت سنة 2020 ووفقت وأصبحت نقيبا للمحامين بعد تسع وثلاثين سنة من ممارسة المهنة، وأنا أعمل من أجل إصلاح المهنة ومن أجل المساهمة في إصلاح القضاء ولدي إيمان قوي بمهنتي وبتطوير القضاء وبالعمل على أن يكون لموريتانيا قضاء قوي ومحاماة على المستوى المطلوب، وهذا يتطلب مجهودا كبيرا سواء مني أنا النقيب أو مكتب الهيئة أو المحامون الآخرون فينبغي علينا تكثيف جهودنا كي نوفق.

 

موقع الفكر: كيف لنقيب الهيئة الوطنية للمحامين الأستاذ إبراهيم بن أبتي أن يدافع عن نظام يدجن القضاء ويحوله في اتجاهات غير صحيحة لأن البعض يقول إن الرئيس ينبغي أن تحاكمه محكمة العدل السامية ما رأيكم؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: ليكن واضحا  للجميع أن النقيب والمحامي إبراهيم بن أبتي معروف وقوفه مع الجميع وتشهد بذلك المحاكم الموريتانية في الثمانينات والتسعينات وحتى إني سجنت في هذا الإطار.

 وفي سنة 2020 وقعت تطورات في موريتانيا تتسم أساسا بنهاية حكم دام لعشر سنوات والكثير من الأوساط المعارضة ـ رغم أني لا أمارس السياسة مع أني لا أتبرأ منها ولكن أحب السياسة ـ  للنظام السابق  ظلت طيلة حكمه تتكلم في جميع المنابر عن جميع أشكال الفساد وظل الأمر مجرد كلام، إلى أن أزيح النظام وفي نهاية 2019م. فتقدم مجموعة قلة من نواب المعارضة وطالبوا بتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في الفساد وكانوا قلة، واستمر النقاش حتى شهر ديسمبر وأصبح الكثيرون  يهتمون بتشكيل هذه اللجنة إلى أن تطورت فوقع عليها إجماع على مستوى كل الكتل البرلمانية، وبدأت  اللجنة تعمل طيلة ستة أشهر حول عدة ملفات وخلصت في النهاية إلى تشخيص وتصنيف أشكال من الفساد حول بيع القطع الأرضية و حول استعمال الدولة للثراء وملف الإنارة والصفقات وأعدت بهذا تقريرا نشر في نهاية 2020م.

و بما أن موريتانيا سنت في العام 2016 قانون مكافحة الفساد وهذا القانون استنساخ للاتفاقية الدولية المناهضة للفساد  فإن هذا القانون يلزم البرلمان بإحالة جرائم تم ارتكابها إلى وزارة العدل فأحيل الملف إلى وزارة العدل التي أسندت الأمر إلى النيابة العامة وبدأت النيابة العامة التحقيق عن طريق الضبطية العدلية وفي هذا الإطار ارتأت الدولة الموريتانية أن تشكل لفيفا من المحامين للدفاع عن ثروات الشعب الموريتاني وطلبت مني بصفتي نقيبا للمحامين أن أكون رئيسا للفيف المحامين مع أن النقيب عندما يكون في لفيف يرأسه تلقائيا وقبلت هذه المهمة للأسباب التالية:

-        السبب الأول أن الدولة الموريتانية طلبته مني ؛

-        السبب الثاني أن مراجعة تقارير اللجنة البرلمانية وما نتج عنها وبداية التحقيق تستحق كفاءات تعتمد هذا الطلب وتقوم باللازم من أجل تمكين الدولة الموريتانية من استعادة ما ضاع لها من حق؛ لأن الدولة الموريتانية تعتبر أنها كانت مسخرة لثراء الرئيس السابق؛

