
تضمّنت نتائج اجتماع مجلس الوزراء يوم (17 ديسمبر 2025)، بيانا( البيان رقم 41-2025)، يُقدّم تحليلا تشخيصيا لقطاع الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي؛ حيث صرّحت الحكومة من خلاله أنها تسعى إلى" إجراء تقييم تحليلي ونقدي للوضع الحالي للقطاع، مع التعرف بشكل شامل على نقاط القوة البنيوية ونقاط الضعف التشغيلية، والعوامل التنظيمية التي تعيق الأداء الكامل للوزارة"، وأشفع البيان بهذا الإجراء رزمةً من التوصيات وُصِفت بأنها "عمليّة" وبأنها" استراتيجية لحكومة القطاع، تدور حول المرتكزات التالية:
- مهام ومسؤوليات القطاع؛
- أداء القطاع؛
- تنظيم الحج؛
- الهيكل التنظيمي للوزارة."
غير أن ما يشدُّ الانتباه؛ مما ليس مألوفا في سعي الحكومة لتغيير هياكل القطاعات الوزارية، هو ربطُ التغيير بمصطلح "خارطة الطريق"، الدالّ على تغيير بنيوي في فلسفة الدولة تجاه هذه الوزارة التي هي عنوان الشؤون الدينية الرسمي بالبلد، كما أن ربط هذا التوجه بمسألة تحويل القطاع إلى فاعل حقيقي في التنمية الشاملة ومقاربته في ضوء قضايا كالهُوية وأدبيات التنمية الحديثة البشرية أو المستدامة، كل ذلك قد يكون مثار استغراب واستفهام حول الدواعي والدوافع لتخصيص هدا القطاع من بين باقي القطاعات؟
وورد في البيان أيضا أن الحكومة تتطلع لأن يكون القطاع " رافعة للأمن الروحي"- على حد تعبير البيان- وهو قولٌ غير مفهوم بهذه الألفاظ بالذات، وإيرادٌ لتركيبٍ دخيل ما عهِدناه، يستدعي الحيطة والحذر بشأن مآلات هذا التشخيص، والوقوف بحزم عند كل صغيرة وكبيرة في خارطة الطريق المُزمَعة!
1- يمكن للحكومة بجرّة قلم، عبر مرسوم يُوّقِّعُه الوزير الأول، أن تصدر مرسوما يُغيّر من هياكل ومهام النشاط الإداري ومن تراتُبِيّة بعض المصالح أو من تقليص بعض الوظائف أو من إنشاء أقطاب إدارية لم تكن موجودة...، ويتم ذلك كله وفق مقتضيات وترتيبات الرسوم 075- 93 الضابط للهيكل الإداري المركزي للدولة.
لكنّ الأمرَ لن يكون كذلك لو تعلّق الأمر بخارطة طريق يرادُ لها أن تُحدث تغييرا- على حد قولهم- في قطاع وزاري هو واجهة ومُسَمّى الإشراف على ضبط بعض الخُطط الدينية(التوجيه الإسلامي/المساجد/ الحج/ مواكبة رمضان/ الأوقاف/ سفارة التوجيه والتعليم في الخارج....)، حيث يحتاج الأمر روِيّة على مستوى النظر الأوّلي للحكومة، ويتطلّب قياسَ كل تغيير ، نظرا لخطورة العفوية والارتجال بما قد يتصل أو يلامس حدود مرجعيتنا وهُويتنا وثوابتنا، ، ثم عرض كل تغيير هيكلي بنيوي في مسار هذا القطاع لا يمسُّ الثوابت والمقدّسات، من طرائق العمل ونطاقات التدخل، على علماء الأمة البلد وذوي الرأي، وما كان مقبولا وصائبا من ذلك يُعرضُ على نواب الأمة لإقراره وتمحيصه من شوائب المساس أو الحوم حول الثوابت، أو ما يشوّش على المنهج السليم الفطري الذي عاش عليه هذا المجتمع.
إن المفاهيم الواردة في هذا البيان تشي بمستجدات جذرية، لم تعرف حدودَها ولا أبعادَها؛ ولكنّأكثر التوقعات تضعها في خانة تفعيل القطاع وهو ما يمثل عامل اطمئنان ريثما تظهر معالم هذا التوجه.
وتتوالى أخبار عن نية الحكومة رفع الجاهزية ليساهم القطاع في بلورة بعض الحلول للمشاكل المصطنعة والتي تعكر صفو الوحدة الوطنية، ويرى البعض أن القطاع ليس في مقدوره أن يكون دزاء من الحل بوضعه الحالي، إذ ليس من يتربع في الإمامة بالضرورة مؤهلا، وليس من يتصدر للفتوى عالما قادرا على أن يصنع الحل ويضطلع بدور ريادي في لملمة ما أثآه سوء الحكامة والفساد.
من هنا فسنحتاج لبعض الترتيبات القوية التي يحتاجها القطاع للخروج من دائرة الشك والضعف إلى مسار القوة واليقين.
فالقطاع لا يختلف اثنان على احتضانه لصراع لوبيٍّ قديم متأصّل فيه، وعلى أنه لا يخلو منذ فترة طويلة من تجاذب أجنحة متصارعة في الظل، ولم يسلم من حديث متردد عن شبهة الفساد، لذلك فبَيانُ الحكومة من وَجْهٍ وجيهٌ إذ أن هناك محاور واضحة المعنى ويحتاجها القطاع من حيث مراجعة الهياكل وتقييم الأداء وتنظيم الحج...، وأن تكون خارطة التحويل المذكورة آلية للترشيد والتسديد .














