موريتانيا تتسلم طائرات درون فرنسية من طراز "ميلتون" لتعزيز مراقبة حدودها

في خطوة تعكس رغبة موريتانيا في تنويع مصادر تسليحها وتعزيز قدراتها في مجال الاستطلاع، تسلّمت مؤخرًا القوات المسلحة الموريتانية مجموعة من الطائرات دون طيار للمراقبة بعيدة المدى من إنتاج الشركة الفرنسية "ميلتون إنوفيشن". ويأتي هذا الاستحواذ بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي، بهدف سد الفجوة التقنية في مراقبة المناطق الحدودية الوعرة وضمان تكامل هذه الطائرات مع الأنظمة الاستطلاعية الاستراتيجية التي سبق أن اقتنتها نواكشوط.

مرونة تكتيكية في بيئات صعبة
تشير المعلومات التقنية المتوفرة إلى أن طائرات "ميلتون" تصنّف ضمن الطائرات الخفيفة التكتيكية المخصصة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع (ISR). وتتميز بوزن أقل من 6 كيلوجرامات عند الإقلاع وبهيكل قوي يمنحها حماية ميكانيكية ومقاومة للظروف المناخية القاسية في منطقة الساحل، مثل العواصف الرملية وارتفاع درجات الحرارة.

أبرز ميزات هذا النظام هي القدرة على الإقلاع والهبوط العمودي (VTOL)، ما يمنح الوحدات الميدانية مرونة كبيرة في العمليات، إذ لا تحتاج إلى مدارج مجهزة ويمكن نشرها من مساحات محدودة أو نقاط مراقبة معزولة. وتصل مدة التشغيل إلى ثلاث ساعات ونصف، مع مدى يصل إلى 80 كيلومترًا وسرعة قصوى تبلغ 100 كيلومتر في الساعة.

أما الحمولة فتشمل حساسات بصرية عالية الدقة وكاميرات حرارية للرصد الليلي، إضافة إلى قدرات على تتبع الإشارات الراديوية (SIGINT)، ما يتيح مراقبة الاتصالات في المناطق التي تنشط فيها شبكات التهريب والجماعات المسلحة.

بين المهام التكتيكية والاستراتيجية
لا يمكن النظر إلى هذه الصفقة بمعزل عن تحديثات الترسانة الموريتانية الأخيرة. ففي يونيو 2024، اقتنت موريتانيا ست طائرات دون طيار صينية من طراز BZK-005 "تشانغ يينغ" (MALE – متوسطة الارتفاع وطويلة المدى). ويعكس هذا التوجه سعي الجيش الموريتاني لإنشاء نظام مراقبة متعدد المستويات:
+المستوى الاستراتيجي: تتولى الطائرات الصينية مهام الرصد على نطاق واسع والمراقبة على ارتفاعات عالية ولفترات طويلة.
+المستوى التكتيكي: تُستخدم الطائرات الفرنسية لتزويد القوات البرية والوحدات الخاصة بالمعلومات عن الأهداف القريبة، أو للعمل في مناطق يصعب على الطائرات الكبيرة الوصول إليها، بالإضافة إلى المراقبة الساحلية لمكافحة الصيد غير القانوني.

السياق الإقليمي والدعم الأوروبي
تأتي هذه العملية ضمن برنامج أمني يموله الاتحاد الأوروبي بقيمة تقارب 40 مليون يورو. ولا يقتصر البرنامج على موريتانيا فحسب، بل يشمل أيضًا تشاد، التي تسلّمت طائرات مشابهة لدعم القوة متعددة الجنسيات في حوض بحيرة تشاد.

تمثل هذه الخطوة حضورًا تقنيًا لفرنسا في أنظمة الدفاع في منطقة الساحل من خلال حلول منخفضة التكلفة وسريعة النشر، مع التركيز على "تطوير القدرات المحلية" بدلًا من التدخل المباشر.

أهمية الطائرات الخفيفة في الميدان
تشكل طائرات "ميلتون" إضافة استراتيجية لحرس الحدود وخدمات الاستخبارات في موريتانيا. ورغم محدودية قدرتها على حمل الأسلحة مقارنة بالطائرات المسلحة، إلا أن قيمتها الكبرى تكمن في توفير معرفة فورية بالموقف للقادة الميدانيين، وقدرتها على العمل في بيئات صعبة من الناحية اللوجستية، وهو أمر أساسي للسيطرة على الحدود الشاسعة ومواجهة التهديدات غير التقليدية في مناطق الساحل والصحراء.

رابط المقال:
https://www.defensa.com/africa-asia-pacifico/mauritania-recibe-drones-mi...