-        السبب الثالث هو أن عمل اللجنة البرلمانية ومتابعة الرئيس السابق والوزراء السابقين ورؤساء حكومات سابقة يعتبر قضية نوعية في شكلها وفي مضمونها في منطقة غرب إفريقيا والمنطقة العربية؛ فلأول مرة تجد أن رئيسا سابقا ورؤساء حكوماته موضع اتهام بالفساد وتبييض الأموال وبالثراء غير المشروع وأعتبر أنه سيكون مشرفا لأي نقيب أن يعتمد هذا الملف الأول من نوعه لأني أريد أن تكون هذه المحاكمة نموذجا من حيث المساءلة ونموذجا من حيث المحاكمة العادلة وأنا قضيت  الكثير من حياتي من أجل المحاكمة العادلة واليوم أعمل من أجلها  حتى وإن كنت أدافع عن الدولة الموريتانية فإني أحرص على الدفاع عن الدولة وفي نفس الوقت أحرص على أن تكون المحاكمة عادلة ولا أدل على ذلك من أنه عندما اشتكى محامو الرئيس محمد بن عبد العزيز من أنهم لم يتمكنوا من الاطلاع على ملف موكلهم أصدرت تصريحا وقلت فيه إنه لا يجوز منع محاميه من الحصول على ملفه؛ فهذا مبدأ مقدس.

 وإني إذ أدافع عن الدولة الموريتانية في استرجاع ما ضاع لها من حق وأموال سأكون صارما في العمل على أن تكون المحاكمة عادلة بجميع المقاييس بمعنى أن يمكن كل طرف سواء كان طرفا متهما أو طرفا مدنيا  من الحقوق التي يضمنها له القانون الموريتاني والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها موريتانيا وسنعمل من أجل ذلك ونتابع العمل حتى يتحقق ذلك وكل اتصالاتي مع النيابة العامة أو قطب التحقيق المكلف بالتحقيق  وحديثي معهم على إنما هو من أجل أن يعملوا أن تكون هذه المحاكمة محاكمة نموذجية، نموذجية من حيث مساءلة رئيس سابق ووزراء وبالمناسبة نجعلها نموذجية ومرجعية من حيث الانسجام مع النصوص الداخلية والنصوص الدولية التي صادقت عليها موريتانيا.

 

 

موقع الفكر: لوحظ مؤخرا حديث المحامي فضيلي بن الرايس حول ملف الرئيس هل يفهم من هذا أنكم لم تعودو ا رئيسا للفيف؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: أنا رئيس الفريق وكل من تحدث  إن لم يكن النقيب متحدثا أو حاضرا فذلك لا يلزم اللفيف، وما يلزم هو ما يصدر عن النقيب والدولة الموريتانية أسندت لي رئاسة هذا اللفيف وما حدث هو سحابة صيف مرت.

 

موقع الفكر: شهدت السنغال حادثا مشابها بعد سقوط عبد الله واد ومحاكمة نجله كريم واد وحده مع أنه كان معه وزراء ولكنه حوكم وحده ولذلك  لم يعترف العالم بتلك المحاكمة لشكوى كريم واد من تسييسها ألا  تخشون من نفس السيناريو؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: في موريتانيا الوضع مختلف فالرئيس السابق متابع مع وزراء سابقين وكلهم وضعوا تحت المراقبة القضائية والمراقبة القضائية طبقا للقانون الذي ينظمها تحدد شروطا، فيصدر القاضي قرارا يلزم كل متهم وضع تحت المراقبة القضائية الانسجام مع تلك الشروط وإن هو أخل بتلك الشروط فإن القانون يسمح للقاضي بسجنه، وكل الوزراء والوزراء الأول السابقين تعاونوا مع التحقيق واستجابوا لكل الشروط أما الرئيس محمد بن عبد العزيز وحسبما صدر عن ديوان التحقيق اعتمادا على التقارير المقدمة من طرف ضابط الشرطة القضائية المكلف  بالإشراف على مراقبة التزامه شروط المراقبة فإنه لم يلتزم؛ لذلك قرر القاضي ـ  والقانون يسمح له بذلك ـ  تحويل المراقبة القضائية إلى سجن وأنا لست هنا للتعليق على سجن الرئيس السابق بل أنقل ما وقع  وهو أن الرئيس السابق محمد بن عبد العزيز حدد له القاضي شروطا عليه الالتزام بها وحسب ديوان التحقيق والتقرير الذي اطلعت فإن الرئيس السابق أخل بتلك الالتزامات ولم يتقيد بها وهذا هو الذي يختلف فيه الرئيس عن الوزراء وقانون مكافحة الفساد يشجع حتى لا أقول لك إنه يكرم من يتعاون،  ومن يتعاون هو من يعطي معلومة تمكن من اكتشاف الأموال المنهوبة والتي استغلت الدولة للحصول عليها، ومن تعاون يعطيه قانون مكافحة الفساد  مكافأة ولكن القاضي هو من يقدرها وقاضي التحقيق سيقوم بالاستماع إلى جميع المتهمين وكل الشهود ومواجهة الجميع إما المتهمين فيما بينهم أو المتهمين مع الشهود أو الشهود فيما بينهم والاستماع إلى الطرف المدني ويقدم تقريرا  لقاضي الحكم الذي يقرر هل تعاون المتهم وماذا وفر؟ و ما هي المكافأة التي سأمتع بها هذا المتهم الذي تعاون وما هي المكافأة التي لا يستحق  من لم يتعاون وهذه هي الحقيقة وبالتالي أعتبر أن قضية موريتانيا المتعلقة بالرئيس السابق محمد بن عبد العزيز ووزرائه مختلفة عن ملف كريم.

فالبعض يقول إنها مسيسة وكيف ذلك التسييس ورئيس الجمهورية حدد له الدستور مهاما ومنعه منعا مطلقا من ممارسة أي نشاط أيا ذلك النشاط سواء كان نشاطا تجاريا أو مدنيا  وفي المقابل يتقاضى راتبا ضخما

 

موقع الفكر: هل يتحدث القانون الموريتاني عن تلقي الرؤساء للهدايا؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: الهدايا لها تاريخ في موريتانيا فالرئيس المختار بن داداه عندما أعطاه الملك الفيصل شيكا بخمسة ملايين دولار أعطاه لصاحب الخزينة وقال له إن المختار بن داداه إذا جلس في بيت أهل داداه فلن يعطيه أحد شيئا، والهدايا كلها بالنسبة للرؤساء هي محل شبهة. فكيف برئيس يقول في مؤتمر صحفي إنه ثري وهو لم يرث شيئا عن والديه أطال الله عمر والده وهو ضابط ترعرع في الجيش ومن المعلوم أن الضباط  في العالم ليسوا مصدرا من مصادر الثراء، و يتبجح بأنه لم يأخذ أوقية من راتبه، وفي الولايات المتحدة كل هدية تقدم للرئيس تصير إلى الخزينة العامة وأحسن طريقة للتعامل مع الهبات ما كان  يصنعه الرئيس المختار بن داداه عليه رحمة الله وهو أنه يبني بها  مؤسسات كما فعل مع المبالغ الذي أهداه فيصل ورئيس الكونغو وغيرهما.

 

موقع الفكر: لماذا لم يتحدث عنها القانون؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: القانون يلزم كل رئيس موريتاني بالتصريح بممتلكاته ومن المؤكد أن التحقيق سيبحث مسألة المقارنة ما بين المصرح بها وحقيقة الأموال وستعلن يوما نتيجة التحقيق.

موقع الفكر: هل اطلعتم على تقرير اللجنة البرلمانية؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: تلك لم تعد إلا عنصر استئناس والمرجعية هي  التحقيق الابتدائي الذي قامت به الشرطة وما نعمل عليه هو التحقيق الابتدائي الذي قامت به الضبطية العدلية تحت إشراف قطب النيابة المكلف بمكافحة الفساد واللجنة البرلمانية ما هي إلا عنصر استئناس فمن أحب أن يستأنس بها فليفعل ومن أحب أن يتركها جانبا فليفعل.

موقع الفكر: هل القضاء الموريتاني مؤهل لإصدار حكم يعيد لموريتانيا أموالها بطريقة مشرفة؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: أظن أن القضاء الموريتاني على المستوى ورجائي أن يكون كذلك، وحسبما اطلعت عليه فإن قطب النيابة المكلف بمكافحة الفساد وقطب التحقيق المكلف بمكافحة الفساد  يعملان  وسيكونان على المستوى المطلوب، وفي الوقت المناسب سيرى الجميع ما قام بها قطب التحقيق.

موقع الفكر: حتى لا نقول إن الشعب الموريتاني مستعجل ولكنه محبط وبعض الناس يقول إن ما يجري مجرد مسرحية تجري منذ سنتين ما رأيكم؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: قلت في لقاء سابق مع أحد زملائكم الإعلاميين إننا للأسف الشديد لا نستطيع أن نقول ما شاهدناه لأن القانون يمنعنا من قول حقيقة ما يجري قبل أن يصل التحقيق مداه ولكن يوم يظهر للملأ سيرتاح الناس.

موقع الفكر: متى سيظهر الملف للعلن؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: القانون يقول إن المسطرة عندما يكون فيها سجين ينبغي على القاضي أن يعجل من إجراءاته، طبعا الزمن هنا لا تقاس عجلته من عدمها بالأيام ولكنها تعد  بالشهور لوجود آلاف الصفحات التي أعدتها الضبطية العدلية ومن المؤكد أن قاضي التحقيق نظر في آلاف الصفحات ولك أن تتصور أن لديه عدة متهمين سيستجوبهم كلهم ويقيم بينهم مواجهة إن لزم الأمر ذلك.

موقع الفكر: ما رأيكم في قمع أنصار الرئيس السابق أثناء تظاهرهم للمطالبة بإطلاق سراحه؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: أرى أن لكل أحد الحق في أن يتظاهر  وأنا شخصيا أتمسك بحق التظاهر وحق التعبير وهما حقان مقدسان يجب أن نحافظ عليها.

 

موقع الفكر: بعض الناس يرى أن السجون أضحت رافدا من روافد الجريمة؛ لأن بعض القصر يدخل السجن بتهمة بسيطة وبعد فترة يتحول إلى مدمن مخدرات ما رأيكم ؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: قضية السجون ظاهرة تستوجب الكثير من العمل ويجب أن ننشئ  مؤسسة لتسيير السجون وأنا ضد تسيير السجون من طرف الحرس؛ لأنه في دول  العالم الأخرى توجد هيئة مكونة لتسيير السجون وللمراقبة الأمنية في السجون بدل قوات الأمن التي يكلف منها الحرس الوطني لتسيير السجون، والعنصر الثاني هو العمل على خلق تكوين في السجون  فبدلا من أن يدخل الشخص  السجن ويتكون على الجريمة يجب أن نبحث له عن طريقة يتكون بها وذلك إما بممارسة عمل أو تعلم علم، ولا بد من مؤسسة تقوم بهذا الأمر .

 والمسألة الأهم أن يكون للسجون نظام جيد من حيث الرقابة والتكوين والحد مما يسمى بالحبس الاحتياطي حتى يقل ما أمكن، و لو تطلب الأمر ألا يعتقل أصحاب الجرائم البسيطة ويحالوا مباشرة إلى المحاكمة فإما أن يسجنهم القاضي أو يطلق سراحهم.

 

موقع الفكر: إلام ترجعون واقع السجون هل هو  انعدام الرؤية   أم ضعف الحكامة أم ماذا؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: أظن أن إدارة السجون إدارة نشطة وتفهم دورها ولكن الخلل في الأساس يرجع إلى ما قلته سابقا من غياب المؤسسة المسؤولة عن الرقابة والأمن والتكوين والأمر الثاني هو عدم تحويل السجن إلى مؤسسة يتعلم  فيها السجناء أو يعملون بدل أن يكون مؤسسة لتعليم الإجرام وإذا ركزنا على هذه الأمور يمكن أن تتحسن وضعية السجناء.

وموريتانيا أنجزت ما يسمى بالرقابة القضائية وهي بديل للسجن ولما نتخذ بعد ما يسمى بالسوار الإلكتروني الذي يحمله المراقبون قضائيا.

 

موقع الفكر: هل ترون أن وضعية القضاء حاليا وضعية صحيحة؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي:  القضاء يحتاج إلى إصلاح عميق يتركز في الأساس على الحاجة في التركيز على التكوين سواء كان على مستوى القضاة أو المحامين أو كتاب الضبط وتبادل التجارب والتفرغ للعمل القضائي وهذه المسائل أساسية لأن القضايا في موريتانيا قضايا بسيط ولدينا الكثير من القضاة ولكن تسيير المصادر البشرية تسيير سيئ فالوزارة تحتاج إلى تحسين استغلال المصادر؛ حتى نتخلص من بعض مظاهر التسيير غير المعقلن مثل أنك تجد قاضيا له تجربة كبيرة بميدان معين ومع ذلك يرسل إلى ميدان آخر لا علاقة له به فتجد قاضيا جزائيا يبعث قاضيا مدنيا وغير هذا من الأمثلة كثير. لذلك فالتكوين هو الأول بالنسبة إلي والتكوين تكوينان تكوين  داخلي وتكوين خارجي بتبادل التجارب مع الآخرين لأننا نعرف أن العالم أصبح قرية واحدة وليكن التكوين عبر ابتعاث القضاة إلى السنغاليين والتونسيين والمغاربة حتى نعرف كيف يسيروا  محاكمهم ولذلك فالتكوين قبل كل شيء.

 والمسألة الثانية هي التفرغ للعمل القضائي والجدية في العمل،  فتحرير الأحكام فيه نقص كبير وأظن أن ما ينقص موريتانيا التكوين لأن لديها قضاة خيرين ولديها قضاة دون ذلك المستوى والجيدون سيزدادون جودة وغير الجيدين سيتفيدون من الآخرين لكي يتمكنوا من السير مع الركب ويجب ألا نبقى مكتوفي الأيدي ينظر بعضنا إلى بعض.

موقع الفكر: هل ترون من خلال تجربتكم الطويلة أن الجريمة زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة عن المستويات السابقة أم إن الأمر مجرد إثارة إعلامية؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: في حقيقة الأمر المدينة توسعت  وما زال مترسخا فينا نمط الحياة البدوية وقلة الحذر ويجب أن ينتبه الموريتانيون إلى أنهم لم يعودوا كما كانوا مجموعة من البداة القاطنين  في مناطق نائية فيجب أن نعتمد الحذر وألا يترك المرء بيته دون تأمين وألا يتنقل في أوقات أو أماكن فيها خطر وإذا نظرت إلى المقاطعات التي تتكاثر فيها الجريمة تجدها مقاطعات الميناء ودار النعيم وتوجنين والسبخة وهذه المقاطعات فيها تراكم سكاني ضخم ولذلك يجب علينا أن ننتقل من نمط حياة البادية إلى حياة المدينة وأن نعطي عناية أكبر للشرطة؛ فإنشاء جهاز أمن الطرق بالتوازي مع جهاز الشرطة كأنه وضع الشرطة على الهامش ولذلك ينبغي علينا أن نعيد لها الاعتبار ونمكنها من الوسائل ويجب أن يعي المواطن أنه أصبح من سكان الحضر وأن يحافظ على أمنه.

وقد شهدنا من قبل فترة موجة شديدة من الجريمة لكنها ولله الحمد خفت ولكن يجب علينا أن نبقى يقظين.

 

موقع الفكر: ما موقفكم من تقنين النشر عبر الوسائط الإلكترونية؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: ما يهمني هو أن يكون الصحفي في مأمن من السجن لأن حرية الصحافة هي منبع حرية التعبير ومن ضيقها فقد خنق وقضى على حرية التعبير، ويجب أن يعمل الصحفي على نشر الخبر والتأكد من معلوماته ويجب أن توفر له المعلومة؛ لأن الصحافة في موريتانيا تواجه مشكلة كبيرة في الحصول على المعلومات، ويجب علينا على الأقل أن نجنبهم المتابعة والمساءلة.

 

موقع الفكر :هل صحيح ما يقال عن قانون النوع من مخالفة الشريعة الإسلامية؟

النقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: أرى أن قانون النوع به مواد تخالف الشريعة الإسلامية ويجب علينا أن نجعله ينسجم مع الشريعة الإسلامية لأن هنالك بعض الاتفاقيات  الدولية التي صادقت عليها موريتانيا وتحفظت على بعض المواد التي تخالف الشريعة الإسلامية ويجب أن نعيد قراءته بصورة تنسجم مع ضرورة حماية المرأة لكن في إطار اخترام القواعد الشرعية.

 

موقع الفكر: كيف ترون مهنة المحاماة بين الأمس واليوم؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: مهنة المحاماة مهنة جديدة على موريتانيا ولك أن تتصور أن عمرها في هذه البلاد أربعون سنة فقط وأول وجود للهيئة الوطنية للمحامين كان في عام 1980م وهي مهنة جديدة على موريتانيا وكان الأجانب هم من يقوم بها وحتى في مرحلة السبعينيات كان المحامون السينغاليون هم من يترافع أمام المحاكم الموريتانية ولذلك هي جديدة وشيئا فشيئا كثر المحامون فلدينا حاليا ثلاث مائة وأربعون محاميا وكان جيلنا في الثمانينات يتراوح ما بين 10 إلى 15 محاميا وإذا لم نبذل جهدا كبيرا في التكوين من أجل العمل ومن أجل التفرغ للمهنة لكي تكون موجودة والمحاماة اليوم تتطلب الكثير من العمل الذي لا يمكن لنقيب المحامين ولا مجلس المحامين وحدهما القيام به بل لا بد أن يقتنع المحامون بأنهم يجب عليهم أن يصلحوا مهنتهم ويجعلوا حاجزا بينهم مع القضاة، فأنا من الناس الذين لا يحبون الاصطدام مع القضاة فأعمل مع القضاة ولكنني أعلم أنهم قضاة وأنا محام وبصفتي نقيبا فإني أحب أن ينظر المحامون بكثير من الجدية إلى تكوينهم وعملهم وعلاقاتهم مع القضاة وعلاقاتهم مع زبنائهم وهذا يتطلب ثورة كبيرة.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: بالنسبة للتعليم في موريتانيا أظن أنه يتطلب وقفة لمعرفة الأسباب التي جعلته يتدنى بشكل لا مثيل له في كل المنطقة وكل التعليم سواء كان ابتدائيا أم إعداديا أو ثانويا أو جامعيا هو تعليم رديء من حيث الأداء وأظن أنه من المسائل الأساسية  التي لا بد من توفيرها  إعطاء الوسائل فالمعلم لا بد أن يعطى ما يمكنه من أداء رسالته. والمسألة الثانية هي تفرغ الناس لتدريس أبنائهم ولك أن تتصور أن الإطار يبذل جميع الجهود لتدريس ابنه فما بالك بالفلاح والمزارع والعامل الأمي، ولقد درست في زمن كان فيه ابن الغني وابن  الفلاح  متساويين ولم يكن بينهما فرق في الدراسة  واليوم يجب أن نقوم  بوقفة أساسية لإصلاح التعليم الأساسي لكي نستطيع أن نتقدم إلى الأعلى فإذا كان التعليم الابتدائي رديئا فأشد منه رداءة التعليم الجامعي.

 وحسب معلوماتي فإنهم أنشأوا لجنة لإصلاح التعليم وهذا يتطلب تشاور الجميع حول التعليم لوضع المعالم الأساسية التي يمكن من خلالها أن نصلح التعليم سواء كان التعليم الابتدائي أو الإعدادي والثانوي وأعتقد أنه ينبغي أن نقضي على مدارس الامتياز لأنها تأخذ الطلاب جيدي المستوى وتعزلهم عن بقية الطلاب المتوسطين والطلاب الأضعف مستوى، ويحتاج التعليم كما قلت سلفا إلى وقفة وأن يتفرغ المعلمون سواء كانوا في مرحلة التعليم الابتدائي أو التعليم الثانوي أو الجامعي أن يتفرغوا لعملهم وأظن أنه يجب على آباء وأمهات التلاميذ أن يساعدوا في تأطير منظمات وأمهات التلاميذ لكي يستطيعوا المساهمة في إصلاح التعليم، فالتعليم فاسد بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهذا محل  إجماع  من كل الناس.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

نقيب الهيئة الوطنية للمحامين إبراهيم بن أبتي: أملي هو أن نحول موريتانيا إلى جنينات باعتماد احترام المال العام وجعله خدمة لنمو موريتانيا تعليما وصحة وعدالة وإذا صلحت هذه القطاعات الثلاثة فقد صلح كل شيء.